للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَنْ تَصِحُّ الْحَمَالَةُ عَنْهُ]

ُ وَتَمْيِيزُهُ مِمَّنْ لَا تَصِحُّ عَنْهُ) وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ أَنَّهَا تَجُوزُ عَنْ كُلِّ مَالِكٍ لِأَمْرِهِ، أَوْ غَيْرِ مَالِكٍ لِأَمْرِهِ فِيمَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهُ مِنْ مَالِهِ، وَأَمَّا الْمَوْلَى عَلَيْهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ تَحَمَّلَ عَنْهُ حَمِيلٌ بِمَا تَقَدَّمَتْ الْمُعَامَلَةُ فِيهِ، أَوْ بِمَا تُسْتَقْبَلُ الْمُعَامَلَةُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ تَحَمَّلَ عَنْهُ بِثَمَنِ مَا قَدْ ابْتَاعَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ: إنْ كَانَ مَا تَحَمَّلَ بِهِ مِمَّا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ لَزِمَ الْحَمِيلَ وَيَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَلْزَمُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا تَحَمَّلَ بِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ قَبْلَ الْحَمَالَةِ لَمْ يَلْزَمْ الْحَمِيلَ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ وَلَا عَامَلَهُ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ بِسَبَبِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَ الْحَمِيلَ الْغُرْمُ وَلَمْ يَرْجِعْ هُوَ وَلَا الطَّالِبُ عَلَى الْيَتِيمِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الدَّارُ وَالْحَائِطُ فَيُسَلِّفُهُ النَّفَقَةَ فِيهَا فَهَذَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ فَعَلَى هَذَا فَمَا يَتَحَمَّلُ بِهِ عَنْ الْيَتِيمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَلْزَمُ الْحَمِيلَ وَيَرْجِعُ بِهِ وَهُوَ مَا يَلْزَمُ مَالَ الْيَتِيمِ، وَقِسْمٌ يَلْزَمُ الْحَمِيلَ وَلَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ وَهُوَ عَلَى مَا عُومِلَ بِهِ بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ وَلَا يَلْزَمُ مَالَ الْيَتِيمِ.

وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ سَفِيهٍ وَأَخَذَ حَمِيلًا بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ قِبَلِهِ فَأَبْطَلَ الْبَيْعَ وَالثَّمَنُ عَلَى السَّفِيهِ فَإِنَّ الْحَمِيلَ يَغْرَمُ الثَّمَنَ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ، وَقِسْمٌ لَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ كَالْمُتَحَمِّلِ عَنْهُ عَنْ مُعَامَلَةٍ قَدِيمَةٍ لَا يَلْزَمُ مَالَهُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا لِلطَّالِبِ مِنْ مُطَالَبَةِ الْحَمِيلِ] ١

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا لِلطَّالِبِ مِنْ مُطَالَبَةِ الْحَمِيلِ) لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْحَمِيلُ وَاحِدًا، أَوْ جَمَاعَةً فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَهَلْ لِلطَّالِبِ أَخْذُهُ بِجَمِيعِ الْحَقِّ مَعَ حُضُورِ الْغَرِيمِ وَغِنَاهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْحَمِيلِ بِالْمَالِ لِلطَّالِبِ طَلَبُهُ فِي مَالِ الْغَرِيمِ وَحُضُورِهِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ لَا يَبِيعُهُ إلَّا فِي عَدَمِهِ، أَوْ غَيْبَتِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَقَّ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ فِي حَالِ عَدَمِ الْغَرِيمِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّتِهِ فِي حَالِ يَسَارِهِ كَالْغَرِيمِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي عِنْدِي أَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِالْحَقِّ فَلَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ إلَّا مَعَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِنْ مَحَلِّهِ كَالرَّهْنِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَيْسَ لِلطَّالِبِ أَنْ يُكَلِّفَ الْحَمِيلَ مُلَازَمَةَ الْغَرِيمِ حَتَّى يَدْفَعَ مَا عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُوسِرًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِالْحَقِّ مِنْ الْغَرِيمِ، وَإِنَّمَا لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِدَفْعِ الْحَقِّ يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ وَلَيْسَ بِوَكِيلٍ عَلَى الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَيْسَ لِلْحَمِيلِ أَخْذُ الْحَقِّ إلَى الطَّالِبِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَمِيلَ لَيْسَ بِوَكِيلٍ عَلَى الْقَبْضِ وَلَا مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْغَرِيمَ بِمَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِهِ وَهُوَ إيصَالُ الدَّيْنِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَالْغَرِيمُ غَائِبٌ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، أَوْ قَرِيبَهَا فَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْغَرِيمِ مَالٌ حَاضِرٌ أُغْرِمَ الْحَمِيلُ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْبَعِيدِ الْغَيْبَةِ وَاَلَّذِي لَا يُدْرَى أَيْنَ هُوَ فَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَقْرَبَ تَنَاوُلُهُ كَالنَّاظِرِ، أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِهِ، أَوْ يَبْعُدَ تَنَاوُلُهُ كَالدَّارِ تُبَاعُ وَمَا يَطُولُ أَمَدُهُ وَيَكُونُ فِيهِ التَّرَبُّصُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَقْرُبُ أَمَدُهُ قَضَى مِنْهُ الطَّالِبُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَبْعُدُ تَنَاوُلُهُ أَخَذَ الدَّيْنَ مِنْ الْحَمِيلِ ثُمَّ لِلْحَمِيلِ أَنْ يُبَاعَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَجَّلَ الْحَمِيلَ أَجَلًا قَرِيبًا وَكَرَّرَ فَإِنْ أَبَى وَإِلَّا فَعَلَ بِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ قَالَهُ كُلَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَالْغَرِيمُ مُعْسِرٌ كَانَ لِلطَّالِبِ أَخْذُ مَالِهِ مِنْ الْحَمِيلِ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ قَالَ الطَّالِبُ: إنَّ الْغَرِيمَ عَدِيمٌ، وَقَالَ الْحَمِيلُ: هُوَ مَلِيءٌ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ غَرِمَ الْحَمِيلُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ ذِمَّةَ الْحَمِيلِ قَدْ تَعَلَّقَ بِهَا الْحَقُّ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْأَدَاءِ، وَإِنَّمَا يَبْرَأُ الْغَرِيمُ بِالْمُطَالَبَةِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَعَلَى الْحَمِيلِ الَّذِي يَدَّعِي يُسْرَهُ إظْهَارُ ذَلِكَ الْمَالِ فَيَبْرَأُ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الدَّيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا فِيمَا يَثْبُتُ مِنْ دَيْنِ الْغَرِيمِ بِالْبَيِّنَةِ فَأَمَّا مَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِقْرَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>