للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فِي ذَلِكَ ابْتِدَاءَ السُّكْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْحَاضِرَ أَوْلَى بِالسُّكْنَى مِنْ الْغَائِبِ فَمَعْنَاهُ أَنْ يَغِيبَ قَبْلَ أَنْ يَسْكُنَ فَإِنَّهُ إذَا قَدِمَ لَمْ يَخْرُجْ لَهُ مَنْ قَدْ سَكَنَ وَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ فِي سَفَرِ انْقِطَاعٍ، وَلَوْ خَرَجَ مُسَافِرًا فَعَرَضَ لَهُ بَعْضُ مَا يَعْرِضُ لِلنَّاسِ مِنْ الْأَسْفَارِ كَانَ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ مَسْكَنَهُ إلَى أَنْ يَعُودَ، وَلَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ رَدَّ إلَى مَنْزِلِهِ وَأَخْرَجَ مَنْ كَانَ دَخَلَ فِيهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَإِذَا سَكَنَ بَعْضُهُمْ لِحَاجَتِهِ وَلِحُضُورِهِ فَاسْتَغْنَى وَقَدِمَ الْغَائِبُ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِم عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَمْ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِقُدُومِ الْغَائِبِ وَلَا لِحَاجَةِ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ وَالْغَائِبُ وَالْمُسَافِرُ كَالْحَاضِرِ فِي ابْتِدَاءِ الْقِسْمَةِ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ كَانَ سَكَنَ مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ مَعَ أَبِيهِ فَبَلَغَ فَإِنْ كَانَ قَوِيًّا يُمْكِنُهُ الِانْفِرَادُ عَنْ أَبِيهِ فَلَهُ مَسْكَنُهُ مِنْ الْحَبْسِ، وَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ إذَا ضَاقَ عَلَيْهِ مَسْكَنُ أَبِيهِ فَأَمَّا مَنْ ضَعُفَ عَنْ الِانْفِرَادِ فَلَا مَسْكَنَ لَهُ إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَ فَمَنْ تَزَوَّجَ مِنْهُمْ فَلَهُ حَقُّهُ فِي الْمَسْكَنِ، وَهَذَا فِي الذُّكُورِ، وَأَمَّا الْإِنَاثُ فَلَا مَسْكَنَ لَهُنَّ، وَإِنْ بَلَغْنَ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي كَفَالَةِ الْأَبِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَجْمُوعَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْكِرَاءُ وَالْغَلَّاتُ مِنْ الثَّمَرِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّ حَقَّ مَنْ انْتَجَعَ، أَوْ غَابَ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ السُّكْنَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ الْقَاسِمِ.

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقَسْمِ بِالْوِلَادَةِ وَانْتِقَالِهِ بِالْمَوْتِ]

وَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ انْتِقَالٌ إلَى مَنْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِمْ وَانْتِقَالٌ إلَى غَيْرِهِمْ فَأَمَّا الِانْتِقَالُ إلَى الْمُحْبِسِ، أَوْ الْمُعْمِرِ عَلَيْهِمْ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْإِشَاعَةِ، أَوْ الْإِبْهَامِ فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْإِشَاعَةِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ فِيمَنْ حَبَسَ دَارًا أَوْ حَائِطًا عَلَى قَوْمٍ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ مَا كَانَ لِلْمَيِّتِ مِنْ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ حَتَّى يَنْقَرِضُوا، وَذَلِكَ فِي الْأَحْبَاسِ كُلِّهَا مِنْ غَلَّةٍ، أَوْ سُكْنَى، أَوْ خِدْمَةٍ، أَوْ دَارٍ مُحْبَسَةٍ كَانَ مَرْجِعُ ذَلِكَ الْحَبْسَ إلَى صَاحِبِ الْأَصْلِ، أَوْ غَيْرِهِ أَوْ إلَى السَّبِيلِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَا لَا يَنْقَسِمُ مِنْ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ فَنَصِيبُ الْمَيِّتِ يَرْجِعُ عَلَى أَصْحَابِهِ وَنَحْوِهِ، رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ سَحْنُونٌ، وَكَذَلِكَ رَوَى عَنْهُ جَمِيعُ الرُّوَاةِ وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ إلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ أَخَذَ بِرُجُوعِ مَالِكٍ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ فَقَالَ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ جَمِيعَهُمْ فِي لَفْظِ الْعُمْرَى وَالْحَبْسِ، وَالتَّشْرِيكُ بَيْنَهُمْ فِيهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الِاسْمَ وَيَتَنَاوَلُهُ حَتَّى يَنْقَرِضُوا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ كَوْنَهُ مِمَّا يَنْقَسِمُ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ رُجُوعَ حِصَّتِهِ إلَى إشْرَاكِهِ وَيُوجِبُ انْقِطَاعَ حُكْمِ الْعُمْرَى مِنْهَا لِمَوْتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَرَاعَيْنَا مَا يَنْقَسِمُ فَإِنَّ مُطَرِّفًا قَالَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَسْكَنِ: إنْ جَزَّأَ الْمُحْبِسُ الدَّارَ بَيْنَهُمْ فَنَصِيبُ الْمَيِّتِ رَاجِعٌ إلَى رَبِّ الدَّارِ، وَإِنْ جَزَّءُوهَا هُمْ بَيْنَهُمْ فَنُصِيبُ الْمَيِّتِ رَاجِعٌ إلَى أَصْحَابِهِ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ؛ لِأَنَّ سُكْنَاهُمْ الدَّارَ سُكْنَى وَاحِدٍ وَاخْتِدَامَهُمْ الْعَبْدَ كَذَلِكَ قَالَ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمَا كَانَ مِنْ غَلَّةٍ تَنْقَسِمُ، أَوْ دَارٍ تُكْتَرَى، أَوْ عَبِيدٍ مُخَارِجِينَ فَإِنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ يَرْجِعُ إلَى مَنْ إلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ حَبَسَ خَادِمًا عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ، أَوْ عَلَى نَاسٍ مُجْتَمَعِينَ حَيَاتَهُمْ فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَنَصِيبُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ، وَلَوْ كَانَ عَلَى رَجُلَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ هَذَا عَلَى حِدَةٍ، وَهَذَا عَلَى حِدَةٍ فَنَصِيبُ مَنْ مَاتَ لِلْمُحْبِسِ، وَفِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَلَوْ جَعَلَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ وَاحِدٍ، أَوْ الْمُجْتَمَعِينَ وَنَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مَعْرُوفٌ فَلَا يَرْجِعُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَلَوْ حَبَسَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>