للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

عِتْقُ رَقَبَةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَا عِلْمَ لَهُ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِقِيمَتِهَا دُونَ نَقْصٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ وَضَعَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَيْهِ رَقَبَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ رَقَبَةً تَامَّةً قَالَ عِيسَى وَبَلَغَنِي عَنْ ابْن كِنَانَةَ أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْإِعَادَةِ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ لَا يُجْزِئُهُ.

وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ وَأَنَّهُ مَنْ اعْتَقَدَ فِي ذَلِكَ مَا يَعْتَقِدُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا تُجْزِي فَفَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ وَمَنْ كَانَ يَعْتَقِدُ جَزَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ قَوْلُ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مَا اعْتَقَدَهُ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ الْعَامَّةِ إنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ الْمُفْتِي وَالْحَاكِمِ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ سَائِرَ النَّاسِ بِالْفَتْوَى إنْ اسْتَفْتَوْهُ وَبِالْحُكْمِ بِذَلِكَ إذَا كَانَ مِمَّا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيمَنْ اشْتَرَى رَقَبَةً بِشَرْطِ الْعِتْقِ عَنْ وَاجِبٍ أَوْ غَيْرِ وَاجِبٍ فَقَالَ مَرَّةً يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَرِهَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ وَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْوَاجِبِ إذَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ قَالَ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ عَلَى إيجَابِ الْعِتْقِ.

وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْإِيجَابُ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ لَا عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ.

فَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَقْدُ بَيْعٍ قَدْ انْعَقَدَ عَلَى شَرْطٍ جَائِزٍ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ كَمَا لَوْ شَرَطَ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ أَوْ عَمَلًا؛ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْعَبْدَ بِهَذَا الشَّرْطِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لَهُ الِانْتِقَالُ إلَى غَيْرِهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الشِّرَاءَ قَدْ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ تَقَرُّرِ الْمِلْكِ وَثُبُوتِهِ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ بَعْدَ ذَلِكَ الْعِتْقَ وَوُجُوبُ الْعِتْقِ يُنَافِي تَقَرُّرِ الْمِلْكِ فَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْعِتْقِ؛ وَلِأَنَّ الْبَائِعَ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَشْتَرِطْ وُقُوعَهُ بِنَفْسِ الْمِلْكِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي وَمُخْتَصًّا بِإِيقَاعِهِ دُونَ إيقَاعِ غَيْرِهِ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا: إنَّ لِلْمُشْتَرِي الِامْتِنَاعَ مِنْ عِتْقِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ، أَوْ يُمْسِكَ عَنْهُ فَإِنْ قَامَ عَلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ بِالْعِتْقِ أَوْ الرَّدِّ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ شَرْطًا جَائِزًا كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ بِهِ فَإِمَّا أَنْ يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ وَإِمَّا أَنْ يَتَرَادَّا الْبَيْعَ.

(فَرْعٌ) وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ بِعَيْنِهِ وَقَامَ الْغُرَمَاءُ بِقُرْبِ الْبَيْعِ فَإِنْ أَدْرَكَهُ عَيْبٌ، وَذَلِكَ بِقُرْبِ الْبَيْعِ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِعَيْبِهِ، أَوْ يَتْرُكَ شَرْطَهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ مَاتَ بِقُرْبِ الْبَيْعِ فَإِنْ أَدْرَكَهُ عَيْبٌ، أَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ مُفْسِدٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَأَمَّا إنْ مَضَى لِلْبَيْعِ شَهْرٌ فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ عَلَى الْمُبْتَاعِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ بِلَا شَرْطٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ عِلْمٌ بِتَرْكِ الْمُبْتَاعِ الْعِتْقَ، وَمِثْلُهُ قَالَ ابْن الْقَاسِمِ فِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ لِمُضِيِّ الشَّهْرِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُنْفِذَ الْعِتْقَ، أَوْ يُمْسِكَ عَنْهُ وَكَانَ لِلْبَائِعِ الْمُطَالَبَةُ بِالْعِتْقِ، أَوْ تَسْوِيغُ التَّرْكِ فَكَأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَمَا أَصَابَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ الْمَطْلُوبِ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ إنْ اخْتَارَ ارْتِجَاعَ الْعَبْدِ، وَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَا يَصِحُّ فِيهَا الْخِيَارُ فِي الرَّقِيقِ فَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِتَرْكِ الْمُبْتَاعِ الْعِتْقَ وَلَمْ يَعْتَرِضْ مِنْهُ الْمُدَّةَ فَقَدْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَبَطَلَ شَرْطُهُ مِنْ الْعِتْقِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ عِتْقُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ عَلَى شَرْطِهِ وَلَمَّا فَاتَ ارْتِجَاعُ الْعَبْدِ بِمَا دَخَلَهُ مِنْ الْعَيْبِ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ قِيمَتُهُ دُونَ شَرْطٍ لِمَا تَعَدَّى بِهِ مِنْ مَنْع الْعِتْقِ وَهَذَا مَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ بِالشَّرْطِ فَلَا يَحُطُّ عَنْهُ وَقَدْ سَقَطَ الشَّرْطُ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا فَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ لِعَيْبٍ حَدَثَ بِهِ بَعْدَ شَهْرٍ، أَوْ طُولِ زَمَانٍ فَأَعْتَقَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي عَنْ ظِهَارٍ، أَوْ عِتْقٍ وَاجِبٍ أَجْزَأَهُ إنْ كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِهِ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَالطُّولُ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ السَّنَةُ وَالسَّنَةُ وَنِصْفٌ وَالسَّنَتَانِ أَبْيَنُ فَإِذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ دُونَ شَرْطِ الْعِتْقِ وَأَجْزَأَهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّغْيِيرَ الظَّاهِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>