للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ تَصَدَّقَ بِدَارٍ ثُمَّ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَخَاصَمَهُ الْمُعْطَى وَأَثْبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَحُكِمَ لَهُ بِهَا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ الْحُكْمُ بِحَوْزٍ كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمُعْطِي وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُعْطَى.

وَقَالَ أَصْبَغُ وَمُطَرِّفٌ هُوَ حَوْزٌ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ بِطَلَبِ سِلْعَتِهِ فِي التَّفْلِيسِ وَتَقُومُ بَيِّنَةٌ فَيَمُوتُ الْمُفْلِسُ قَبْلَ الْحُكْمِ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهَا، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ الْمُفْلِسَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِخَصْمِهِ، وَأَمَّا بَيِّنَةُ الْمُعْطَى فَإِنَّهَا بَيَّنَتْ إقْرَارَ الْمُعْطِي، وَوَجْهُ قَوْلِ مُطَرِّفٍ أَنَّ مَنْعَ الْمُعْطِي الْعَطِيَّةَ مَعَ طَلَبِ الْمُعْطَى لَهَا لَيْسَ بِأَثْبَتَ مِنْ إنْفَاذِهِ لَهَا فَيَمُوتُ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى الْمُعْطَى، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْحِيَازَةَ فَمَنْعُهُ إيَّاهَا عُذْرٌ يَصِحُّ مَعَهُ الْحِيَازَةُ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْ الْمُعْطَى الْقَبُولُ وَالطَّالِبُ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ وَاَلَّذِي بَعَثَ إلَيْهِ بِالْهَدِيَّةِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَبُولٌ وَلَا طَلَبٌ، وَقَدْ قَضَى بِحِيَازَتِهِ لِعُذْرِ الْمَسَافَةِ فَفِي مَسْأَلَتِنَا أَوْلَى.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا وَقَفَ الْإِمَامُ الْعَطِيَّةَ حَتَّى يَنْظُرَ فِي حُجَّتِهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهَا كَمَا لَوْ قَامَ فِي الْفَلْسِ فِي سِلْعَتِهِ فَلَمْ يَقْضِ لَهُ بِهَا حَتَّى مَاتَ الْمُفْلِسُ، فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ الْبَائِعُ أَحَقُّ بِهَا.

وَقَالَ أَشْهَبُ أَمَّا إدْخَالُ الْقَاضِي بَيْنَ الْوَاهِبِ وَبَيْنَهَا حَتَّى لَا يَجُوزَ حُكْمُهُ فِيهَا فَيَقْضِي بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ فِيهَا كَمَا كَانَ يَقْضِي فِي حَيَاتِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَاهِبُ مَنَعَ مِنْهَا الْمُعْطَى فَلَمْ يَطْلُبْهَا فَهِيَ بَاطِلٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ بَاعَ الْمُعْطِي الْهِبَةَ فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ الْبَيْعُ حِيَازَةٌ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ.

وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ الْبَيْعُ بِحِيَازَةٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا الْعِتْقُ وَحْدَهُ وَجْهُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْبَيْعَ إخْرَاجٌ عَنْ الْمِلْكِ فَأَغْنَى عَنْ الْحِيَازَةِ كَالْعِتْقِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ الْعِتْقَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ وَيُؤَثِّرُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، وَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَ حِصَّةً مِنْ عَبْدٍ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ عَلَيْهِ سَائِرَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبَيْعُ فَإِنَّهُ لَا يَسْرِي إلَى غَيْرِ مِلْكِهِ فَلَمْ يُغْنِ عَنْ الْحِيَازَةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ وَهَبَهُ الْمُعْطِي ثُمَّ مَاتَ الْمُعْطِي فَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْهِبَةَ حَوْزٌ، وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَكُونُ حِيَازَةً؛ لِأَنَّهَا مُحْتَاجَةٌ إلَى حِيَازَةٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ خُرُوجَ الْعَطِيَّةِ عَنْ الْمِلْكِ حِيَازَةٌ كَالْبَيْعِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهَا لَا تَسْتَغْنِي عَنْ الْحِيَازَةِ فِي نَفْسِهَا فَلَمْ يُغْنِ عَنْهَا غَيْرُهَا مِنْ الْهِبَاتِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ مَالِكٍ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ إذَا وَهَبَهُ الْمُعْطِي لِآخَرَ فَمَاتَ الْمُعْطِي قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهُ فَهُوَ لَهُ إذَا وَجَدَهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، أَوْ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْآخَرُ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ الْأَوَّلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ.

[بَابٌ فِيمَا يَمْنَعُ الْحِيَازَةَ وَيُبْطِلُ الْعَطِيَّةَ] ١

(بَابٌ فِيمَا يَمْنَعُ الْحِيَازَةَ وَيُبْطِلُ الْعَطِيَّةَ) وَهُوَ أَنْ يَمُوتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ أَنْ يُوجَدَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحِيَازَةِ، أَوْ يُفْلِسَ، أَوْ يَمْرَضَ مَرَضَ مَوْتِهِ فَإِذَا مَرِضَ تَوَقَّفَ عَنْ إنْفَاذِ الْهِبَةِ فَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ قُضِيَ لَهُ بِإِبْطَالِهَا، وَإِنْ صَحَّ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ لَمْ يَمْرَضْ فِي صِحَّةِ عَطِيَّتِهِ وَإِبْطَالِهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ بَلَغَ مِنْ مَرَضِهِ مَبْلَغًا تَيَقَّنَ الْمَوْتَ مِنْهُ فَلَوْ كُنْت جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهَذَا حُكْمُ الْهِبَةِ لِلْوَاحِدِ يَبْطُلُ جَمِيعُهَا، أَوْ يَصِحُّ جَمِيعُهَا فَمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَوَلَدِهِ الْكَبِيرِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يَقْبِضْ الْأَجْنَبِيُّ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ تَبْطُلُ حِصَّةُ الصِّغَارِ وَحِصَّةُ الْكِبَارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْرَفُ إنْفَاذُ الْحَبْسِ لِلصِّغَارِ إلَّا بِحِيَازَةِ الْكِبَارِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ وَعَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ نَصِيبُ الصَّغِيرِ جَائِزٌ وَيَبْطُلُ نَصِيبُ الْكَبِيرِ بِخِلَافِ الْحَبْسِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ الْجَمِيعَ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي هِبَةِ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ عَطِيَّةٌ فَإِذَا بَطَلَ بَعْضُهَا لِعَدَمِ الْحِيَازَةِ بَطَلَ جَمِيعُهَا كَالْحَبْسِ، وَوَجْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>