للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ الْمَذْهَبِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي السَّبَائِكِ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ السَّفَاتِجِ وَالنَّقَّارِ وَالْحُلِيِّ الْمَكْسُورِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ ذَهَبٌ، أَوْ فِضَّةٌ لَا غَرَضَ فِي هِبَتِهِ غَيْرَ مَبْلَغِهِ فَلَا يُوهَبُ لِلثَّوَابِ، وَإِنْ وَهَبَ فَهُوَ مَرْدُودٌ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا هِبَةُ الْحُلِيِّ الْمَصُوغِ لِلثَّوَابِ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَجُوزُ هَذَا بِحَالٍ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَجُوز بَيْعُهُ وَفِي عَيْنِهِ غَرَضٌ مَقْصُودٌ فَجَازَ أَنْ يُوهَبَ لِلثَّوَابِ كَسَائِرِ الْعُرُوضِ، وَوَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ هَذِهِ مُعَاوَضَةٌ ذَهَبَ بَعْضُهُ لَا يَتَنَاجَزُ فِيهَا قَبْضٌ، أَوْ شِرَاءُ عَرْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَا مُؤَجَّلٍ فَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ تُحْمَلُ هِبَتُهُ عَلَى الثَّوَابِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ تُحْمَلُ هِبَتُهُ عَلَى الثَّوَابِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ) الْوَاهِبُ إذَا وَهَبَ وَشَرَطَ الثَّوَابَ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ هِبَتَهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الثَّوَابِ اقْتَضَى ذَلِكَ الْجَوَازَ، أَوْ الْمَنْعَ، وَأَمَّا إنْ وَهَبَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ الثَّوَابَ وَطَلَبَهُ فَإِنْ كَانَتْ هِبَتُهُ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يُوهَبُ لِلثَّوَابِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَدَعْوَاهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْعِوَضِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ وَهَبَهُ لِلثَّوَابِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ وَهَبَ قَمْحًا، أَوْ شَعِيرًا فَفِيهِ الثَّوَابُ، وَأَمَّا الَّذِي لَا ثَوَابَ فِيهِ مِنْهُ مِثْلُ الْفَاكِهَةِ، أَوْ الرُّطَبِ يُهْدَى لِلْقَادِمِ قَالَهُ مَالِكٌ، وَإِنْ قَامَ يَطْلُبُ مِنْهُ ثَوَابًا لَمْ يُعْطَ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّنَانِيرَ لَا غَرَضَ فِي أَعْيَانِهَا، وَإِنَّمَا يُوهَبُ لِلثَّوَابِ مَا يَكُونُ الْغَرَضُ فِي عَيْنِهِ كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ، وَأَمَّا الْفَاكِهَةُ فَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِطَلَبِ الثَّوَابِ عَلَى مَا يُوهَبُ مِنْهَا لِلْقَادِمِ وَمِثْلُهُ، وَإِنَّمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنْ تُوهَبَ عَلَى سَبِيلِ التَّآلُفِ فَكَانَتْ مَحْمُولَةً عَلَى غَالِبِ الْمُعْتَادِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ غَيْرَ ذَلِكَ فِيهَا.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَطَّارِ: وَكَذَلِكَ مَا يَهَبُهُ لِلْفَقِيرِ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرِهِ مَنْ الْتَحَفَ كَالتَّمْرِ وَشَبَهِهِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْهِبَةِ وَلَا الْعِوَضَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُفْتِ فَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لَا عِوَضَ لَهُ وَلَا لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفُتْ رَوَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَرَى لَهُ أَخْذَهُ إنْ لَمْ يَفُتْ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هِبَتَهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى غَيْرِ الْعِوَضِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ هِبَةٍ قَدْ قُبِضَتْ مِنْهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهَا لَمْ تَفُتْ اُحْتُمِلَ وَقَوْلُهُ وَتَقُومُ بِمِلْكِهِ وَيَدِهِ حَلَفَ وَرُدَّتْ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِبَلَدِنَا مِنْ إهْدَاءِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ الْكِبَاشَ وَغَيْرَهَا عِنْدَ النِّكَاحِ هَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْعَطَّارِ: إنَّ ذَلِكَ عَلَى الثَّوَابِ وَكَذَلِكَ رَأَيْت الْقَضَاءَ فِي بَلَدِنَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْمُهْدِيِّينَ وَالْمُهْدَى إلَيْهِمْ عَلَى ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ قَالَ، وَذَلِكَ كَالشَّرْطِ فَقُضِيَ لِلْمُهْدِي بِقِيمَةِ الْكِبَاشِ حِينَ قَبَضَهَا الْمُهْدَى إلَيْهِ إنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الْوَزْنِ فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْوَزْنِ قُضِيَ بِوَزْنِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُهْدَى إلَيْهِ بَعَثَ إلَى الْمُهْدِي قَدْرًا مِنْ لَحْمٍ مَطْبُوخٍ أَوْ أَكَلَ عِنْدَهُ فِي الْعُرْسِ حُوسِبَ بِهِ مِنْ قِيمَةِ هَدِيَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي بَلَدٍ لَا يُعْرَفُ فِيهِ هَذَا لَمْ يَقْضِ فِيهِ بِثَوَابٍ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ وُهِبَ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ ثَوَابًا ثُمَّ ادَّعَاهُ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى نَاحِيَةِ الْمُعْطِي وَالْمُعْطَى فَإِنْ وَهَبَ غَنِيٌّ لِفَقِيرٍ دَابَّةً، أَوْ كَسَاهُ ثَوْبًا، أَوْ أَعْطَاهُ مَا يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ صِلَتَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ وَهَبَ فَقِيرٌ لِغَنِيٍّ فَلَهُ الثَّوَابُ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ فِي فَقِيرٍ وَهَبَهُ غَنِيٌّ أَوْ فَقِيرٌ: الثَّوَابُ عَلَى الْغَنِيِّ وَهَبَهُ غَنِيٌّ أَوْ فَقِيرٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ اسْتِقْرَارُ الْعِوَضِ وَالْهِبَةِ لِلثَّوَابِ مُقْتَضَاهَا الْمُكَارَمَةُ وَأَنْ تُعَوَّضَ الْمُعْطَى أَمْثَالَ مَا صَارَ إلَيْهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِي الْفَقِيرِ وَمَوْجُودٌ فِي الْغَنِيِّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً مُطْلَقَةً فَادَّعَى أَنَّهُ وَهَبَهَا لِلثَّوَابِ عُمِلَ عَلَى الْمَعْرُوفِ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>