للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَالِدٍ أَوْ وَلَدٍ فَأَرَاهُ فَاسِدًا، وَيَبْطُلُ إقْرَارُهُ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إقْرَارُهُ لِلْأَجْنَبِيِّينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِمَالٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ دُيُونُ غُرَمَائِهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ ثَابِتَةً بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ كَانَتْ إنَّمَا هِيَ بِإِقْرَارٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَبِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ قَرُبَ بَعْضُ ذَلِكَ مِنْ بَعْضٍ قَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا ثَبَتَ بِهِ دَيْنُهُمْ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَرُدَّ بَعْضَ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ، وَإِذَا أَقَرَّ لِقَوْمٍ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ بَعْدَ مُدَّةٍ أَوْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لِغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ إقْرَارُهُ لِلْآخَرِينَ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْأَوَّل قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُقِرَّ بِمَا يُدْخِلُ النَّقْصَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَقَرَّ الْمُفْلِسُ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ أَوْ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لِغُرَمَائِهِ فَإِنَّ الْمُقِرَّ لَهُ يُحَاصُّ سَائِرَ غُرَمَائِهِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ لِمَنْ يَثْبُتُ دَيْنُهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي وَقْتِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ نَقْصًا عَلَى مَنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِالْبَيِّنَةِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ فَقَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي الْإِقْرَارِ كَالسَّفِيهِ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ كَانَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لَهُ الْمُفْلِسُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ مِنْهُ تَقَاضِيًا لَهُ وَمُدَايَنَةً وَخُلْطَةً فَإِنَّهُ يَحْلِفُ، وَيُحَاصِصُ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ غَيْرُ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِهَذَا الْإِقْرَارِ، وَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمُخَالَطَةِ لَهُ فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يُحَاصَّ بِهِ، وَأَمَّا السَّفِيهُ فَإِنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِذِمَّتِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُؤَثِّرْ إقْرَارُهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ كَانَ إقْرَارُهُ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ أَوْ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ إذَا كَانَ لِلْغُرَمَاءِ بَيِّنَةٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ، وَقَدْ أَحَاطَ بِمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يُحِطْ بِمَالِهِ جَازَ إقْرَارُهُ لِمَنْ أَقَرَّ بِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ احْتَجَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَفْلِيسُهُ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ فَجَازَ إقْرَارُهُ كَسَائِرِ الْمُتَصَرِّفِينَ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَهَذَا حُكْمُ إقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ، وَأَمَّا أَنْ يَقُولَ لِبَعْضِ مَا بِيَدِهِ هَذَا إقْرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ الْمُفْلِسُ فِي ذَلِكَ كَمَا لَا يُصَدَّقُ فِي الدَّيْنِ، وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إقْرَارٌ يُدْخِلُ عَلَى الْغُرَمَاءِ النَّقْصَ فَلَمْ يَجُزْ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ فِي مَا لِي وَدِيعَةٌ أَوْ قِرَاضٌ، وَلَمْ يُعَيِّنْ فَإِنَّ أَصْبَغَ قَالَ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ.

وَقَالَ أَصْبَغُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْإِقْرَارِ الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَصْلِ ذَلِكَ بَيِّنَةٌ قَالَ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِأَمَانَةٍ، وَلَمْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ زَادَ أَصْبَغُ، وَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ بِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يُقَرُّ بِيَدِهِ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَقْبِضُهُ الْغُرَمَاءُ فِي دُيُونِهِمْ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يُقَرُّ بِيَدِهِ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يَقْبِضُهُ الْغُرَمَاءُ فِي دُيُونِهِمْ) فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يُتْرَكُ لَهُ مَا فِيهِ نَفَقَةٌ لَهُ وَلِأَهْلِهِ وَلِعِيَالِهِ وَكِسْوَةٌ لَهُ وَلِأَهْلِهِ وَفِي كِسْوَةِ زَوْجَتِهِ شَكٌّ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُتْرَكُ لَهُ قَدْرُ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ، وَلَا يُتْرَكُ لَهُ كِسْوَةُ زَوْجَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتْرَكُ لَهُ لُبْسُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ لِبَاسِ مِثْلِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُتْرَكُ لَهُ مَا يَكْفِيهِ هُوَ وَزَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ الصَّغِيرَ الْأَيَّامَ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ، وَابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ قَدْرَ الشَّهْرِ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَصْبَغَ إنْ كَانَ الَّذِي يُوجَدُ لَهُ قَدْرُ نَفَقَتِهِ شَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ فَلْيُتْرَكْ لَهُ يَعِيشُ بِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ لِبَاسِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَرَّى مِنْهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ سِتْرِهِ وَكَشْفِ عَوْرَتِهِ فَيُتْرَكُ لَهُ مِنْهُ مَا يَكْفِيهِ مِمَّا جَرَتْ عَادَتُهُ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرُ لَا يُعَاوَضُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْأَيَّامِ لِنَفْسِهِ وَلِبَنِيهِ الصِّغَارِ إلَى أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي وَجْهِ نَفَقَتِهِ لِأَنَّ إسْلَامَهُ لِلْهَلَاكِ دُونَ فَوْتٍ غَيْرُ جَائِزٍ، وَكَذَلِكَ إخْرَاجُهُ عَنْ عَادَةِ مِثْلِهِ، وَأَمَّا كِسْوَةُ الزَّوْجَةِ فَتَوَقَّفَ فِيهَا مَالِكٌ، وَصَرَّحَ سَحْنُونٌ بِأَنَّهَا لَا تُتْرَكُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَصِيرُ إلَيْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ، وَلَهَا كِسْوَةٌ سِوَاهَا مِمَّا يَمْلِكُهَا، وَهِيَ مِمَّا يَطُولُ بَقَاؤُهُ، وَيَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَالنَّفَقَةِ الَّتِي تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْأَيَّامِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْحَيَوَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>