للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا تُبَاعُ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ يَتَحَرَّى ذَلِكَ وَيُخْرَصُ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ وَلَيْسَتْ لَهُ مَكِيلَةٌ وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أُنْزِلَ بِمَنْزِلَةِ التَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَلَوْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْبُيُوعِ مَا أَشْرَكَ أَحَدٌ أَحَدًا فِي الطَّعَامِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَلَا أَقَالَهُ مِنْهُ وَلَا وَلَّاهُ أَحَدًا حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ) .

الْجَائِحَةُ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ «ابْتَاعَ رَجُلٌ ثَمَرَ حَائِطٍ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَالَجَهُ وَقَامَ فِيهِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ النُّقْصَانُ فَسَأَلَ رَبَّ الْحَائِطِ أَنْ يَضَعَ لَهُ أَوْ أَنْ يُقِيلَهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ فَذَهَبَتْ أُمُّ الْمُشْتَرِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَأَلَّى أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَبُّ الْحَائِطِ فَأَتَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ لَهُ» )

ــ

[المنتقى]

الْعَرِيَّةِ وَلَوْ وَجَدَ مِنْهُ أَقَلَّ مِمَّا خَرَصَ عَلَيْهِ ضَمِنَ لَهُ الْخَرْصَ وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ مُفْرَدًا وَلَوْ خَلَطَهُ قَبْلَ أَنْ يَكِيلَهُ لَوَفَّاهُ مَا ضَمِنَهُ وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانٌ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْعَرِيَّةَ لَا تُبَاعُ عَلَى شَرْطِ التَّبْقِيَةِ إلَّا بِخَرْصِهَا تَمْرًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بُسْرًا وَلَا رُطَبًا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِهَا مِنْ الطَّعَامِ وَلَا بِغَيْرِهِ إلَّا بَعْدَ الْجَدِّ؛ لِأَنَّ التَّخَيُّلَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لَيْسَتْ بِقَبْضٍ لَهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الْجَائِحَةَ تَثْبُتُ فِي الثَّمَرَةِ بَعْدَ تَخَلِّي الْبَائِعِ عَنْهَا إلَى الْمُبْتَاعِ وَهِيَ فِي أَصْلِ شَجَرِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ سَقْيُهَا فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا لَكَانَتْ مِنْ ضَمَانِ الْمَبِيعِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُرُوضِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ يُتَحَرَّى ذَلِكَ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ وَلَيْسَتْ لَهُ مَكِيلَةٌ يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ فِيهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَلِتَعَذُّرِ الْكَيْلِ فِيهَا مَا دَامَتْ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي يُبَاعُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِيهِ لِذَلِكَ كَمَا أُرْخِصَ فِي الْإِقَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ فَيَجُوزُ فِيهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَعْرُوفِ مَا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ.

[الْجَائِحَةُ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ وَفِيهِ أَبْوَاب]

(ش) : قَوْلُهُ فَعَالَجَهُ وَقَامَ فِيهِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ النُّقْصَانُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ نُقْصَانُ ثَمَرِهِ عَمَّا قَدْ قُدِّرَ فِيهِ وَذَلِكَ أَيْضًا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ مِنْ أَمْرِ الثَّمَرَةِ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ حِينَ ابْتِيَاعِهَا مِنْ تَقْصِيرِهَا عَمَّا كَانَ قُدِّرَ فِيهَا وَالثَّانِي أَنْ يَتَبَيَّنَ النُّقْصَانُ بِجَائِحَةٍ طَرَأَتْ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّ إدْخَالَ مَالِكٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْجَائِحَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَوْرَدَ الْجُمْلَةَ عَلَى تَبَيُّنِ النُّقْصَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لَهُ وَالْجَائِحَةُ مِنْ بَابِ النُّقْصَانِ فَلِذَلِكَ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ تَأَلَّى أَنْ لَا يَضَعَهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَأَتَى رَبَّ الْحَائِطِ وَسَأَلَهُ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ أَوْ يُقِيلَهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سَأَلَهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ إلَيْهِ وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنْ يَسْتَوْضِعَ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا عِنْدَ الْمُتَاجَرَةِ فَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: غَيْرُهُ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَجْهُ إبَاحَتِهِ أَنَّ الْإِرْفَاقَ مَعْرُوفٌ فَكَانَ مُبَاحًا لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ كَاسْتِعَارَةِ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ وَوَجْهُ اسْتِحْسَانِ غَيْرِهِ مَا فِيهِ مِنْ السُّؤَالِ وَالْخُضُوعِ وَالِامْتِهَانِ لِمَخْلُوقٍ فِي غَرَضِ دُنْيَا لَا تَدْعُو إلَيْهِ حَاجَةٌ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى» وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لَهُ إنْ وَضَعْتَ عَنِّي وَإِلَّا خَاصَمْتُك قَالَ أَصْبَغُ أَوْ يَقُولُ إنْ وَضَعْت عَنِّي وَإِلَّا وَجَدْتُ عَيْبًا فَإِنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ إنَّمَا سَأَلَهُ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ بِقَدْرِ الْجَائِحَةِ الَّتِي تَثْبُتُ لَهُ عَلَى وَجْهِ اسْتِدْعَاءِ الْحَقِّ عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ وَقَوْلُهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>