للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِيرَاثُ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ وَلَا مَعَ وَلَدِ الِابْنِ ذُكْرَانًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا شَيْئًا وَلَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَبِ وَلَا مَعَ الْجَدِّ أَبُ الْأَبِ شَيْئًا وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ يُفْرَضُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمْ السُّدُسُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَى، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] فَكَانَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي هَذَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ) .

ــ

[المنتقى]

وَجَدًّا وَزَوْجَةً لَكَانَتْ الْفَرِيضَةُ أَيْضًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ: لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ أَرْبَعَةٌ وَمَا بَقِيَ لِلْجَدِّ وَلَوْ تَرَكَ أَبًا وَجَدَّةً وَزَوْجَةً لَكَانَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ سَهْمَانِ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ وَلَوْ تُوُفِّيَتْ امْرَأَةٌ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَجَدًّا لَكَانَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ سَهْمَانِ وَلِلْجَدِّ سَهْمٌ وَلَوْ تُوُفِّيَتْ امْرَأَةٌ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأَبًا وَجَدَّةً لَكَانَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ وَلِلْأَبِ مَا بَقِيَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَقَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْإِخْوَةَ ابْنَانِ فَصَاعِدًا يُرِيدُ أَنَّ الْإِخْوَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] يَتَنَاوَلُ لَفْظَ الْإِخْوَةِ الْأَخَوَيْنِ فَصَاعِدًا فَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ فَإِنَّ لَفْظَ الْإِخْوَةِ يَتَنَاوَلُ الِاثْنَيْنِ فَمَا زَادَ لُغَةً وَشَرْعًا فَإِذَا قُلْنَا: إنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ فَإِنَّ هَذَا الْحُكْمَ يَثْبُتُ فِي الِاثْنَيْنِ بِالْقِيَاسِ إذْ كُلُّ حُكْمٍ يَتَغَيَّرُ بِالْإِخْوَةِ فَإِنَّهُ يَتَغَيَّرُ بِالِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ كَتَغَيُّرِ فَرْضِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِعُثْمَانَ أَلَيْسَ الْأَخَوَانِ بِإِخْوَةٍ فِي لِسَانِ قَوْمِكَ فَقَالَ عُثْمَانُ: لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُغَيِّرَ أَمْرًا قَدْ مَضَى وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ دُونَ بَعْضٍ إلَّا أَنَّ مَنْ مَضَى أَخَذَ فِي ذَلِكَ بِاللُّغَةِ الَّتِي يَتَنَاوَلُ فِيهَا لَفْظُ الْإِخْوَةِ لِلْأَخَوَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مِيرَاثُ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُونَ مَعَ وَارِثٍ مِنْ الْوَلَدِ ذُكُورَهُمْ وَإِنَاثَهُمْ وَوَلَدَ الِابْنِ لَا يَرِثُونَ مَعَ وَارِثٍ مِنْ الْأَبِ وَالْأَجْدَادِ وَيَرِثُونَ مَعَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأُمِّ وَالْجَدَّاتِ وَسَائِرِ الْوَرَثَةِ بِالْفَرْضِ دُونَ التَّعْصِيبِ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْتَفِيدُونَ ذَلِكَ مِنْ الْأُمِّ وَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ التَّعْصِيبِ، وَفَرْضُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ السُّدُسُ لَا يُنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِالْعَوْلِ، وَفَرْضُ الِاثْنَيْنِ فَمَا زَادَ الثُّلُثُ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ سَوَاءٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ} [النساء: ١٢] وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا أَنْ يُورَثَ بِغَيْرِ أَبَوَيْنِ وَلَا مَوْلُودَيْنِ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: ١٢] فَسَاوَى فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ، ثُمَّ قَالَ تَبَارَكَ اسْمُهُ {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] فَوَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَسَاوِيهِمْ فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَفْظٌ ظَاهِرُ الِاشْتِرَاكِ فِي الثُّلُثِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمَّا اسْتَوَى ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ عِنْدَ الِانْفِرَادِ بِالسَّوَاءِ اسْتَوَى عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ فِي الثُّلُثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(فَرْعٌ) وَفِي كِتَابِ ابْنِ عَجْلَانَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَضِيُّ فِي صَبِيٍّ يَمُوتُ وَلَهُ أُمٌّ مُتَزَوِّجَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِزَوْجِهَا أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّ بِهَا حَمْلًا لِمَكَانِ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا وَرِثَ ذَلِكَ الْحَمْلُ أَخَاهُ لِأُمِّهِ الْمَيِّتَ.

وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَعْزِلُ عَنْهَا وَلَهُ وَطْؤُهَا فَإِنْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَرِثَ أَخَاهُ وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَرِثْهُ؛ لِأَنَّهُ عَزَلَ عَنْهَا فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَطْرُقَهَا وَيَتَسَوَّرَ عَلَيْهَا وَهَذَا إذَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>