للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

كَذَلِكَ فَلَا يُزَكَّى إلَّا عَيْنُهُ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ يَصِحُّ أَنْ يُزَكِّيَ الْمُزَكِّي رَجُلًا لَا يَعْرِفُ اسْمَهُ.

وَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ زَكَّاهُ عَلَى عَيْنِهِ وَأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَقِلُّ وَيَنْدُرُ إذَا كَانَ لَا يَصِحُّ تَزْكِيَتُهُ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْمُدَاخَلَةِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَالْمُعَامَلَةِ الطَّوِيلَةِ بِالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ وَيَكُونُ مَعَ ذَلِكَ لَا يَعْرِفُ اسْمَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِكُنْيَةٍ كَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبَّاسٍ أَوْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ لَقَبٌ قَدْ رَضِيَهُ كَأَشْهَبَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاسْمُهُ مِسْكِينٌ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَمْرٍو وَأَشْهَبُ لَقَبٌ، وَكَذَلِكَ سَحْنُونٌ اسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ وَكُنْيَتُهُ أَبُو سَعِيدٍ وَسَحْنُونٌ لَقَبٌ فَمِثْلُ هَذَا يُمْكِنُ فِيهِ مَا قَالَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَقُولُ إنَّ الْجَهْلَ بِاسْمِهِ يُؤَثِّرُ فِي تَزْكِيَتِهِ، وَإِنَّمَا يَقِلُّ مَعَ مَا شُرِطَ مِنْ سَبَبِ مَعْرِفَتِهِ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي لَفْظِ التَّزْكِيَةِ وَحُكْمِهَا]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي لَفْظِ التَّزْكِيَةِ وَحُكْمِهَا) قَدْ قَالَ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ فِي الْمُزَكَّى يَقُولُ لَا أَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا قَالَ مَالِكٌ وَيَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَا يَعْلَمُ مِنْهُ إلَّا خَيْرًا وَلَا يَجُوزُ هَذَا قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَقُولَ هُوَ صَالِحٌ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ يُجْزِئُهُ فِي ذَلِكَ لَفْظُ الْعَدْلِ وَالرِّضَى.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ كُلُّ لَفْظٍ كُنِّيَ بِهِ عَنْ الْعَدْلِ وَالرِّضَى فَإِنَّهُ يُجْزِئُ، وَإِنَّمَا اُخْتِيرَ لَفْظُ الْعَدْلِ وَالرِّضَى لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] ، وَقَالَ عَزَّ مَنْ قَائِلٌ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى أَحَدِ الْوَصْفَيْنِ مِنْ الْعَدْلِ وَالرِّضَى حَتَّى يَجْمَعَهُمَا.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَعْنَى الْعَدَالَةِ وَأَنَّ الِاخْتِيَارَ لَفْظُ الْعَدَالَةِ وَالرِّضَى فَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَقُولَ أَرَاهُ عَدْلًا رِضًى وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَأَعْلَمُهُ عَدْلًا رِضًى جَائِزَ الشَّهَادَةِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إذَا قَالَ لَا أَعْلَمُهُ إلَّا عَدْلًا رِضًى قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَتَّى يَقُولَ إنَّهُ عَدْلٌ رِضًى وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ التَّعْدِيلَ إخْبَارٌ عَمَّا يُعْتَقَدُ فِيهِ مِنْ الصِّدْقِ لِمَا ظَهَرَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْوَالِ الْمَرْضِيَّةِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقْطَعَ عَلَى مَغِيبِهِ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ التَّزْكِيَةُ وَأَنَّ الرِّضَى وَالْعَدَالَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا ظَهَرَ إلَيْهِ مِنْ أَحْوَالِهِ وَذَلِكَ مَقْطُوعٌ بِهِ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي تَكْرِيرِ التَّعْدِيلِ وَمَا يَلْزَمُ مِنْهُ] ١

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي تَكْرِيرِ التَّعْدِيلِ وَمَا يَلْزَمُ مِنْهُ) قَدْ رَوَى فِي الْمَجْمُوعَةِ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَشْهَدُ فَيُزَكَّى ثُمَّ يَشْهَدُ ثَانِيَةً قَالَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى وَلَيْسَ النَّاسُ كُلُّهُمْ سَوَاءً مِنْهُمْ الْمَشْهُورُونَ بِالْعَدَالَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَغْمِصُ مِنْهُ النَّاسُ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ أَمَّا الَّذِي لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ فَإِنَّهُ يُؤْتَنَفُ فِيهِ تَعْدِيلٌ ثَانٍ، وَأَمَّا الْمَشْهُورُ بِالْعَدَالَةِ فَالتَّعْدِيلُ الْأَوَّلُ يُجْزِئُ فِيهِ حَتَّى يُجْرَحَ بِأَمْرَيْنِ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ عَلَيْهِ ائْتِنَافُ تَعْدِيلٍ إلَّا أَنْ يَغْمِزَ فِيهِ بِشَيْءٍ أَوْ يَرْتَابَ مِنْهُ وَلَا يَزِيدُهُ طُولُ ذَلِكَ إلَّا خَيْرًا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورِ الْعَيْنِ وَلَا مَشْهُورِ الْعَدَالَةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ أَحْوَالٌ خَفِيَتْ عَنْ الْمُعَدِّلِينَ وَرُبَّمَا يَتَعَذَّرُ تَجْرِيحُهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِخَفَاءِ عَيْنِهِ وَقِلَّةِ الْعِلْمِ بِهِ فَيُؤْتَنَفُ فِيهِ التَّعْدِيلُ لِيُحَقَّقَ أَمْرُهُ وَيُسْتَبْرَأَ حَالُهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ بِتَعْدِيلِهِ بَاقٍ لَا يَنْقُضُهُ التَّجْرِيحُ وَالِارْتِيَابُ فَلَا يَلْزَمُ تَجْدِيدُ حُكْمٍ آخَرَ فِيهِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يُؤْتَنَفُ فِيهِ التَّعْدِيلُ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ شَهِدَ مَرَّةً ثَانِيَةً بَعْدَ زَمَانِ الْخَمْسِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا فَلْيُسْأَلْ عَنْهُ الْمُعَدِّلُ الْأَوَّلُ فَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ عُدِّلَ مَرَّةً أُخْرَى وَإِلَّا لَمْ يَفْعَلْ.

وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ الثَّانِيَةُ قَرِيبَةً مِنْ الْأَشْهُرِ وَشِبْهِهَا وَلَمْ يَطُلْ جِدًّا لَمْ يُكَلَّفْ تَزْكِيَةً، وَإِنْ كَانَ قَدْ طَالَ فَلْيَكْشِفْ عَنْهُ ثَانِيَةً طَلَبَ ذَلِكَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>