للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْجِدَادِ وَالرَّابِعُ أَنْ تَكُونَ مِنْ صِنْفِهَا فَأَمَّا مَا اشْتِرَاطُهُ الْإِزْهَاءُ فَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» ، وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ تَكُونَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَدْنَى فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنْ يُعْطِيَهُ خَرْصَهَا عِنْدَ الْجِدَادِ فَهُوَ عِنْدَنَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَعْجِيلُ الْعِوَضِ تَمْرًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الْخَرْصَ تَمْرًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَتَقَابَضَا وَوَجْهُ الْخَرْصِ عِنْدَنَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا فِي النَّخْلِ الْمُعْرَاةِ مِنْ الثَّمَرَةِ فَيُقَدِّرَ ثُمَّ يَنْظُرَ إلَى مَا يُخْرِجُ مِثْلِ تِلْكَ الْمَكِيلَةِ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّمْرِ فِي جَوْدَتِهِ أَوْ رَدَاءَتِهِ مِنْ التَّمْرِ الْيَابِسِ فَيَكُونُ الْمُعْرَى إلَى الْجِذَاذِ، فَالْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي ثَلَاثَةِ فُصُولٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَنَا تَأْخِيرُ التَّمْرِ إلَى الْجِدَادِ وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ التَّفَرُّقِ، وَالْفَصْلُ الثَّانِي أَنَّ اسْمَ الْعَرِيَّةِ وَاقِعٌ عَلَى النَّخْلَةِ الْمَوْهُوبِ ثَمَرَتُهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْعَرِيَّةُ اسْمٌ لِلْبَيْعِ، وَالْفَصْلُ الثَّالِثُ أَنَّ جَوَازَ بَيْعِهَا يَخْتَصُّ بِالْمُعْرِي وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى الْفَصْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا مَعْنًى وَرَدَ الشَّرْعُ بِخَرْصِهِ فَكَانَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ يَتَأَجَّلَ بِالْخَرْصِ مِنْهُ تَمْرًا إلَى الْجِدَادِ كَالزَّكَاةِ.

(فَرْعً) فَإِذَا أَرَادَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ تَعْجِيلَ الْخَرْصِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ سَلِمَ مِنْ الْفَسَادِ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ فَجَازَ ذَلِكَ عَلَى الطَّوْعِ كَنَقْدِ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَتَعْجِيلِ السَّلَمِ بِإِثْرِ الْعَقْدِ.

(فَصْلٌ) :

وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْفَصْلِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ الْعَرِيَّةَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى النَّخْلَةِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي ذَلِكَ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ الْعَرَايَا نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوهَا فَرُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاءُوا مِنْ التَّمْرِ وَقَالَ الشَّاعِرُ

لَيْسَتْ بِسَنْهَاءَ وَلَا رَجَبِيَّةَ ... وَلَكِنْ عَرَايَا فِي السِّنِينَ الْجَوَائِحِ

يَمْدَحُ نَفْسَهُ بِأَنْ يَهَبَ ثَمَرَتَهَا فِي أَوْقَاتِ الْجَوَائِحِ وَلَا يَمْدَحُ نَفْسَهُ بِبَيْعِ ثَمَرَتِهَا حِينَئِذٍ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَكِنْ أُرْخِصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا فَفِي هَذَا أَدِلَّةٌ أَحَدُهَا أَنَّهُ قَالَ: أُرْخِصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أُرْخِصَ لِصَاحِبِ الْبَيْعِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا وَالثَّانِي أَنَّهُ قَالَ بِخَرْصِهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعَيْبَ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا خَرْصَ لَهُ وَلَا يُخْرَصُ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ إنَّمَا تَنْطَلِقُ عَلَى الْأَعْيَانِ دُونَ الْأَفْعَالِ فَيُقَالُ صَاحِبُ الشَّجَرَةِ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ وَصَاحِبُ الثَّمَرَةِ وَلَا يُقَالُ صَاحِبُ الْقِيَامِ وَإِنَّمَا جَرَى عُرْفُ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ أَنْ يُقَالَ لَهُ الْقَائِمُ وَوَجْهٌ رَابِعٌ أَنَّهُ قَالَ أُرْخِصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِأَنَّهُ صَاحِبُ الْعَرِيَّةِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَرِيَّةَ غَيْرُ الْبَيْعِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ] ١

َ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَارَتْ إلَيْهِ ثَمَرَةُ الْحَائِطِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ لَهُ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ بِمِثْلِ مَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُعْرِي لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ مَضَرَّةِ الشَّرِكَةِ بِدُخُولِ الْمُعْرِي وَخُرُوجِهِ كَمَا يَلْحَقُ الْمُعْرِي وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَعْرُوفِ فَيَتَحَمَّلُ الْمُشْتَرِي الْعَمَلَ وَالْمُؤْنَةُ عَلَى الْمُعْرَى كَمَا يَتَحَمَّلُهَا الْمُعْرِي وَيَجْرِي فِي ذَلِكَ مَجْرَى الزَّكَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ صَارَتْ إلَيْهِ الْعَرِيَّةُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَحُكْمُهُ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا مِمَّنْ لَهُ ثَمَرَةُ الْحَائِطِ حُكْمُ الْمُعْرِي لِلْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ قَبْلَ هَذَا وَلَا يَجُوزُ التَّبَايُعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>