للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْقَضَاءُ فِي عِمَارَةِ الْمَوَاتِ) (ص) : (يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» قَالَ مَالِكٌ وَالْعِرْقُ الظَّالِمُ كُلُّ مَا اُحْتُفِرَ، أَوْ أُخِذَ، أَوْ غُرِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا)

ــ

[المنتقى]

فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لِلْمَجْرُوحِ مِنْ مَالِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً لَقُوِّمَتْ بِغَيْرِ مَالِهَا.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إنْ كَانَ مَالُهَا عَبْدًا أَدَّى مِنْهُ الْأَرْشَ فَإِنْ لَمْ يَفِ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا خُيِّرَ سَيِّدُهَا فِي فِدَائِهِ، أَوْ إسْلَامِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُبْنَى عَلَى أَصْلِهِ فَإِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ تُقَوَّمُ بِغَيْرِ مَالِهَا فَلَا تَتَعَلَّقُ عِنْدَهُ الْجِنَايَةُ بِمَالِهَا وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَقُولُ تُقَوَّمُ بِمَالِهَا فَإِنَّ الْجِنَايَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَالِهَا فَإِنْ عُدِمَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَقَدْ بَقِيَ مَالُهَا وَالْجِنَايَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ فِدَائِهَا وَيَرْضَى بِإِسْلَامِهَا كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْأَمَةِ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَفْتَدِيَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ؛ لِأَنَّ فِي إسْلَامِهَا تَمْلِيكًا لَهَا وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَمَّلَ مِنْ جِنَايَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا يُرِيدُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ جِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا لَمْ يَلْزَمْ إلَّا قِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ دُونَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ الْجِنَايَةِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ جِنَايَةً وَاحِدَةً فَإِنْ تَكَرَّرَتْ جِنَايَاتُهَا فَإِنَّ تَعَقُّبَ كُلِّ جِنَايَةِ الْحُكْمِ فِيهَا بِحُكْمِ الثَّانِيَةِ، وَمَا بَعْدَهَا حُكْمُ الْأُولَى عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ جَنَتْ جِنَايَاتٍ قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهَا ثُمَّ قَامَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمْ فَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَتُهَا لِجَمِيعِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ أَرْشُهَا مِثْلَ قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا لَمَّا كَانَ حُكْمًا وَاحِدًا كَانَ حُكْمُ جِنَايَاتِهَا حُكْمَ جِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ جَنَتْ جِنَايَاتٍ لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهَا إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ جِنَايَةٍ تَجْنِيهَا إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ جَنَتْ جِنَايَةً أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا أَدَّى الْقِيمَةَ ثُمَّ إنْ جَنَتْ أُخْرَى تَشَارَكَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فِي الْقِيمَةِ الْأُولَى فَرَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فِي حِصَّتِهِ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ مَا جَنَتْ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ مَا قَالَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الْأَرْشَ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا كُلَّمَا جَنَتْ رَجَعَ عَلَيْهِ فِيمَا أَخَذَ وَهِيَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَالْعَبْدُ إذَا جَنَى جِنَايَةً ثَانِيَةً لَمْ يَتَحَمَّلْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوَّلًا جِنَايَةً كَالْعَبْدِ الْقِنِّ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ شَيْءٌ مِنْ جِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ إلَّا جِنَايَةَ الْأَحْرَارِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ لَمْ يَفْتَدِهَا السَّيِّدُ أَعْتَقْنَاهَا عَلَيْهِ وَجُعِلَتْ دِيَةُ قَتِيلِهَا عَلَى عَاقِلَتِهَا وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ تَحَمُّلُ الْعَاقِلَةِ عَنْهَا بِحَالِهَا يَوْمَ جِنَايَتِهَا وَهِيَ يَوْمَ جِنَايَتِهَا أَمَةٌ.

وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ قُتِلَتْ خَطَأً ثُمَّ أُعْتِقَتْ لَمْ تَتَحَمَّلْ الْعَاقِلَةُ دِيَتَهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ إذَا أُعْتِقَتْ بِشَيْءٍ مِنْ جِنَايَتِهَا وَذَلِكَ إذَا أُقِيمَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَحُكِمَ عَلَى السَّيِّدِ بِالْقِيمَةِ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ ثُمَّ عَتَقَتْ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهَا إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِعَيْنِهَا دُونَ ذِمَّتِهَا، وَأَمَّا إذَا جَنَتْ جِنَايَةً فَقَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ تُوُفِّيَ سَيِّدُهَا فَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ وَلَهَا مَالٌ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمُزَنِيَّة، وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ وَلَا مَالَ لِلسَّيِّدِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا شَيْءٌ قَدْ وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ قِيَم عَلَى السَّيِّدِ أَمْ لَا.

[الْقَضَاءُ فِي عِمَارَةِ الْمَوَاتِ وَفِيهِ أَبْوَاب]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ الْأَرْضِ الَّتِي تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ]

(ش) : مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ» إحْيَاءُ الْأَرْضِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عِمَارَتُهَا وَمَوْتُهَا تَبَوُّرُهَا وَعَدَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>