للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَيْلُ وَيَجِبُ أَنْ يُقَدَّرَ فِي السَّلَمِ بِعُرْفِ بَلَدِ السَّلَمِ فَإِنَّ غَيْرَهُ مَجْهُولٌ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُبَاعُ طَعَامٌ بِقَصْعَةٍ أَوْ قَدْحٍ غَيْرِ مِكْيَالِ النَّاسِ وَهُوَ فَاسِدٌ غَيْرُ جَائِزٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَمَا يُسَلَّمُ فِيهِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ أَوْ أَشَدَّ وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ مَكْرُوهٌ فَإِنْ وَقَعَ لَمْ يُفْسَخْ وَقَالَ غَيْرُهُ يُفْسَخُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْحَطَبُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسَلَّمُ فِيهِ وَزْنًا أَوْ أَحْمَالًا وَحُزُمًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْمَلَ مِنْ ذَلِكَ بِكُلِّ بَلَدٍ عَلَى مَا جَرَى عُرْفُ بَيْعِ ذَلِكَ الْجِنْسِ بِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَأَمَّا الْجُذُوعُ وَالْخَشَبُ فَإِنَّهَا تَتَقَدَّرُ بِالذَّرْعِ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالِارْتِفَاعِ؛ لِأَنَّهُ الْغَرَضُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَأَمَّا الْبُقُولُ وَالْقَصِيلُ فَإِنَّهَا تَتَقَدَّرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْحُزُمِ وَالْقَبْضِ وَالْأَحْمَالِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَقَدَّرَ بِذَرْعِ الْأَرْضِ وَجَوَّزَ ذَلِكَ أَشْهَبُ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْهُ وَاحْتَجَّ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمَنْعِ بِأَنَّ صَفَاقَتَهُ وَخِفَّتَهُ لَا تُضْبَطُ بِالصِّفَةِ وَهَذَا عَلَى صِحَّتِهِ نَاقِصُ الْعِبَارَةِ وَبَيَانُهُ أَنَّ مَا تَقَدَّرَ مِنْ ذَلِكَ بِذَرْعِ الْأَرْضِ يَخْتَصُّ بِأَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ حَوْمَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُتَقَارِبَةٍ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ وَالثَّمَنَ يَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ فَإِذَا تَعَيَّنَتْ الْبُقْعَةُ لَمْ يَجُزْ السَّلَمُ فِيمَا يَثْبُتُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى كَيْفَ يَكُونُ حَالُهُ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ الْحَوْمَةُ لَمْ يَجُزْ السَّلَمُ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْقِرْبَةِ الصَّغِيرَةِ وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي التَّمْرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ فَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ السَّلَمُ فِي شَيْءٍ مِنْ الثِّيَابِ بِذَرْعِ الْأَرْضِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيُسَلَّمُ فِي الثِّيَابِ كُلِّهَا بِالذَّرْعِ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَقَدَّرُ إلَّا بِهِ فَإِنْ شَرَطَ ذِرَاعَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَقَدْ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ خِيفَ أَنْ يَغْبِنَ أَخَذَ مِنْهُ مِقْدَارَ ذِرَاعِهِ إلَى أَنْ يَجِيءَ أَجَلُ السَّلَمِ فَإِنْ شَرَطَا ذِرَاعًا وَلَمْ يُعَيِّنَا ذِرَاعَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَقَدْ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُحْمَلُ عَلَى ذِرَاعٍ وَسَطٍ قَالَ أَصْبَغُ هُوَ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ الْفَسْخُ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الذِّرَاعَ مَا لَمْ يُعَيَّنْ يُعَلَّقُ بِالْوَسَطِ وَصَحَّ بِذَلِكَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ لِلْعَقْدِ وَجْهٌ مِنْ الصِّحَّةِ حُمِلَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ مَجْهُولٌ وَذَلِكَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَهَذَا فِي الْبِلَادِ الَّتِي لَيْسَ لِأَهْلِهَا ذِرَاعٌ مُعَيَّنٌ جَرَى عُرْفُ التَّبَايُعِ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ ذِرَاعٌ مُقَدَّرٌ كَذِرَاعِ الرَّشَّاشِ لِأَهْلِ قُرْطُبَةَ وَالذِّرَاعِ الْمَالِكِيِّ بِبَعْضِ الْبِلَادِ حُمِلَ الْمُتَعَاقِدَانِ مَعَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ السَّلَمُ مُؤَجَّلًا]

أَمَّا الشَّرْطُ الرَّابِعُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ السَّلَمَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي مُؤَجَّلٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ إلَى يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَزَادَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَوْ يَوْمٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَخْرِيجِ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّ ذَلِكَ رِوَايَةٌ فِي جَوَازِ السَّلَمِ الْحَالِّ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّ الْأَجَلَ شَرْطٌ فِي السَّلَمِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ وَالدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَجَلِ أَنَّ مَا اخْتَصَّ بِالسَّلَمِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ كَعَدَمِ التَّعْيِينِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ مُعَاوَضَةٌ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا التَّأْجِيلُ كَالْبَيْعِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالسَّلَمُ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ يُقْضَى بِبَلَدِ السَّلَمِ وَضَرْبٌ يُقْضَى بِغَيْرِهِ فَأَمَّا مَا يُقْضَى بِبَلَدِ الْعَقْدِ فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مِقْدَارِ أَجَلِ السَّلَمِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا إلَى الْأَجَلِ الَّذِي تَخْتَلِفُ فِي مِثْلِهِ الْأَسْوَاقُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَالْعِشْرِينَ يَوْمًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ بِهِ إلَى الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إلَى الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَجُوزُ إلَى أَيِّ أَجَلٍ كَانَ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ إلَّا إلَى الْأَجَلِ الَّذِي تَخْتَلِفُ فِي مِثْلِهِ الْأَسْوَاقُ.

فَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ السَّلَمَ لَمَّا اقْتَضَى الْأَجَلَ لِئَلَّا يُتَيَقَّنَ فِيهِ انْتِفَاعُ الْمُسَلَّمِ لِمُشَابَهَةِ الْغَرَضِ احْتَاجَ أَنْ يَكُونَ إلَى أَمَدٍ تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَسْوَاقُ فَإِنْ خَرَجَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>