للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعُ الْفَاكِهَةِ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ الْفَاكِهَةِ مِنْ رَطْبِهَا أَوْ يَابِسِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلَّا يَدًا بِيَدٍ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا يَيْبَسُ فَيَصِيرُ فَاكِهَةً يَابِسَةً تُدَّخَرُ وَتُؤْكَلُ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلَّا يَدًا بِيَدٍ وَمِثْلًا بِمِثْلٍ إذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَصْلُحُ إلَى أَجَلٍ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا لَا يَيْبَسُ وَلَا يُدَّخَرُ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ رَطْبًا كَهَيْئَةِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ وَالْجَزَرِ وَالْأُتْرُجِّ وَالْمَوْزِ وَالرُّمَّانِ وَمَا كَانَ مِثْلُهُ وَإِنْ يَبِسَ لَمْ يَكُنْ فَاكِهَةً بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا يُدَّخَرُ وَيَكُونُ فَاكِهَةً قَالَ فَأَرَاهُ خَفِيفًا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ) .

ــ

[المنتقى]

يَنْقُدْ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ.

فَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْهُ الْكِرَاءَ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَكُونُ مَرَّةً كِرَاءً وَمَرَّةً سَلَفًا وَوَجْهُ قَوْلِ الْغَيْرِ أَنَّ الْغَرَرَ مُتَعَلِّقٌ بِاكْتِرَاءٍ مُعَيَّنٍ لَا يُقْبَضُ إلَّا إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ وَهَذَا الْمَعْنَى بَاقٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ عَرِيَتْ مِنْ النَّقْدِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا فَرْقٌ بَيْنَ ذَلِكَ الْقَبْضِ مِنْ قَبْضِ مَا اسْتَأْجَرَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْغَرَرِ وَالسَّلَفِ الَّذِي يُكْرَهُ كَاَلَّذِي يَشْتَرِي الْعَبْدَ فَيَنْقُدُ ثَمَنَهُ وَيَقْبِضُهُ فَإِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ أُحْرِزَ مِنْهُ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ فَرْقٌ بَيْنَ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَكْثُرُ فِيهِ الْغَرَرُ بِالْقَبْضِ وَذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً يَرْكَبُهَا بَعْدَ مُدَّةٍ أَوْ عَبْدًا يَسْتَخْدِمُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ وَنَقَدَ ثَمَنَهُ فَإِنَّهُ يَدْخُلُهُ الْغَرَرُ الْمُفْسِدُ لِلْعَقْدِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ فِيهِ وَلَوْ قَبَضَهُ مَعَ تَعَاقُدِ الْكِرَاءِ عَلَيْهِ لَزَالَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْغَرَرِ وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ إذَا اسْتَأْجَرَ لِخِدْمَةِ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ قَبْضُ بَاقِي الْخِدْمَةِ.

وَقَدْ يُجَوِّزُ مَالِكٌ اسْتِئْجَارَهُ لِعِشْرِينَ سَنَةً وَقَدْ تَضْمَنَّهُ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ مَا يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ عَمَلِهِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ إبَاقٍ مِمَّا يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَى سَيِّدِهِ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي أَخَذَهَا عِوَضًا مِنْ عَمَلِهِ الْكِرَاءَ وَالْقَبْضُ بِعَيْنِهِ قَامَ بِعَيْنِهِ مَقَامَ الْقَبْضِ بِجَمِيعِ مَنْفَعَتِهِ فِي نَفْيِ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْغَرَرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَحَرَّزَ بِهِ فِيهِ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ إنَّهُ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا مُعَيَّنًا لَا يَقْبِضُهُ إلَى سَنَةٍ وَنَقَدَ ثَمَنَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَوْ اشْتَرَاهُ فَقَبَضَهُ وَنَقَدَ ثَمَنَهُ جَازَ وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ مِنْ جُنُونٍ أَوْ جُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ فَإِنَّهُ يُوجِبُ لِلْمُبْتَاعِ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ قُلْت إنَّ الْمُصَحِّحَ لِهَذَا الْمَعْنَى قَبْضُ الْمَبِيعِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[بَيْعُ الْفَاكِهَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ الْفَوَاكِهِ رَطْبِهَا أَوْ يَابِسِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ تَوْفِيَتِهِ بِوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ عَدَدٍ وَنَصَّ عَلَى الْفَوَاكِهِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِيُلْحِقَهَا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الطَّعَامِ الْمُقْتَاتِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِيهِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

قَوْلُهُ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلَّا يَدًا بِيَدٍ يُرِيدُ بِجِنْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ التَّنَاجُزِ لَا يَخْتَصُّ بِالْجِنْسِ وَإِنْ اخْتَصَّ بِهِ التَّفَاضُلُ وَلِذَلِكَ جَازَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ مُتَفَاضِلًا وَشَرَطَ فِيهِ الْمُنَاجَزَةَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا يَيْبَسُ فَيَصِيرُ فَاكِهَةً يَابِسَةً يُدَّخَرُ وَيُؤْكَلُ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ إذَا كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا جَعَلَ هَاهُنَا عِلَّةَ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ الْيُبْسَ وَالِادِّخَارَ لِلْأَكْلِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مَعَ مَالِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ وَأَنَّ الْعِلَّةَ الِادِّخَارُ لِلِاقْتِيَاتِ وَعَلَى حَسَبِ هَذَا تَخْتَلِفُ أَجْوِبَتُهُ وَأَجْوِبَةُ أَصْحَابِنَا فِي فَرْعِ مَسَائِلِ هَذَا النَّوْعِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ رَطْبًا كَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ وَالْأُتْرُجِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>