للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَمَالَةُ فِي الْكِتَابَةِ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَبِيدَ إذَا كُوتِبُوا جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً فَإِنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ وَأَنَّهُ لَا يُوضَعُ عَنْهُمْ لِمَوْتِ أَحَدِهِمْ شَيْءٌ وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ قَدْ عَجَزْت وَأَلْقَى بِيَدَيْهِ فَإِنَّ لِأَصْحَابِهِ أَنْ يَسْتَعْمِلُوهُ فِيمَا يُطِيقُ مِنْ الْعَمَلِ وَيَتَعَاوَنُونَ بِذَلِكَ فِي كِتَابَتِهِمْ حَتَّى يَعْتِقَ بِعِتْقِهِمْ إنْ عَتَقُوا وَيَرِقَّ بِرِقِّهِمْ إنْ رَقُّوا)

ــ

[المنتقى]

مَا كَانَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى عَجْزِهِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ مَا اقْتَضَى أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ صَاحِبِهِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمِلْكِ أَنْ يَقْتَضِيَ السَّيِّدُ مُعْظَمَ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ يَعْجِزُ الْعَبْدُ عَنْ أَقَلِّهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى رِقِّهِ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ الَّذِي أَنْظَرَهُ عَلَى الَّذِي اقْتَضَى بِمُقْتَضَاهُ زَائِدًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْلِفْهُ إيَّاهُ وَإِنَّمَا أَسْلَفَهُ لِلْمُكَاتَبِ وَلَوْ أَسْلَفَ شَرِيكَهُ لَرَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا أَسْلَفَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَتْبَعُ الَّذِي أَنْظَرَهُ الْعَبْدُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَنْظَرَهُ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ يُسْقِطُ عَنْهُ دَيْنَ الْكِتَابَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَضَعَ لَهُ، ثُمَّ اقْتَضَى صَاحِبُهُ بَعْضَ الَّذِي عَلَيْهِ، ثُمَّ عَجَزَ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا يُرِيدُ أَنَّ مَا وَضَعَ عَنْهُ أَحَدُهُمَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ مَعَ الْعَجْزِ كَمَا لَوْ قَبَضَ مِنْهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ جَمِيعَ مَالِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا لِلثَّانِي عِنْدَهُ فَاسْتُرِقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِلْكًا لَهُمَا.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَرُدُّ الَّذِي اقْتَضَى عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا يُرِيدُ أَنَّ مَا قَبَضَ يَكُونُ لَهُ دُونَ الَّذِي وَضَعَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ وَإِنَّمَا قَبَضَ مَا كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّ شَرِيكَهُ قَدْ وَضَعَ عَنْهُ جَمِيعَ مَا كَانَ لَهُ فَلَمْ يَقْتَضِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِحَقِّهِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُمَا دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ بِذِكْرِ حَقٍّ وَاحِدٍ فَأَنْظَرَهُ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ قَبَضَ الْآخَرُ بَعْضَ حَقِّهِ، ثُمَّ أَفْلَسَ فَإِنَّ الَّذِي أَنْظَرَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ مِنْ الدَّيْنِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى مَنْ قَبَضَ حَقَّهُ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْحَمَالَةُ فِي الْكِتَابَةِ]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ مَنْ كَانَ لَهُ جَمَاعَةٌ عَبِيدٌ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُكَاتِبَهُمْ كِتَابَةً وَاحِدَةً تَشْمَلُهُمْ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مَقْصُودُهُ إزَالَةُ الْمِلْكِ عَنْ الرَّقَبَةِ فَجَازَ أَنْ يَخُصَّ وَيَعُمَّ كَالتَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ وَسَوَاءٌ كَانُوا أَجَانِبَ وَأَقَارِبَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا وَلَا نِصْفِهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَالَ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ وَلَا نِصْفِهِمَا قَالَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَلَا يَبِيعُ نِصْفَ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ النِّصْفَ يَصِيرُ مُحْتَمَلًا عُمَّالًا يَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ بَيْعُهُمَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ لَا مِنْ رَجُلَيْنِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: أَمَّا بَيْعُهُمَا مِنْ رَجُلَيْنِ أَوْ مِنْ رَجُلٍ نِصْفَ كِتَابَتِهِمَا جَمِيعًا فَجَائِزٌ وَلَوْ وَرِثَهُمَا وَرَثَةٌ جَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْهُمَا وَهِبَتُهُ، وَقَدْ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ بَيْعَ بَعْضِ الْمُكَاتَبِ، أَوْ نَجْمًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ إطْلَاقِ الْكِتَابَةِ لِجَمَاعَةٍ عَبِيدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى اشْتِمَالِ الْعَقْدِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ بَعْضَهُمْ إلَّا بِعِتْقِ بَعْضٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إنَّ مَنْ أَدَّى مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ عَتَقَ، وَلَوْ عَقَدُوا الْعَقْدَ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ بَطَلَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مُنَافَاةِ التَّبْعِيضِ وَلِذَلِكَ مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ لَمْ يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ مَنْ كَاتَبَ أَعْبُدًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُمْ أَحَدًا إلَّا بِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِمْ دَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ هَذَا عَقْدٌ يُفْضِي إلَى حُرِّيَّةٍ فَإِذَا اشْتَمَلَ عَلَى جَمِيعِهِ لَمْ يَتَبَعَّضْ عِتْقُهُ، أَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ إذَا أَدَّيْتُمْ إلَيَّ أَلْفَ دِينَارٍ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ وَهَذَا إذَا كَانَ سَيِّدُهُمْ وَاحِدًا فَأَمَّا إنْ كَانَ السَّادَاتُ جَمَاعَةً كَالسَّيِّدَيْنِ يُكَاتِبَانِ عَبْدَيْنِ لَهُمَا فَإِنَّ أَشْهَبَ لَا يُجِيزُ الْكِتَابَةَ إلَّا أَنْ يُسْقِطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمَا عَنْ بَعْضٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>