للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا» )

ــ

[المنتقى]

لِبَقَاءِ أَصْلِهِ فَإِنْ كَانَ يَتَمَيَّزُ كُلُّ بَطْنٍ مِنْ الْآخَرِ وَيَتَّصِلُ فَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ بِعَدَدِ الْبُطُونِ وَإِنْ كَانَ يَتَّصِلُ وَلَا يَتَمَيَّزُ فَمَعْنَاهُ أَنْ يَتَقَدَّرَ بِالزَّمَنِ كَالْمِيَاهِ وَأَلْبَانِ الْغَنَمِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْجُمَّيْزُ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَ نَبَاتُهُ مُتَّصِلًا فَهُوَ مِثْلُ الْمَقَاثِي وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا فَقَالَ مَالِكٌ لَا خَيْرَ فِيهِ وَالسِّدْرُ كَذَلِكَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ بَطْنٍ يَنْفَصِلُ مِمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بِبَطْنٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَتْ بُطُونُهَا مُتَّصِلَةً فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَقَاثِي فِي جَوَازِ بَيْعِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَعَ مَا ظَهَرَ وَيُقَدَّرُ مَا يُبَاعُ مِنْهُ بِالزَّمَانِ فَأَمَّا أَنْ يُبَاعَ إلَى ثَمَرَةِ الْأَصْلِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمَقَاثِي.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا مَا لَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ كَالْقِثَّاءِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ بُطُونُهَا مُقَدَّرَةً؛ لِأَنَّهَا لَا يَصِحُّ أَنْ تَتَقَدَّرَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَقَدَّرَ بِالزَّمَنِ؛ لِأَنَّ انْقِضَاءَ أَمْرِهِ يَقْرُبُ وَهُوَ أَبْيَنُ فِيمَا يُقَارِبُهُ وَوَجْهٌ آخَرُ عَلَّلَ بِهِ أَصْحَابُنَا وَهُوَ أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ بِالْبَرْدِ وَيُتَعَجَّلُ بِالْحَرِّ فَيَدْخُلُهُ الْغَرَرُ وَالْجَهْلُ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَرَادَ الْمُبْتَاعُ تَبْقِيَةَ الْأَصْلِ وَطَالَبَهُ الْبَائِعُ بِقَلْعِهَا رُجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى عُرْفِ الْجِهَةِ وَمَا جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِهِ فَحَمَلُوا عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَوْقِيتٌ بِشَهْرٍ وَلَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا بِمُدَّةٍ مَحْصُورَةٍ مِنْ الزَّمَانِ كَالثَّمَرَةِ تُشْتَرَى بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِي بَقَائِهَا فِي أَشْجَارِهَا إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَلَا يُتَوَقَّتُ بِمُدَّةٍ مِنْ الزَّمَانِ مُقَدَّرَةٍ؛ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ وَالتَّأْخِيرَ يَدْخُلُهَا بِإِفْرَاطِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَلِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارٌ مَعْرُوفٌ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ وَرُبَّمَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ وَقُطِعَتْ ثَمَرَتُهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْ الَّذِي ابْتَاعَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا بِيعَ مِنْ هَذِهِ الْمَقَاثِي عِنْدَ النَّاسِ أَوْقَاتًا مُعْتَادَةً إذَا سَلِمَتْ يَنْتَهِي إلَيْهَا وَتَدُومُ ثَمَرَتُهَا طُولَ مُدَّتِهَا عَلَى حَسَبِ مَا عَرَفُوهُ وَاعْتَادُوهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ بَلَغَتْهَا الثَّمَرَةُ وَاتَّصَلَتْ إلَيْهَا فَقَدْ سَلِمَ الْمَبِيعُ لِلْمُبْتَاعِ وَوَجَبَ لِلْبَائِعِ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْ ذَلِكَ الثَّمَرَةُ وَانْقَطَعَتْ قَبْلَ الْمَعْرُوفِ مِنْ وَقْتِهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِعَاهَةٍ فَلَمْ تَسْلَمْ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ إلَى مَنْ ابْتَاعَهَا فَيُوضَعُ ذَلِكَ عَنْ الْمُبْتَاعِ إذَا بَلَغَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ.

وَسَنَذْكُرُ هَذَا مُسْتَقْصًى فِي الْجَوَائِحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَلْزَمُنَا عَلَى مَا أَصَّلْنَاهُ أَنْ يُقَالَ لَوْ كَانَ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلثَّمَرَةِ لَمَا كَانَتْ فِيهِ جَائِحَةٌ كَالثَّمَرَةِ إذَا بِيعَتْ مَعَ أَصْلِ النَّخْلِ؛ لِأَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ رَوَى عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ مَا عَظُمَ ثَمَنُهُ مِنْ الثَّمَرَةِ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ يُقْصَرُ الثَّمَنُ عَلَى الثَّمَرَةِ وَالْأَصْلِ فَتُوضَعُ الْجَائِحَةُ؛ لِأَنَّهُ زِيدَ فِي الثَّمَنِ مِنْ أَجْلِهَا فَكَيْفَ بِثَمَرَةِ الْمَقَاثِي وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَوْ سَلَّمْنَا عَلَى قَوْلِ سَائِرِ أَصْحَابِنَا فِي النَّخْلِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الْفُولِ وَالْجُلْبَانِ مَا بِيعَ مِنْهَا أَخْضَرَ فَلَا تُوضَعُ فِيهِ جَائِحَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ الثُّلُثَ وَيُرَدُّ إلَى أَصْلِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجُلْبَانَ الْأَخْضَرَ لَا يُجْتَنَى إلَّا بِأَصْلِهِ.

[مَا جَاءَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ وَفِيهِ أَبْوَاب]

(ش) : قَوْلُهُ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا» مُطْلَقُ الرُّخْصَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ يَقْتَضِي أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ الْجُمْلَةِ الْمَحْظُورَةِ بِالْإِبَاحَةِ وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْقِيَاسَ عَلَيْهِ وَجَعَلُوا لَهُ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الرُّخْصَةِ عَلَيْهِ حُكْمًا مُفْرَدًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَدَّى إلَى غَيْرِهِ حَتَّى أَنَّهُمْ يُسَمُّونَ بِذَلِكَ كُلَّ حُكْمٍ لَا يُعَدُّونَهُ وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ وَالصَّوَابُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى عِلَّةِ ذَلِكَ الْحُكْمِ الَّذِي عُلِّقَ عَلَيْهَا فِي الشَّرْعِ فَإِنْ كَانَتْ عِلَّتُهُ وَاقِعَةً قُصِرَ الْحُكْمُ عَلَى مَوْضِعِهَا وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>