للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ وَنَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ مَعَ إمَامٍ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ أَيَتَشَهَّدُ مَعَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَالْأَرْبَعِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَتْرًا فَقَالَا لِيَتَشَهَّدْ مَعَهُ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .

مَا يَفْعَلُ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مَلِيحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَخْفِضُهُ قَبْلَ الْإِمَامِ فَإِنَّ نَاصِيَتَهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَهَا فَرَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَنَّ السُّنَّةَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَلَا يَنْتَظِرَ الْإِمَامَ وَذَلِكَ خَطَأٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَخْفِضُهُ قَبْلَ الْإِمَامِ إنَّمَا نَاصِيَتُهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ) .

ــ

[المنتقى]

تَارِكًا لِلتَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ غَيَّرَ شَيْئًا مِنْ الْأَدْعِيَةِ الَّتِي عَلَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ وَحَضَّهُمْ عَلَيْهَا وَأَتَوْا بِمَعَانِيهَا وَنَقْلِ شَيْءٍ مِنْ أَلْفَاظِهَا فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ قَدْ تَرَكْت الْأَفْضَلَ مِنْ الدُّعَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ إنَّكَ تَرَكْت الدُّعَاءَ جُمْلَةً وَلَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّشَهُّدِ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَا جَعَلَهُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَتَكُونُ أَلْفَاظُهُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ.

(ش) : وَجْهُ مَا رَوَاهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتْبَعُ الْإِمَامَ فِي الْأَفْعَالِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا وَالْأَقْوَالُ تَتْبَعُ الْأَفْعَالَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ مَتَى سَقَطَتْ عَنْ الْمَأْمُومِ الْأَفْعَالُ سَقَطَتْ الْأَقْوَالُ بِأَنْ يُدْرِكَهُ رَاكِعًا فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ الْأَفْعَالُ بِأَنْ يُدْرِكَهُ فِي أَوَّلِ الرَّكْعَةِ لَمْ تَسْقُطْ الْأَقْوَالُ فَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ يَتْبَعُ الْإِمَامَ فِي الْجُلُوسِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَدُّ بِهِ فَكَذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ.

[مَا يَفْعَلُ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ]

(ش) : مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الْوَعِيدُ لِمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ وَخَفَضَهُ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ إمَامِهِ وَإِخْبَارٌ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ وَأَنَّ انْقِيَادَهُ لَهُ وَطَاعَتَهُ إيَّاهُ فِي الْمُبَادَرَةِ بِالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ قَبْلَ إمَامِهِ انْقِيَادٌ لِمَنْ كَانَتْ نَاصِيَتُهُ بِيَدِهِ وَفِي رَفْعِ الْمَأْمُومِ وَخَفْضِهِ مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثُ صِفَاتٍ إحْدَاهَا أَنْ يَخْفِضَ وَيَرْفَعَ بَعْدَهُ فَهَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَخْفِضَ وَيَرْفَعَ مَعَهُ فَهَذَا يُكْرَهُ وَلَكِنَّهُ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ صَلَاتُهُ، وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَرْفَعَ وَيَخْفِضَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي إمَامُكُمْ فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالْقِيَامِ وَلَا بِالِانْصِرَافِ» .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَتْبَعَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ إمَامِهِ سَاهِيًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ أَوْ بَعْدَ رُكُوعِهِ فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ فَعَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِاتِّبَاعِ إمَامِهِ إنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ وَحُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ النَّاعِسِ وَالْغَافِلِ يَفُوتُهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ فَيَتْبَعُهُ مَا لَمْ يَفُتْ فَإِنْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ فَلَا يَخْلُو مِنْ إحْدَى حَالَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَبِعَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعِهِ بِمِقْدَارِ فَرْضِهِ أَوْ رَفَعَ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنْ رَفَعَ قَبْلَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ عِنْدِي حُكْمُ مَنْ رَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَبِعَ الْإِمَامَ فِي مِقْدَارِ الْفَرْضِ فَرُكُوعُهُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ قَدْ اتَّبَعَ إمَامَهُ فِي فَرْضِهِ.

(فَرْعٌ) وَلَا يَخْلُو أَنْ يُدْرِكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا إنْ رَجَعَ لِاتِّبَاعِهِ أَنْ يَفُوتَهُ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُهُ رَاكِعًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مُتَابَعَتِهِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ لِلْإِمَامِ وَقَدْ قَالَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ رَاكِعًا فَهَلْ يَرْجِعُ أَمْ لَا قَالَ أَشْهَبُ لَا يَرْجِعُ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>