للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِتْقُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَجَامِعُ الْقَضَاءِ فِي الْعَتَاقَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا وَلَا يَهَبُهَا وَلَا يُوَرِّثُهَا وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ) .

ــ

[المنتقى]

الْمَالِ يُرِيدُ أَنَّ رَقَبَتَهُ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ رَقَبَةُ وَلَدِهِ وَمَالُهُ مِلْكٌ لَهُ وَلِذَلِكَ إذَا أُعْتِقَ بَقِيَ مَالُهُ عَلَى مِلْكِهِ وَبَقِيَ مَالُهُ عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهِ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَهَذَا فِي الْعِتْقِ الْبَتْلِ، وَكَذَلِكَ الْمُعْتَقَةُ إلَى أَجَلٍ فِيمَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ فَأَمَّا مَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ فِي الْأُمِّ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ فِي كُلِّ مَنْ تَلِدُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ فَبِمَنْزِلَةِ مَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ مِنْ أَمَتِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ وَلَدَتْهُ بَعْدَ عَقْدٍ لَازِمٍ بِحُرِّيَّتِهَا فَكَانَ حُكْمُ الْوَلَدِ حُكْمَهَا كَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ وَأُمِّ الْوَلَدِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْمُوصَى بِعِتْقِهَا، أَوْ لِفُلَانٍ فَمَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَرَقِيقٌ لِوَرَثَتِهِ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْوَصِيَّةُ وَمَا تَلِدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أُمِّهِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ أَنَّ عَقْدَ عِتْقِهَا قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ غَيْرُ لَازِمٍ وَهُوَ بَعْدَ الْمَوْت لَازِمٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ أَمَتِهِ لِيَفْعَلَنَّ كَذَا فَوَلَدَتْ بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَمَّا مَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْيَمِينِ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْيَمِينُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْعِتْقَ قَدْ تَعَلَّقَ بِهَا تَعَلُّقًا لَازِمًا لَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِعَمَلٍ وَتَكَلُّفٍ فَكَانَ وَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ -.

(فَصْلٌ) :

قَالَ مَالِكٌ وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْوَلَدَ مُخَالِفٌ لِمَالِ الْعَبْدِ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ إذَا أَفْلَسَا أُخِذَتْ أَمْوَالُهُمَا وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِمَا وَلَمْ يُؤْخَذْ أَوْلَادُهُمَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِذِمَّتِهِ بِوَلَدِهِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ مَالِهِ لَقَضَى مِنْهُ دَيْنَهُ قَالَ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ الْمُبْتَاعُ مَالَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدُهُ يُرِيدُ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْمَالِ وَلَا حُكْمُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا جُرِحَ أُخِذَ هُوَ وَمَالُهُ وَلَمْ يُؤْخَذْ وَلَدُهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَالَ يَتْبَعُ الْعَبْدَ فِي الْجِنَايَةِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[عِتْقُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَجَامِعُ الْقَضَاءِ فِي الْعَتَاقَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا وَلَا يَهَبُهَا وَلَا يُوَرِّثُهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا فِي جِنَايَةٍ وَلَا سَبِيلَ لِغُرَمَائِهِ عَلَيْهَا فِي فَلْسٍ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ هُوَ مُعْظَمُ الْوُجُوهِ الَّتِي يَخْرُجُ بِهَا الرَّقِيقُ عَنْ مِلْكِ السَّيِّدِ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ إخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا إبْقَاؤُهَا عَلَى مِلْكِهِ، أَوْ تَعْجِيلِ عِتْقِهَا وَعَلَى هَذَا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ عُرِضَ عَلَيْهِ أَنْ يُسْلِمَ فَإِنْ أَسْلَمَ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ عَلَى مَا كَانَتْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ قَالَ تُعْتَقُ، ثُمَّ قَالَ تُوقَفُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ، أَوْ يُسْلِمَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْعِتْقِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وُقِفَتْ حَتَّى يَمُوتَ، أَوْ يُسْلِمَ فَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تُوقَفُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً فَإِنْ أَسْلَمَ فِيهَا وَإِلَّا عَتَقَتْ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِتَعْجِيلِ عِتْقِهَا أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ فِيهَا الِاسْتِمْتَاعُ فَإِذَا حَرُمَ عَجَّلَ عِتْقَهَا إلَى أَنْ يَرَى أَنَّ الْمُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ إذَا وَهَبَهُ سَيِّدُهُ خِدْمَتَهُ عَجَّلَ عِتْقَهُ لَمَّا لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ وَإِنَّمَا حَرُمَ لِسَبَبٍ يُمْكِنُ زَوَالُهُ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ قَدْ عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>