للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

يَعْرِفَ خَطَّهُ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً لَا يَشُكُّ فِيهَا.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إذَا لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَ الْمَالِ فَذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ يُعَرِّفُهُ الشَّاهِدُ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ وَمَا أَرَى ذَلِكَ يَنْفَعُ.

وَقَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَقْضِي الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَهُ عَلَى عِدَّةِ الْمَالِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إذَا لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَ الْمَالِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أُشْهِدَ مَعَ مَعْرِفَةِ خَطِّهِ وَهَذَا عِنْدِي إنَّمَا هُوَ الْخِلَافُ فِيمَنْ قَيَّدَ شَهَادَتَهُ بِاسْتِرْعَاءٍ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِمَالٍ وَعَدَدِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحُقُوقِ ثُمَّ نَسِيَ فَهَذَا يَحْتَمِلُ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَيِّدَ شَهَادَتَهُ إلَّا عَلَى مَعْلُومٍ عِنْدَ تَقْيِيدِ شَهَادَتِهِ.

فَإِذَا نَسِيَ بَعْدَ ذَلِكَ تَيَقَّنَ مَا تَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ أَوْ بَعْضَهُ وَذَكَرَ تَقْيِيدَهُ لِلشَّهَادَةِ وَعَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يُوقِعْهَا إلَّا عَلَى مَعْلُومٍ احْتَمَلَ الْوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا إجَازَةُ شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ صِحَّتَهَا، وَالثَّانِي رَدُّ شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ غَيْرُ ذَاكِرٍ لَهُ.

وَقَدْ قَالَ أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا عَرَفَ خَطَّهُ وَأَثْبَتَ مَنْ أَشْهَدَهُ فِي دَارٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ أَنَّهَا الَّتِي فِي هَذَا الْكِتَابِ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَثْبُتَ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ حَرْفًا حَرْفًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ اسْتِرْعَاءٍ، وَأَمَّا مَا شَهِدَ فِيهِ مِنْ الْعُقُودِ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَصَفُّحُهُ وَلَا قِرَاءَتُهُ وَلَا يَتَصَفَّحُ مِنْهُ إلَّا مَوْضِعَ التَّقْيِيدِ لِلشَّهَادَةِ، وَلِذَلِكَ شُهِدَ عَلَى الْحُكَّامِ بِالسِّجِلَّاتِ الْمُطَوَّلَةِ الَّتِي فِيهَا الْأَوْرَاقُ وَلَا يُقْرَأُ إلَّا فِي الْمُدَدِ الطُّوَالِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ وَالتَّفَرُّغِ لَهُ وَرُبَّمَا اجْتَمَعَ النَّفَرُ الْكَثِيرُ لِلْإِشْهَادِ مِنْهُ، وَإِنْ لَزِمَ كُلَّ إنْسَانٍ قِرَاءَتُهُ وَتَصَفُّحُهُ وَتَحَفُّظُهُ لَتَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ فِيهِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَتُهُ وَلَا مَعْرِفَةُ مَا فِيهِ حِينَ تَقْيِيدِ شَهَادَتِهِ فَبِأَنْ لَا يَلْزَمَهُ ذَلِكَ حِينَ الْأَدَاءِ أَوْلَى، وَمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا شَهِدْنَا إلَّا بِمَا عَلِمْنَا غَيْرُ لَازِمٍ أَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ شَهَادَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ إنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمَعْلُومِ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الشَّهَادَةِ بِمَا لَمْ يُعْلَمْ وَالْآيَةُ لَا تَتَضَمَّنُ حُكْمَ هَذَا وَأَيْضًا فَإِنَّا نَقُولُ بِمُوجَبِ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّاهِدَ إنَّمَا يَشْهَدُ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ صِحَّةِ تَقْيِيدِهِ الشَّهَادَةَ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْوَجْهِ اللَّازِمِ فِي ذَلِكَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمِنْ حُكْمِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَعْلَمُ وَيَقْطَعُ بِهِ فَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَأَمَّا مَنْ دُعِيَ إلَى شَهَادَةٍ فَلَمْ يَذْكُرْهَا زَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ عِنْدَ الْقَاضِي لَا أَذْكُرُهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ أَيَّامٍ فَشَهِدَ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ يُقْبَلُ مِنْهُ إنْ كَانَ مُبَرَّزًا لَا يُتَّهَمُ وَلَمْ يَمُرَّ مِنْ طُولِ الزَّمَنِ مَا يُسْتَنْكَرُ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ قَالَ أَخِّرُونِي لِأَتَفَكَّرَ وَأَنْظُرَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ إنْ كَانَ مُبَرَّزًا، وَإِنْ قَالَ مَا عِنْدِي عِلْمٌ ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَ بِعِلْمِهِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَأَجَازَهَا ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمُبَرَّزِ فِي الْقُرْبِ وَجْهُ إجَازَتِهَا أَنَّهُ إنَّمَا أَخْبَرَ بِأَنْ لَا عِلْمَ لَهُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَذَلِكَ لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَهُ فَإِذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عِلْمُهُ بِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ كَمَا لَوْ تَقَيَّدَتْ شَهَادَتُهُ فِي عَقْدٍ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَنْسَى ذَلِكَ فَإِذَا وَقَفَ عَلَى الْعَقْدِ وَرَأَى خَطَّهُ يَذْكُرُ شَهَادَتَهُ وَجَازَ أَدَاؤُهُ لَهَا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِرَدِّهَا إنَّ قَطْعَهُ بِنَفْيِ عِلْمِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلٌ وَلَا سَبَبٌ يَتَذَكَّرُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّمَا هَذَا إذَا سُئِلَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ سُئِلَ الْمَرِيضُ عِنْدَ نَقْلِهَا عَنْهُ، فَأَمَّا فِي غَيْرِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِرَدِّ شَهَادَتِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ إنْ قَالَ كُلُّ شَهَادَةٍ أَشْهَدُ بِهَا بَيْنَكُمَا زُورٌ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ وَلْيَشْهَدْ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ قَالَ لِخَصْمٍ مَا أَشْهَدُ عَلَيْك بِشَيْءٍ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يَضُرُّهُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَهَذَا عِنْدَ الْحُكْمِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ إذَا وَعَدَهُ أَنْ لَا يُقِيمَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ إلَى الْوَاجِبِ مِنْ إقَامَتِهَا عَلَيْهِ أَوْ يَكُونُ نَسِيَ الشَّهَادَةَ ثُمَّ ذَكَرَهَا فَأَدَّاهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ مَنْ شَهِدَ وَحَلَفَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ.

[مَحَلُّ نَقْلِ الشَّهَادَةِ عَنْ الشُّهُودِ وَفِيهَا بَابَانِ]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي نَقْلِ الشَّهَادَةِ عَنْ مُعَيَّنِينَ]

، وَأَمَّا مَحَلُّ نَقْلِ الشَّهَادَةِ عَنْ الشُّهُودِ فَفِيهَا بَابَانِ أَحَدُهُمَا نَقْلُهَا عَنْ شُهَدَاءَ مُعَيَّنِينَ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي نَقْلِهَا عَنْ شُهَدَاءَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>