للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ، وَمَنْ سَلَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَوَصَفَهُ وَحَلَّاهُ وَنَقَدَ ثَمَنَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَهُوَ لَازِمٌ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ عَلَى مَا وَصَفَا وَحَلَّيَا، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ الْجَائِزِ بَيْنَهُمْ، وَاَلَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا) .

مَا لَا يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلٍ الْحَبَلَةِ، وَكَانَ بَيْعًا يَبْتَاعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إلَى أَنْ تُنْتِجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتِجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا» )

ــ

[المنتقى]

بِوَاحِدٍ يُرِيدُ أَنَّهَا إذَا اشْتَبَهَتْ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ وَتَقَارَبَتْ فِيهَا، وَهِيَ الْقُوَّةُ عَلَى الْحَمْلِ فَسَوَاءٌ كَانَ جِنْسُهَا وَاحِدًا بِأَنْ تَكُونَ هُجُنًا كُلَّهَا أَوْ عِرَابًا كُلَّهَا أَوْ بُخْتًا كُلَّهَا أَوْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا فَكَانَ بَعْضُهَا هُجُنًا، وَبَعْضُهُ عِرَابًا أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْنَاسِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْهَا وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ إلَى أَجَلٍ.

(فَصْلٌ) :

قَوْلُهُ وَتَفْسِيرُ مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُؤْخَذَ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ فِي نَجَابَةٍ وَلَا رِحْلَةٍ يُرِيدُ نِهَايَةَ التَّسَاوِي، وَهُوَ أَنْ يَكُونَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي جِنْسِ الْخِلْقَةِ وَنَوْعِهَا وَالصَّبْرِ عَلَى طُولِ السَّيْرِ وَالْقُوَّةِ عَلَى الْحُمُولَةِ، وَهِيَ الرِّحْلَةُ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ عِلَّةَ مَنْعِ التَّفَاضُلِ بِأَبْلَغَ مِنْ ذَلِكَ، وَذَكَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كُلَّ مَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ،.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ جِنْسَ الْخِلْقَةِ وَتَمَامَهَا مُؤَكِّدٌ لِلْقُوَّةِ عَلَى الْحَمْلِ كَالْفَصَاحَةِ فِي الْعَبْدِ مَعَ التِّجَارَةِ قَالَ فَإِذَا كَانَ هَذَا عَلَى مَا وَصَفْت يُرِيدُ مِنْ تَسَاوِيهِمَا فِي الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَلَا يُشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْهُ بِاثْنَيْنِ إلَى أَجَلٍ يُرِيدُ أَنَّ تُسَاوِيَهُمَا، وَاتِّفَاقَ الْأَغْرَاضَ فِيهِمَا يُخْرِجُ ذَلِكَ عَنْ حَدِّ الْبَيْعِ إلَى حَدِّ الْغَرَضِ الَّذِي يُنَافِي التَّفَاضُلَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْت مِنْهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْهُ إذَا انْتَقَدَتْ ثَمَنَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَطْعُومًا بَعْدَ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَطْعُومَاتِ فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ فِي الْجُزَافِ، وَعَلَى التَّحْرِيمِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَمَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْهُ تَحْقِيقٌ لِمَعْنَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ بَائِعِهِ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْإِقَالَة، وَرُبَّمَا كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ مُعَامَلَتِهِ فِيهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا انْتَقَدَتْ ثَمَنَهُ يُرِيدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ لَا يَبِيعَهُ بِدَيْنٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ وَالْعَرَضُ مُؤَجَّلًا أَوْ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِمُؤَجَّلٍ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ فِي بَيْعِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَيَدْخُلُهُ فِي بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِهِ الْكَالِئُ بِالْكَالِئِ، وَكِلَاهُمَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ، وَيُسْلَمُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ، أَوْ لَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَهَذَا كَمَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ السَّلَفَ فِي الْحَيَوَانِ بِالْحِلْيَةِ وَالصِّفَةِ جَائِزٌ لَازِمٌ، وَيَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ تِلْكَ الصِّفَةُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ، وَيَلْزَمُ الْمُسْلِمُ قَبْضَهَا فَإِنْ كَرِهَهَا وَاسْتَغَلَّاهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ الِاسْتِدْلَال عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَعَلَى هَذَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، وَإِنَّمَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْعِرَاقِ.

[مَا لَا يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ]

(ش) : قَوْلُهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ الْحَبَلُ هُوَ الْحَمْلُ، وَالْحَبَلَةُ الْجَنِينُ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ إلَى أَنْ يَنْقَضِيَ حَمْلُ الْجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ النَّاقِهِ يُنْتِجُ ثُمَّ تَحْمِلُ فَيَحِلُّ الْبَيْعُ بِانْقِضَاءِ حَمْلِهِ، وَذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ يَتَقَدَّرُ بِهِ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ هُوَ الْجَنِينُ الثَّانِي فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مَقْصُودٌ بِالْعَقْدِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَاَلَّذِي يُدْخِلُ الْفَسَادَ فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا الْجَهَالَةُ بِهِ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا يَدْخُلُهُ الْغَرَرُ لِبُعْدِهِ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْبَيْعِ إلَى أَنْ تُنْتِجَ النَّاقَةُ أَوْ يُنْتِجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>