للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَا جَاءَ فِي الرِّبَا فِي الدَّيْنِ)

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى السَّفَّاحِ أَنَّهُ قَالَ بِعْت بَزًّا لِي مِنْ أَهْلِ دَارِ نَخْلَةَ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ أَرَدْت الْخُرُوجَ إلَى الْكُوفَةِ فَعَرَضُوا عَلَيَّ أَنْ أَضَعَ عَنْهُمْ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَنْقُدُونِي فَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ لَا آمُرُك أَنْ تَأْخُذَ هَذَا، وَلَا تُؤْكِلُهُ قَالَ مَالِكٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصٍ بْنِ خَلَدَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى الرَّجُلِ إلَى أَجَلٍ فَيَضَعُ عَنْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَيُعَجِّلُهُ الْآخَرُ فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَنَهَى عَنْهُ) .

ــ

[المنتقى]

لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ فَصَارَ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ الْبَائِعُ قَدْ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ فَكَانَ ذَلِكَ فَوْتًا فِي بَيْعِهِمَا، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَبْضُ يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ كَانَ الِاعْتِبَارُ بِقَبْضِ الدِّينَارِ دُونَ تَفَرُّقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَوَجْهُ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُوجِبُ التَّحَالُفَ، وَالْفَسْخَ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا بَعْدَ الْقَبْضِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَفْتَرِقَا بَعْدَ الْقَبْضِ، وَلَا غَابَ أَحَدُهُمَا عَلَى مَا قَبَضَهُ مِنْ الْآخَرِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمُهُمَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ خَمْسَةَ أَرَادِبَ، وَلَمْ يَدْفَعْ الدِّينَارَ فَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى يَلْزَمُهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ دِينَارٍ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا، وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِي سُدُسِ دِينَارٍ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَانَ قَبْضُهُ فَوْتًا فَيُصَدَّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ، وَأَنَّ ذَلِكَ جَمِيعَ مَا بَاعَهُ مِنْهُ ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ مَا ابْتَاعَ مِنْهُ إلَّا سِتَّةَ أَرَادِبَ بِدِينَارٍ فَيَجِبُ لِلْخَمْسَةِ أَرَادِبَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ دِينَارٍ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ قَبَضَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ بِعَيْنِهِ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ الطَّعَامَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ الَّذِي قَبَضَ الدِّينَارَ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى فَوَاتِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ الطَّعَامَ فَإِنَّمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْبِضْهُ فَإِنَّمَا يَدَّعِي الْمُبْتَاعُ زِيَادَةً عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ إنْكَارُ هَذَا، وَاخْتِيَارُهُ أَنْ يَتَحَالَفَا.

(فَرْقٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَمِ أَنَّهُ قَدْ قَالَ إذَا أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ فَقَالَ الْمُبْتَاعُ سَلَّمْت إلَيْك مِائَةَ دِينَارٍ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ، وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ سَلَّمْت إلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ فِي خَمْسِينَ إرْدَبِّ حِنْطَةٍ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِقُرْبِ تَبَايُعِهِمَا تَحَالَفَا وَتَرَادَّا، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ عَلَيْهِ السَّلَمُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ حَمْلًا عَلَى سَلَمِ النَّاسِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّقْدِ وَمَسْأَلَةِ السَّلَمِ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَمِ يَسْتَحِقُّ الْقَبْضَ كَمَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ فِي السَّلَمِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَاسْتَوَيَا، وَأَمَّا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَقَبْلَ تَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الطَّعَامِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَيَثْبُتُ بَيْنَهُمَا حُكْمُ التَّحَالُفِ وَالتَّفَاسُخِ.

(فَرْقٌ) وَفَرْقٌ بَيْنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَبَيْنَ الْمُعَيَّنِ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَأَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَإِذَا غُيِّبَ عَلَيْهِ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، وَالثِّيَابُ وَالْحَيَوَانُ بِأَعْيَانِهَا فَمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالذِّمَّةِ لِفَوَاتٍ يَلْحَقُهَا لَمْ يَكُنْ الْقَوْلُ قَوْلَ بَائِعِهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِيهَا لَمَا كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، وَكَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِذِمَّةِ مَنْ بَاعَهَا حُكْمُنَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ حُكْمُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا جَاءَ فِي الرِّبَا فِي الدَّيْنِ]

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ أَهْلَ دَارِ نَخْلَةَ عَرَضُوا عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ أَجَلَ دَيْنِهِ أَنْ يَضَعَ عَنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>