للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمَّةً لَهُ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً تُوُفِّيَتْ وَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَالَ لَهُ: مَنْ يَرِثُهَا؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا، ثُمَّ أَتَى عُثْمَانَ بْنُ عَفَّانَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ أَتَرَانِي نَسِيت مَا قَالَ لَك عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا) .

ــ

[المنتقى]

طَالِبٌ وَعَقِيلٌ عَلَى مِلَّتِهِمَا فَانْفَرَدَا بِمِيرَاثِهِ وَإِنَّمَا أَسْلَمَا بَعْدَ مَوْتِهِ عَامَ الْفَتْحِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ وَلَا لِجَعْفَرٍ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ عَقِبِهِمَا حَظٌّ فِي الشِّعْبِ الَّذِي كَانَ لِأَبِي طَالِبٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنَّمَا الْمُرَاعَى فِي التَّوَارُثِ اتِّفَاقُ الدِّينَيْنِ حَالَ الْوَفَاةِ وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَسْلَمَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ مَرِيضٌ وَرِثَهُ وَرَثَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ وَجَرَى حَالُهُ فِي غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ مَجْرَى الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ أَنَّ كَافِرًا تُوُفِّيَ وَتَرَكَ حَمْلًا فَوُلِدَ لَهُ لَكَانَ عَلَى دِينِ أَبِيهِ وَوَرِثَهُ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ لِابْنِ الْأَشْعَثِ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ عَمَّتِهِ الْيَهُودِيَّةِ مَنْ يَرِثُهَا فَقَالَ لَهُ يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا وَذَلِكَ يَقْتَضِي التَّوَارُثُ بِالدِّينِ الْوَاحِدِ دُونَ الدِّينَيْنِ وَهَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ غَيْرَ مُسْلِمٍ دُونَ خِلَافٍ فِيهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَهُودِيًّا وَالْآخَرُ نَصْرَانِيًّا فَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ نَصْرَانِيٍّ تَحْتَهُ يَهُودِيَّةٌ فَتُوُفِّيَ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لِذَلِكَ إلَيْنَا فَإِنْ تَحَاكَمُوا عِنْدَنَا فَإِنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ؛ لِأَنَّنَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ يَتَزَوَّجُ أُمَّهُ، أَوْ ابْنَتَهُ، أَوْ أُخْتَهُ، ثُمَّ أَسْلَمُوا فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَتَوَارَثُونَ بِالْمِيرَاثِ الْأَصْلِيِّ الَّذِي لَا يُغَيِّرُهُ الْإِسْلَامُ وَلَوْ تَزَوَّجَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ، ثُمَّ أَسْلَمُوا فَمَاتَ الْمَجُوسِيُّ فَإِنَّ الزَّوْجِيَّةَ قَدْ بَطَلَتْ بِالْإِسْلَامِ وَثَبَتَتْ الْأُمُومَةُ وَابْنُهُ هُوَ ابْنُهُ وَأَخُوهُ لِلْأُمِّ فَإِنَّ الْأُمَّ تَرِثُ السُّدُسَ عَلَى أَنَّهَا أُمٌّ وَتَرِثُ الِابْنَ عَلَى أَنَّهُ ابْنٌ وَسَقَطَ حُكْمُ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَلَوْ تَزَوَّجَ ابْنَتَهُ وَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا وَلَدَانِ فَأَسْلَمُوا، ثُمَّ تُوُفِّيَ الرَّجُلُ فَإِنَّ لِابْنَتِهِ الْخُمُسَ وَتَسْقُطُ الزَّوْجِيَّةُ وَالْبَاقِي لِابْنَيْهِ فَإِنْ تُوُفِّيَ أَحَدُهُمَا فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَتَسْقُطُ الْأُخُوَّةُ وَلِأَخِيهِ الْبَاقِي وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْفَرَائِضِ: لَهَا السُّدُسُ؛ لِأَنَّهَا أُخْتٌ فَتَحْجُبُ نَفْسَهَا مَعَ الْأَخِ إلَى السُّدُسِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا عُلِمَتْ الْأَدْيَانُ فَإِنْ جُهِلَتْ مِثْلُ رَجُلٍ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ أَحَدُهُمْ صَغِيرٌ وَأَحَدُ الْكَبِيرَيْنِ مُسْلِمٌ وَالثَّانِي نَصْرَانِيٌّ فَادَّعَى الْمُسْلِمُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَأَنَّ أَخَاهُ الصَّغِيرَ مُسْلِمٌ وَادَّعَى النَّصْرَانِيُّ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا وَأَنَّ أَخَاهُ الصَّغِيرَ نَصْرَانِيٌّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي رَجُلٍ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا نَصْرَانِيٌّ وَالثَّانِي مُسْلِمٌ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَا يُعْرَفُ لِمَنْ هُوَ يَدَّعِيهِ رَجُلَانِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا فَكَذَلِكَ هَذَا.

وَقَالَ أَبُو غَالِبِ الْفَرَضِيِّ يَتَحَالَفَانِ وَيُقْسَمُ الْمَالُ الْآنَ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمَا إنَّكُمَا اسْتَحَقَّيْتُمَا الْمَالَ بِإِيمَانِكُمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا يَزْعُمُ أَنَّ الصَّغِيرَ أَخُوهُ وَشَرِيكُهُ فَلْيُعْطِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا الصَّغِيرَ شَطْرَ مَا بِيَدِهِ فَيَصِيرُ لِلصَّغِيرِ نِصْفُ مَالِ الْمُتَوَفَّى وَالنِّصْفُ الثَّانِي بَيْنَ الْكَبِيرَيْنِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقِرُّ بِأَنَّ نِصْفَ الْمَالِ لِلصَّغِيرِ وَيَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ الثَّانِيَ لِنَفْسِهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَهُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ كَبِيرَيْنِ وَابْنَةً صَغِيرَةً لَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِقْرَارِ لَهَا بِهِ وَتَنَازَعَا فِي الثُّلُثَيْنِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَقَوْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُحْكَمُ فِي مَوَارِيثِهِمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِيٍّ يَمُوتُ عَلَى كُفْرِهِ، ثُمَّ يُسْلِمُ أَحَدُ وَرَثَتِهِ فَإِنَّهُمْ يَتَقَاسَمُونَ عَلَى مَوَارِيثِهِمْ وَإِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ عَلَى مَوَارِيثِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ أَهْلُ الْكِتَابِ وَغَيْرُهُمْ سَوَاءٌ يَتَوَارَثُونَ عَلَى مَوَارِيثِ الْإِسْلَامِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفُ الْحَالِ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ بِنَصْرَانِيَّةٍ وَلَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>