للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ» ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَبْتَاعُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّهُ يُوَالِي مَنْ شَاءَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَذِنَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يُوَالِي مَنْ شَاءَ مَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» «وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ» فَإِذَا جَازَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ لَهُ وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ فَتِلْكَ الْهِبَةُ) .

جَرُّ الْعَبْدِ الْوَلَاءَ إذَا أُعْتِقَ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَامّ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَلِذَلِكَ الْعَبْدِ بَنُونَ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ فَلَمَّا أَعْتَقَهُ الزُّبَيْرُ قَالَ هُمْ مَوَالِيَّ وَقَالَ مَوَالِي أُمِّهِمْ بَلْ هُمْ مَوَالِينَا فَاخْتَصَمُوا إلَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَضَى عُثْمَانُ لِلزُّبَيْرِ بِوَلَائِهِمْ)

ــ

[المنتقى]

قُلْنَا يَنْفُذُ الْعِتْقُ فَإِنَّ الْمَالَ سَائِغٌ لِلْبَائِعِ وَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ وَالْعِتْقُ مَاضٍ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إعْطَاءِ الْمَالِ عَلَى تَعْجِيلِ الْعِتْقِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا وَقَعَ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا نَفَذَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَذِنَ لِرَجُلٍ فِي أَنْ يُعْتِقَ أَمَتَهُ وَلَمَّا بَطَلَ الْبَيْعُ رَدَّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الثَّمَن؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ الثَّمَنِ.

(ش) : نَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ أَصْلُ ذَلِكَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْبَيْعِ دُونَ الرَّقَبَةِ إذَا ثَبَتَ بِعِتْقٍ، أَوْ بِعَقْدٍ لَازِمٍ يَقْتَضِي الْعِتْقَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ عَنْ مَحَلِّهِ بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» يُرِيدُ أَنَّ الْوَلَاءَ إنَّمَا ثَبَتَ لِمَنْ أَوْقَعَ الْعِتْقَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ الْعُلَمَاءُ إنَّ مَعْنَاهُ إذَا أَوْقَعَ عَنْهُ الْعِتْقَ غَيْرُهُ وَمِنْ ابْتَاعَ الْوَلَاءَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، أَوْ هِبَتِهِ فَلَيْسَ بِمُعْتِقٍ وَلَا مُعْتَقٍ عَنْهُ وَأَمَّا انْتِقَالُ الْوَلَاءِ بِالْمَوَارِيثِ وَالْجَدِّ فَمِنْ بَابِ مِيرَاثِ الْحُقُوقِ بِسَبَبِ الْمُعْتَقِ الْمَوْرُوثِ لَا عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ يَنْتَقِلُ وَإِنَّمَا هُوَ بَاقٍ كَالنَّسَبِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ بَاعَ وَلَاءَ مُعْتَقِهِ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ يَبْطُلُ بَيْعَهُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَلَوْ وَهَبَهُ لَمْ تَمْضِ هِبَتُهُ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ لَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَالَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ كَمَا لَا يَنْتَقِلُ النَّسَبُ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ إجَازَةُ هِبَةِ الْوَلَاءِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(ش) : قَوْلُهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَبْتَاعَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ عَلَى أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُهُ لِزَيْدٍ، أَوْ لِعَمْرٍو، أَوْ لِمَنْ يَخْتَارُ الْعَبْدُ.

وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ، أَوْ أُعْتِقَ عَنْهُ وَهَذَا الَّذِي يَخْتَارُ الْعَبْدُ مُوَالَاتَهُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ لَمْ يُعْتَقْ وَلَا أَعْتَقَ عَنْهُ وَنَهَى أَيْضًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ وَمَا يَخْتَارُ الْعَبْدُ مِنْ صَرْفِ وَلَائِهِ إلَى مَنْ شَاءَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعِتْقُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ إلَى مَنْ يَخْتَارُهُ الْعَبْدُ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ ابْتِدَاءً، وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ مَمْنُوعٌ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُمَا وَفِي الْمُزَنِيَّةِ سَأَلَتْ عِيسَى عَمَّا كَرِهَ مَالِكٌ مِنْ أَنْ يَبْتَاعَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ عَلَى أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ أَرَأَيْت إنْ وَقَعَ ذَلِكَ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ قَالَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ.

[جَرُّ الْعَبْدِ الْوَلَاءَ إذَا أُعْتِقَ]

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ الزُّبَيْرَ اشْتَرَى عَبْدًا لَهُ بَنُونَ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ فَأَعْتَقَهُ فَقَضَى لَهُ عُثْمَانُ بِوَلَائِهِمْ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ قَامَتْ السُّنَّةُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ وَلَدَ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ الْمُعْتَقَةِ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أُمِّهِ مَا كَانَ أَبُوهُ عَبْدًا فَإِذَا عَتَقَ جَرَّهُ إلَى مَوَالِيهِ وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُعْتَقَ أَبُوهُ فَعَلَى هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الزُّبَيْرِ كَانَتْ زَوْجَةُ الْعَبْدِ مَوْلَاةً فَكَانَ وِلَايَتُهُمْ لِمَوَالِي أُمِّهِمْ فَلَمَّا أَعْتَقَ الزُّبَيْرُ أَبَاهُمْ رَأَى أَنَّهُ قَدْ جَرَّ وَلَاءَهُمْ وَصَارُوا مَوَالِيَ لَهُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَلَوْ كَانَ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ يُرِيدُ أَنَّهُ بِنَفْسِ الْعِتْقِ يَنْجَرُّ الْوَلَاءُ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>