للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

أَقْوَى؛ لِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ وَمُتَعَلِّقَةٌ بِمُعَيَّنِينَ، وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْحَبْسِ وَتَمْيِيزِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الثَّمَرَةَ فَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَالِانْتِجَاعِ لَهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَتْ أَرْضًا فَحَرَثَهَا ثُمَّ مَاتَ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَعْطَى الْوَرَثَةَ كِرَاءَ الْحَرْثِ، أَوْ سَلَّمَهَا إلَيْهِمْ بِكِرَائِهَا تِلْكَ السَّنَةَ، وَلَوْ مَاتَ وَفِيهَا زَرْعٌ فَلِوَرَثَةِ الزَّارِعِ وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِمْ.

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي بَيْعِ الْعُمْرَى وَالْحَبْسِ] ١

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي بَيْعِ الْعُمْرَى وَالْحَبْسِ) أَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْعُمْرَى وَالْحَبْسِ عَقْدٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ لِلْمَنَافِعِ بِالْعُمْرَى وَالْحَبْسِ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَى غَيْرِ مَوْجُودٍ عِنْدَ التَّحْبِيسِ وَالثَّانِي عَلَى مَوْجُودٍ فَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى مَوْجُودٍ مِثْلِ أَنْ يُعْمِرَ زَيْدًا أَوْ يُعْمِرَهُ وَعَقِبَهُ، أَوْ يَحْبِسَ عَلَى زَيْدٍ، أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى عَقِبِهِ وَوَاحِدٍ مِمَّنْ أُعْمِرَ، أَوْ حُبِسَ عَلَيْهِ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعُمْرَى فَقَدْ امْتَنَعَ الْبَيْعُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُمْ غَيْرَ مَوْجُودِينَ مِثْلَ أَنْ يَحْبِسَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا لَمْ يَلِدْ فَإِذَا وُلِدَ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ حَتَّى يُؤَيِّسَ لَهُ مِنْ الْوَلَدِ، وَلَوْ أَجَزْت لَهُ هَذَا لَأَجَزْت لَهُ أَنْ يَبِيعَ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ ثُمَّ مَاتُوا وَلَمْ يَنْتَظِرْ أَنْ يُولَدَ لَهُ غَيْرُهُمْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بَلْ هُوَ حَبْسٌ.

وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْحَبْسَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ قَبُولُ أَحَدٍ فَيَلْزَمُ سَبَبُهُ وَرُبَّمَا مَنْ ذَكَرَ فِيهِ لَا يَخْلُو فَإِذَا وُلِدَ لَهُ فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْمَوْلُودِ بِهِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ الْحَبْسَ مُتَوَجِّهٌ إلَى مَنْ يَصِحُّ وُجُودُهُ وَيُتَوَقَّعُ لُزُومُ حَقِّهِ وَعَلَى ذَلِكَ عَقَدَ الْحَبْسَ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ مَا لَمْ يُؤَيِّسْ مِنْ وُجُودِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخْرِجُ الْحَبْسَ عَنْ حُكْمِهِ فِي اللُّزُومِ فَإِذَا يَئِسَ مِنْهُ عَلِمَ أَنَّ الْحَبْسَ لَمْ يَنْفُذْ بِصَرْفِهِ إلَى مَنْ قَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ، وَوَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ عَقْدَ الْحَبْسِ عَقْدٌ يَلْزَمُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ حَائِطِي حَبْسٌ لَلَزِمَ وَأَكْثَرُ مَا فِي قَوْلِهِ حَائِطِي حَبْسٌ عَلَى وَلَدِي وَلَا يُوجَدُ لَهُ وَلَدٌ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لَازِمٌ وَيُوجِبُ تَصَرُّفَهُ إلَى مَنْ قَرَّرَتْ الشَّرِيعَةُ رَدَّهَا إلَيْهِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَقَدْ قَالَ فِيمَنْ قَالَ صَدَقَتِي هَذِهِ عَلَى وَلَدِي وَلَا وَلَدَ لَهُ فَهِيَ حَبْسٌ تَخْرُجُ عَنْ يَدِهِ إلَى يَدٍ ثِقَةٍ وَثَمَرَتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَبْسٌ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ رَجَعَتْ هِيَ وَغَلَّتُهَا إلَى أَوْلَى النَّاسِ بِالْحَبْسِ يَوْمَ حَبَسَهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَقْدُ الْحَبْسِ لَازِمًا وَقَدْ تَعَلَّقَ بِمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ لَزِمَ إخْرَاجُهُ مِنْ يَدِهِ لِيَصِحَّ الْحَوْزُ فِيهِ فَإِنْ حَدَثَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَدٌ رُدَّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ حَوْزُهُ لَهُ، وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ مِنْ مَرْجِعِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ قَدْ تَمَّ فِيهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مَوْجُودٍ يَوْمَ الْحَبْسِ، أَوْ عَلَى غَيْرِ مَوْجُودٍ ثُمَّ وُجِدَ فَقَدْ لَزِمَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا الرُّجُوعُ فِيهِ فَإِنْ بَاعَهُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ الصِّغَارِ، أَوْ الْكِبَارِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ ثُمَّ تَعَدَّى فَبَاعَهُ مُقَابَضَةً، أَوْ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ كَانَ الْبَيْعُ مَنْقُوضًا وَيُرَدُّ إلَى الْحَبْسِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى تَوَانِي هَؤُلَاءِ فِي قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَهُمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنْ أُعْدِمَ بِالثَّمَنِ اُتُّبِعَ بِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْحَبْسِ لَازِمٌ فَلَا يُحِيلُهُ عَنْ مُقْتَضَاهُ تَعَدِّي الْمُحْبَسِ فِيهِ وَيَجِبُ نَقْضُ بَيْعِهِ وَيُتَّبَعُ بِالثَّمَرِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّهُ أَجْنَبِيٌّ؛ لِأَنَّ مَا بَاعَهُ قَدْ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا فِي قَرْيَةٍ ثُمَّ صُلِّيَ فِيهِ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَنْ هَدَمَهُ وَبَنَاهُ دَارًا فَلْيُفْسَخْ ذَلِكَ وَيُرَدُّ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لِلَّهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُغَيَّرُ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَسْجِدَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْبَاسِ اللَّازِمَةِ بَلْ هِيَ أَوْكَدُهَا؛ لِأَنَّهَا خَالِصَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَمُضَافَةٌ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [البقرة: ١١٤] وَأَمَّا قَوْلُ مُطَرِّفٍ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُرِيدُ عَلَى الصُّورَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْمَسَاجِدِ قَالَ ثُمَّ هَدَمَهُ الْمُبْتَاعُ وَبَنَاهُ دَارًا يُرِيدُ أَنَّهُ نَقَلَهُ إلَى صُورَةِ الدُّورِ وَقَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>