للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَا كَانَ شَيْئًا وَاحِدًا مِنْ الطَّعَامِ أَيْ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ وَفِيهِ بَابَانِ] [الْبَاب الْأَوَّل فِي تَبْيِينِ مَعْنَى الْجِنْسِ]

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ إذَا اخْتَلَفَ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ فَبَانَ اخْتِلَافُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ، وَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ زَبِيبٍ، وَصَاعٌ مِنْ حِنْطَةٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ سِمْسِمٍ فَإِذَا كَانَ الصِّنْفَانِ مِنْ هَذَا مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِاثْنَيْنِ مِنْهُ بِوَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الْأَجَلُ فَلَا يَحِلُّ قَالَ مَالِكٌ، وَلَا تَحِلُّ صُبْرَةُ الْحِنْطَةِ بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ، وَلَا بَأْسَ بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ بِصُبْرَةِ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْحِنْطَةَ بِالتَّمْرِ جُزَافًا قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ مِنْ الطَّعَامِ وَالْأُدُمِ فَبَانَ اخْتِلَافُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ جُزَافًا يَدًا بِيَدٍ فَإِنْ دَخَلَهُ الْأَجَلُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنَّمَا اشْتِرَاءُ ذَلِكَ جُزَافًا كَاشْتِرَاءِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ جُزَافًا، وَقَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ إنَّك تَشْتَرِي الْحِنْطَةَ بِالْوَرِقِ جُزَافًا وَالتَّمْرَ بِالذَّهَبِ جُزَافًا فَهَذَا حَلَالٌ لَا بَأْسَ بِهِ) .

ــ

[المنتقى]

بَلَدٍ، وَكَذَلِكَ الْخُبْزُ عِبْرَتُهُ الْوَزْنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَهَذَا أَيْضًا لَا يَجُوزُ التَّسَاوِي فِيهِ بِمِقْدَارِ غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ مَا يُعْتَبَرُ بِالْكَيْلِ كُلُّ بَلَدٍ مِنْ الْحُبُوبِ الْمُقْتَاتَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا مَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ، وَتَقْدِيرُهُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ الْبِلَادِ فَكَالسَّمْنِ وَاللَّبَنِ وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ الَّذِي عَادَاتُ بَعْضِ الْبِلَادِ فِيهِ الْوَزْنُ، وَبَعْضُهَا الْكَيْلُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي، وَهُوَ مَا لَا يَتَقَدَّرُ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ فَكَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ عِنْدَ مَنْ يَجْرِي فِيهَا الرِّبَا.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّمَا اخْتَلَفَتْ مَنَافِعُهُ، وَالْمَقَاصِدُ مِنْهُ فَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فِيهِ فَهَذَا الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ أَحَدِهِمَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِ، وَذَلِكَ كَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ لَا بَأْسَ بِصَاعَيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِصَاعٍ مِنْ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الْأَجَلُ فَلَا يَحِلُّ يُرِيدُ أَنَّهُ، وَإِنْ جَازَ فِيهِ التَّفَاضُلُ بَيْنَ الْجِنْسِ مِنْ الْمَطْعُومِ فَلَا يَجُوزُ الْأَجَلُ بَيْنَهُمَا مُتَسَاوِيَيْنِ وَلَا مُتَفَاضِلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ ذَلِكَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَطْعُومَيْنِ دُونَ مُرَاعَاةِ جِنْسٍ، وَلَا مُسَاوَاةٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا بِقَفِيزِ حِنْطَةٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْحِنْطَةَ فَأَتْلَفَهَا ثُمَّ أَقَالَهُ؛ قَبْلَ قَبْضِ الثَّوْبِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِ مِثْلَهَا جَازَ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْمَالُ أَنَّهُ حِنْطَةٌ بِحِنْطَةٍ إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ فِي مِثْلِ هَذَا يَضْعُفُ، وَالتُّهْمَةُ تَبْعُدُ، وَمِثْلُ هَذَا يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ، وَإِنَّمَا بَلَغَهُ حُكْمُ الذَّرَائِعِ حَيْثُ تَتَيَقَّنُ التُّهْمَةُ أَوْ تَقْوَى، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مِنْهُ قَفِيزَ حِنْطَةٍ بِدَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ فَأَقَالَهُ مِنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَرَدَّ إلَيْهِ مِثْلَهُ جَازَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِ غَيْرَ نَوْعِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ لَا تَحِلُّ صُبْرَةُ الْحِنْطَةِ بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ، وَذَلِكَ قَدْ يُرِيدُ أَنَّ الصُّبْرَةَ مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ فَإِذَا كَانَ الْعِوَضَانِ مَجْهُولَيْ الْقَدْرِ لَمْ يَصِحَّ فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالتَّسَاوِي فِيهِ كَالْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ الْبَيْعَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَأْمَنُ التَّحْرِيمَ فِيهِ، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْعَقْدِ أَنْ يُعْلَمَ إبَاحَتُهُ فَلَا يَجُوزُ الْجُزَافُ فِي يَسِيرِهِ، وَلَا كَثِيرِهِ فَمَتَى عَجَزَ عَنْ كَيْلِهِ بَطَلَتْ الْمُبَادَلَةُ بِخِلَافِ الذَّهَبِ فِي الدَّنَانِيرِ الْقَائِمَةِ الَّتِي يَجُوزُ بَدَلُ الدِّينَارِ وَالدِّينَارَيْنِ إذَا كَانَا نَاقِصَيْنِ بِدِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ وَازِنَيْنِ؛ لِأَنَّ لِلدَّنَانِيرِ عِبْرَةً غَيْرَ الْوَزْنِ، وَهُوَ الْعَدَدُ فَصَحَّ الرُّجُوعُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ مَا، وَأَمَّا الْحِنْطَةُ فَلَا عِبْرَةَ لَهَا غَيْرُ الْكَيْلِ فَلَا يَجُوزُ الْمُبَادَلَةُ فِيهَا إلَّا بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا التَّحَرِّي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ الْوَزْن، وَمَنْ جَوَّزَهُ فِي الْمَكِيلِ فَفِي قَدْرٍ لَهُ كَيْلٌ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، وَلَا بَأْسَ بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ بِصُبْرَةِ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّفَاضُلَ جَائِزٌ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ جِنْسِ الْآخَرِ فَالْجَهْلُ التَّسَاوِي فِيهِمَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَمَا لَا يَمْنَعُهُ الْعِلْمُ بِالتَّفَاضُلِ، وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَلَا يَجُوزُ بَعْضه بِبَعْضٍ جُزَافًا مَعَ تَجْوِيزِ التَّسَاوِي وَالتَّفَاضُلِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَيْنِ لَمَّا اخْتَلَفَتْ الْأَغْرَاضُ فِيهِمَا، وَتَبَايَنَ أَمْرُهُمَا لَمْ تَتَقَصَّدْ الْمُغَابَنَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>