للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُقْتَضَى هِبَةِ الثَّوَابِ مِنْ اللُّزُومِ أَوْ الْجَوَازِ]

ِ) الَّذِي عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْهِبَةَ بِاللَّفْظِ لَازِمَةٌ لِلْوَاهِبِ فَإِنْ أَخَذَ الْمُعْطِي قِيمَتَهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهَا وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(فَرْعٌ) فَإِنْ زَادَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَانَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ قَبْضِهَا فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ قَبْضِهَا وَلَا مِنْ بَيْعِهَا وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ إلَّا أَنَّ لِلْوَاهِبِ مَنْعَ الْمُعْطِي مِنْ قَبْضِهَا حَتَّى يُثِيبَهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مُقْتَضَى هِبَةِ الثَّوَابِ الِاسْتِسْلَامُ وَتَرْكُ الْمُشَاحَّةِ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْعِ مِنْ الْقَبْضِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ مُعَاوَضَةٌ فَكَانَ لِلْبَائِعِ إمْسَاكُ مَا بَاعَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ كَالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ فَإِنْ قَبَضَهَا الْمُعْطَى بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعْطِي فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ يَرْتَجِعُهَا حَتَّى يُثِيبَهُ وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرْتَجِعُهَا وَيَتَلَوَّمُ فَإِنْ أَثَابَهُ وَإِلَّا رَدَّهَا وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي مَنْعِ الْوَاهِبِ الْمَوْهُوبَ مِنْ قَبْضِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا تَفُوتُ بِهِ هِبَةُ الثَّوَابِ وَتَلْزَمُ بِهِ الْقِيمَةُ] ١

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ فَاتَتْ الْهِبَةُ فَقَدْ لَزِمَتْ الْمُعْطَى بِالْقِيمَةِ كَنِكَاحِ التَّفْوِيضِ يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ مَهْرَ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ الَّتِي تَلْزَمُ فِي الْهِبَةِ وَالثَّوَابِ عَيْنًا لَزِمَ قَبْضُهَا وَالرِّضَا بِهَا، وَإِنْ كَانَ الثَّوَابُ دَيْنًا مِثْلَ أَنْ يَهَبَهُ دَارًا فَيُثِيبَهُ مِنْهَا دَيْنًا فَفِي كِتَابِ أَبِي مُحَمَّدٍ يَجُوزُ: حَلَّ الدَّيْنُ، أَوْ لَمْ يَحِلَّ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُرِيدُ أَنَّهُ حَوَالَةٌ وَيُرِيدُ إذَا كَانَ مِمَّا تَقُومُ بِهِ الْهِبَةُ فِي الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ الدَّنَانِيرِ، أَوْ الدَّرَاهِمِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَوِّضَهُ مِنْهَا سُكْنَى دَارٍ وَلَا خِدْمَةِ عَبْدٍ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الرَّقَبَةِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ عِنْدَهُ قَبْضٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا تَفُوتُ بِهِ هِبَةُ الثَّوَابِ وَتَلْزَمُ بِهِ الْقِيمَةُ) وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ وُجُودِ الْعَيْبِ بِهَا] ١

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ وُجُودِ الْعَيْبِ بِهَا) فَإِنَّهُ إنْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ أَنْ يُثِيبَهُ وَقَبْلَ أَنْ تَفُوتَ فَإِنْ عَلِمَ الْوَاهِبُ بِالْعَيْبِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَتُهَا مَعِيبَةً؛ لِأَنَّهُمَا عَالِمَانِ بِالْعَيْبِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَاهِبَ وَهَبَهَا عَلَى أَنَّهَا مَعِيبَةٌ فَلَهُ قِيمَتُهَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْعَيْبِ فَلَهُ قِيمَتُهَا صَحِيحَةً غَيْرَ مَعِيبَةٍ كَأَنْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ أَسْوَاقٍ، أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَفَاتَتْ بِوَطْءٍ قَالَهُ أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ لَا تُفِيتُهُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَالْوَاهِبُ وَهَبَ عَلَى الصِّحَّةِ فَإِمَّا أَنْ يَرْضَى الْمُعْطِي أَنْ يُثِيبَهُ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ يَرُدَّهُ.

(مَسْأَلَة) فَإِنْ ظَهَرَ الْعَيْبُ بَعْدَ أَنْ أَثَابَهُ وَقَبْلَ الْفَوَاتِ فَلَهُ رَدُّهَا وَالرُّجُوعُ فِي الثَّوَابِ أَوْ إمْسَاكُهَا وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَثَابَهُ وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ.

وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِالْعَيْبِ حَتَّى فَاتَتْ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا صَحِيحَةً فَإِنْ شَاءَ حَبَسَهَا بِذَلِكَ وَإِلَّا رَدَّهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ فَوَاتَ الْهِبَةِ الْمُوجِبِ لَقِيمَتهَا بِفَوْتِ سُوقٍ، أَوْ زِيَادَةِ بَدَنٍ، أَوْ وَطْءٍ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا فَأَثَابَهُ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْعَيْبِ رَجَعَ بِقَدْرِ الْعَيْبِ مِمَّا أَثَابَهُ بِهِ إنْ كَانَ الثَّوَابُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْهِبَةِ، أَوْ أَكْثَرَ ظَهَرَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَ الْقِيمَةَ، أَوْ قَبْلَ أَنْ يُثِيبَ لَكَانَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مَعِيبَةً.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ وُجِدَ الْعَيْبُ بِالْعِوَضِ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ فَلَهُ رَدُّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْعِوَضِ الْمَعِيبِ مِثْلُ قِيمَةِ الْهِبَةِ فَلَا يُرَدُّ، أَوْ يَكُونُ أَقَلَّ فَتَتِمُّ لَهُ الْقِيمَةُ فَلَا يُرَدُّ قَالَ أَشْهَبُ لَهُ رَدُّهُ كَمَا تُرَدُّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْ عِوَضِهِ إلَّا الْعَيْنُ فَأَخْذُهُ الْعِوَضَ شِرَاءٌ لَهُ بِالْقِيمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ وَاخْتِيَارٌ لَهُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إذَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا تَأَوَّلَ مُطَرِّفٌ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَإِنْ أَعْطَى قِيمَتَهَا إلَّا أَنْ يَرْضَى مِنْهَا فَجَعَلَ عَقْدَ الْهِبَةِ لِلثَّوَابِ غَيْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>