للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَرِثَ مِنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ دَارَهَا قَالَ: وَكَانَتْ حَفْصَةُ قَدْ أَسْكَنَتْ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ مَا عَاشَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ بِنْتُ زَيْدٍ قَبَضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْمَسْكَنَ وَرَأَى أَنَّهُ لَهُ) .

الْقَضَاءُ فِي اللُّقَطَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِث عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: اعْرَفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَك بِهَا قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هِيَ لَك، أَوْ لِأَخِيك، أَوْ لِلذِّئْبِ، قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ: مَا لَك وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا» )

ــ

[المنتقى]

يَكُونُ وَلَدُهَا مِنْ الْعَقِبِ، أَوْ يَكُونُ مِنْ الرِّجَالِ قَدْ بَلَغَ إلَى حَدِّ سِنِّ الْيَأْسِ مِنْ أَنْ يُولَدَ لَهُ كَالْمَجْبُوبِ وَنَحْوِهِ فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَصَدَ بِالتَّمْلِيكِ فَيَكُونُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ.

(ش) : قَوْلُهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَرِثَ مِنْ حَفْصَةَ دَارَهَا يُرِيدُ أَنَّهُ وَرِثَهَا وَانْتَقَلَتْ إلَيْهِ عَنْهَا بِالْمِيرَاثِ وَكَانَتْ حَفْصَةُ قَدْ أَسْكَنَتْ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ تِلْكَ الدَّارَ مَا عَاشَتْ، وَهَذَا مَعْنَى الْعُمْرَى فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ بِنْتُ زَيْدٍ قَبَضَ عَبْدُ اللَّهِ الدَّارَ يُرِيدُ بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ كَانَ وَارِثُ حَفْصَةَ يَوْمَ تُوُفِّيَتْ فَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ قَدْ انْقَطَعَ بِذَلِكَ حُكْمُ الْعُمْرَى فَإِنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيهَا مِنْ الْعُمْرَى لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ مِلْكِ مَوْرُوثَتِهِ وَلَا مَنَعَهُ مِنْ تَمَلُّكِهِ بِالْمِيرَاثِ عَنْ حَفْصَةَ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَإِنْ سَلَّمَهُ مَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ قِسْنَا عَلَيْهِ مَا كَانَ عُمْرَى لِلْمُعْطَى وَلِعَقِبِهِ وَحَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْعُمْرَى فِيهِ وَفِي عَقِبِهِ سَوَاءٌ فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ بِالْعُمْرَى لِمُعَيَّنِ فَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ بِالْعُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمُوا فَهُوَ تَفْسِيرُ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُبَيِّنٌ لِمَعْنَاهُ وَمُقَرِّرٌ لِحُجَّةِ مَالِكٍ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[الْقَضَاءُ فِي اللُّقَطَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُ عَنْ جَوَازِ أَخْذِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُ عَنْ حُكْمِهَا وَمَا يَلْزَمُ فِيهَا وَمَا يَجُوزُ لِمَنْ أَخَذَهَا، فَأَمَّا جَوَازُ أَخْذِهَا فَقَدْ رَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ بِاللُّقَطَةِ فَلَا يَأْخُذُهَا وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا أُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَهَا مَنْ وَجَدَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا قَدْرٌ.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، أَوْ لِذِي رَحِمِهِ وَأَمَّا الشَّيْءُ الَّذِي لَهُ بَالٌ فَأَرَى لَهُ أَخْذُهُ وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ أَمَّا الدَّنَانِيرُ وَشَيْءٌ لَهُ بَالٌ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَيْسَ كَالدِّرْهَمِ وَمَا لَا بَالَ لَهُ لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدِّرْهَمَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الشَّيْءَ الْكَثِيرَ الَّذِي لَهُ بَالٌ يَخَافُ عَلَيْهِ الضَّيَاعَ إنْ تَرَكَهُ فَأَخَذَهُ لَهُ عَلَى وَجْهِ التَّعْرِيفِ بِهِ وَالْحِفْظِ لَهُ إلَى أَنْ يَجِدَهُ صَاحِبُهُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ.

وَأَمَّا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ فَإِنَّهُ فِي الْأَغْلَبِ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ فَإِنَّ مَنْ يَجِدُهُ لَا يُسْرِعُ إلَيْهِ وَبَقَاؤُهُ مَكَانَهُ أَقْرَبُ إلَى أَنْ يَعُودَ صَاحِبُهُ فَيَجِدُهُ، وَلَوْ أَخَذَهُ الْمُلْتَقِطُ لَتَكَلَّفَ مِنْ تَعْرِيفِهِ مَا عَلَيْهِ فِيهِ مَشَقَّةٌ وَرُبَّمَا ضَيَّعَ ذَلِكَ لِقِلَّةِ اللُّقَطَةِ وَتَفَاهَتِهَا وَإِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ مَنْ سَمِعَ خَبَرَهَا لَا يَكَادُ أَنْ يَبْلُغَهُ وَلَا يَتَحَدَّثَ بِخَبَرِهِ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ الَّتِي لَهَا بَالٌ فَإِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ مَنْ سَمِعَ خَبَرَهَا غَفْلَةً تَحَدَّثَ بِهِ حَتَّى يَصِلَ خَبَرُهَا إلَى صَاحِبِهَا، وَأَمَّا مَنْ الْتَقَطَ مِثْلَ الْمِخْلَاةِ، أَوْ الدَّلْوِ، أَوْ الْحَبْلِ أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنْ كَانَ فِي طَرِيقٍ وُضِعَ ذَلِكَ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إلَيْهِ يُعْرَفُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَدِينَةٍ فَلْيَنْتَفِعْ بِهِ وَيُعَرِّفْهُ وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ أَدَّاهُ إلَيْهِ.

وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فِيمَنْ وَجَدَ الْعَصَا، أَوْ السَّوْطَ قَالَ لَا يَأْخُذُهُ فَإِنْ أَخَذَهُ عَرَّفَهُ فَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا، وَلَوْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ عُرِّفَ بِهَا فَإِنْ عُرِفَتْ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهَا وَضَمِنَ قِيمَتَهَا لِرَبِّهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِطَرِيقٍ وُضِعَ ذَلِكَ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إلَيْهِ يُعَرِّفُ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَوْضِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>