للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ وَلِيدَةً وَلَهَا زَوْجٌ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَهْدَى لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ جَارِيَةً وَلَهَا زَوْجٌ ابْتَاعَهَا بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ عُثْمَانُ لَا أَقْرَبُهَا حَتَّى يُفَارِقَهَا زَوْجُهَا فَأَرْضَى ابْنُ عُمَرَ زَوْجَهَا فَفَارَقَهَا)

ــ

[المنتقى]

[النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ وَلِيدَةً وَلَهَا زَوْجٌ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لَا أَقْرَبُهَا حَتَّى يُفَارِقَهَا زَوْجُهَا يُرِيدُ أَنَّ اسْتِبَاحَةَ الْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ مُقَدَّمٌ عَلَى اسْتِبَاحَتِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مَقْصُودُ النِّكَاحِ وَمُقْتَضَاهُ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ عَلَى مَنْ لَا يُسْتَبَاحُ وَطْؤُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ مِلْكُ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْوَطْءَ مَقْصُودُهُ، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَلِذَلِكَ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ لَهَا زَوْجٌ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَلَكَ بِاسْتِبَاحَةِ بُضْعِهَا فَحَرُمَتْ عَلَى السَّيِّدِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ابْتَاعَهَا بِالْبَصْرَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنَّمَا ابْتَاعَهَا ذَاتَ زَوْجٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ ذَاتَ زَوْجٍ حِينَ الْهَدِيَّةِ وَأَنَّهَا حِينَ الْبَيْعِ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ غَيْرَ أَنَّ اللَّفْظَ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَظْهَرُ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ إلَّا مَا يَرْوُونَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقٌ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَأَرْضَى ابْنُ عُمَرَ زَوْجَهَا فَفَارَقَهَا يَقْتَضِي أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُ فَسْخَ نِكَاحِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ مَلَكَ بُضْعَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْعَاقِدَ أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ بِمُفَارَقَةِ الزَّوْجِ لَهَا أَنْ يَسْتَبِيحَهَا عُثْمَانُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ مُفَارَقَةِ الزَّوْجِ لَهَا وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ فَأَرْضَاهُ بِمَالٍ أَعْطَاهُ إيَّاهُ أَوْ غَيْرَهُ عَلَى أَنْ فَارَقَهَا؛ لِأَنَّ عِصْمَةَ الزَّوْجِ لَا تَزُولُ عَنْهَا إلَّا بِوَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ نَوْعٍ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِدَّةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ إلَّا أَنَّنَا نَذْكُرُ مِنْهُ هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِبْرَاءِ الَّذِي يُبِيحُهَا لِلسَّيِّدِ، وَذَلِكَ أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ فِي وَفَاةِ زَوْجِهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ تَتَخَلَّلُهَا حَيْضَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ السَّيِّدِ الْمُبْتَاعِ لَهَا مِنْ أَوَّلِ الْعِدَّةِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا، وَإِنْ اشْتَرَاهَا فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ فَاسْتِبْرَاؤُهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ الْحَيْضَةُ أَوْ انْقِضَاءُ الْأَيَّامِ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَكَانَتْ بَرَاءَتُهَا فِي حَقِّهِ الْحَيْضُ أَوْ بَدَلُهُ لِمَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَذَلِكَ لِمَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ أَوْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي ذَلِكَ وَيُعْتَدُّ بِهِمَا مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَيَدْخُلُ فِيهِمَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ بَاعَهَا غَيْرُ زَوْجِهَا أَوْ يَكُونَ بَاعَهَا زَوْجُهَا، فَإِنْ كَانَ بَاعَهَا غَيْرُ زَوْجِهَا، وَقَدْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ، فَإِنْ كَانَتْ بَقِيَتْ جَمِيعُ عِدَّتِهَا وَهِيَ حَيْضَتَانِ فَلَا يَسْتَبِيحُهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا حَتَّى تَحِيضُهُمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَتْ بَقِيَتْ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ اسْتَبَاحَهَا السَّيِّدُ بِوُجُودِهَا؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَمَامُ عِدَّةِ الزَّوْجِ وَاسْتِبْرَاءُ الْمُشْتَرِي.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الزَّوْجُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ أَصَابَهَا بِمِلْكِ النِّكَاحِ أَوَّلًا أَوْ لَمْ يُصِبْهَا، فَإِنْ كَانَ أَصَابَهَا بِمِلْكِ النِّكَاحِ ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَالْعِدَّةُ فِيهَا مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ بِعَقْدِ الشِّرَاءِ وَكَمْ عِدَّتُهَا؟ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَتَانِ وَرُوِيَ عَنْهُ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمِلْكِ يُؤَثِّرُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِصَابَةِ، وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَيُزِيلُ حُكْمُهُ الْإِصَابَةَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا إنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَتَانِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ الزَّوْجِ اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ الْحَيْضَتَيْنِ أَوْ بَعْدَ مَا حَاضَتْ إحْدَاهُمَا فَفِي الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ مَا يَنْقَضِي بِهِ اسْتِبْرَاؤُهُ لَهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَصَابَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، ثُمَّ بَاعَهَا فَقَدْ بَطَلَ حُكْمُ النِّكَاحِ وَصَارَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْإِمَاءِ الِاسْتِبْرَاءُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا وَضْعُ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ يَكْمُلُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>