للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعْيُ الْمُكَاتَبِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلَا عَنْ رَجُلٍ كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى بَنِيهِ، ثُمَّ مَاتَ هَلْ يَسْعَى بَنُو الْمُكَاتَبِ فِي كِتَابَةِ أَبِيهِمْ أَمْ هُمْ عَبِيدٌ فَقَالَا بَلْ يَسْعَوْنَ فِي كِتَابَةِ أَبِيهِمْ وَلَا يُوضَعُ عَنْهُمْ لِمَوْتِ أَبِيهِمْ شَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَا يُطِيقُونَ السَّعْيَ لَمْ يُنْتَظَرْ بِهِمْ أَنْ يَكْبَرُوا وَكَانُوا رَقِيقًا لِسَيِّدِ أَبِيهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُكَاتَبُ تَرَكَ مَا يُؤَدَّى بِهِ عَنْهُمْ نُجُومُهُمْ إلَى أَنْ يَتَكَلَّفُوا السَّعْيَ فَإِنْ كَانَ فِيمَا تَرَكَ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ أُدِّيَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَتُرِكُوا عَلَى حَالِهِمْ حَتَّى يَبْلُغُوا السَّعْيَ فَإِنْ أَدَّوْا عَتَقُوا وَإِنْ عَجَزُوا رَقُّوا) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ مَا لَا لَيْسَ فِيهِ وَفَاءُ الْكِتَابَةِ وَيَتْرُكُ وَلَدًا مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَأُمَّ وَلَدٍ فَأَرَادَتْ أُمُّ وَلَدِهِ أَنْ تَسْعَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُ يُدْفَعُ إلَيْهَا الْمَالُ إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً عَلَى ذَلِكَ قَوِيَّةً عَلَى السَّعْيِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَوِيَّةً عَلَى السَّعْيِ وَلَا مَأْمُونَةً عَلَى الْمَالِ لَمْ تُعْطَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَرَجَعَتْ هِيَ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبِ رَقِيقًا لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ) .

ــ

[المنتقى]

عَلَى سَبِيلِ التَّفْرِيقِ لَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيقِ وَكَانَ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيلِ فِيهِ بِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ فَعَلَى هَذَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلْكِتَابَةِ إنَّمَا يَشْتَرِي مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَإِنَّمَا يَسْتَرِقُّ الْعَبْدَ لِعَجْزِهِ عَنْ أَدَاءِ مَا اشْتَرَى فَلَوْ ابْتَدَأَ عِتْقَهُ بَعْدَ عَجْزِهِ وَاسْتِرْقَاقِهِ لَبَطَلَ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَكَانَ وَلَاؤُهُ بِالْعِتْقِ الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[سَعْيُ الْمُكَاتَبِ]

(ش) : قَوْلُهُ فِي الْمُكَاتَبِ يَمُوتُ وَلَهُ بَنُونَ أَنَّهُ لَا يُحَطُّ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ الْكِتَابَةِ الَّتِي لَزِمَتْ أَبَاهُمْ وَيَسْعَوْنَ فِي أَدَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْكِتَابَةَ عَلَى حُكْمِ الْحَمَالَةِ يَحْمِلُهَا الْمُكَاتَبُونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فَمَنْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْكِتَابَةِ ثَبَتَ لَهُ وَعَلَيْهِ حُكْمُ الْحَمَالَةِ فَلَا يَعْتِقُ أَحَدٌ مِنْ شُرَكَائِهِ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا بِعِتْقِهِ وَيُؤَدِّي عَمَّنْ عَجَزَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ لِمَوْتٍ أَوْ عَجْزٍ عَنْ سِعَايَةٍ، فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَةِ أُدِّيَ عَنْهُ مَا كَانَ يَنُوبُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ مِنْ شِرْكِهِ فِيهَا وَلَوْ اسْتَحَقَّ أَحَدُ الْمُكَاتَبِينَ بِحُرِّيَّةٍ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَمُوتُ أَنَّ مَنْ مَاتَ قَدْ لَزِمَتْهُ الْكِتَابَةُ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ تَعَلُّقَ حَقِيقَةٍ، وَأَمَّا الْمُسْتَحِقُّ بِحُرِّيَّةٍ فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَازِمًا لَهُ وَلَا مُتَعَلِّقًا بِهِ فَلَمْ يَضْمَنْ سَائِرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مَا يَنُوبُهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْهُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَا يُطِيقُونَ السَّعْيَ لَمْ يُنْتَظَر بِهِمْ أَنْ يَكْبَرُوا يُرِيدُ إذَا لَمْ يَتْرُكْ أَبُوهُمْ مَا يُؤَدَّى بِهِ الْكِتَابَةُ أَوْ يُؤَدَّى بِهِ نُجُومُهَا إلَى أَنْ يَبْلُغُوا السَّعْيَ، فَإِنْ تَرَكَ مَا يُؤَدَّى عَنْهُمْ إلَى أَنْ يَبْلُغُوا السَّعْيَ أُدِّيَ عَنْهُمْ وَانْتُظِرَ بِهِمْ ذَلِكَ فَإِنْ أَدَّوْا بِسَيْعِهِمْ عَتَقُوا وَإِنْ عَجَزُوا رَقُّوا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ الْمُتَوَفَّى كَانَ أَيْضًا ضَامِنًا لَهُ مَا عَلَى بَنِيهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْكِتَابَةِ بِحَقِّ مُشَارَكَتِهِ لَهُمْ فِيهَا فَإِذَا تَرَكَ مَا يُؤَدَّى عَنْهُمْ وَعَجَزُوا هُمْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ الَّذِي تَرَكَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ أُمَّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ إذَا مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَلَدٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَأَرَادَتْ السَّعْيَ عَلَيْهِمْ فَذَلِكَ لَهَا وَيَسْعَوْنَ بِسَعْيِهَا؛ لِأَنَّ وَلَدَهُ بِمَنْزِلَتِهِ قَدْ بَاشَرَتْهُ الْكِتَابَةُ كَمَا بَاشَرَتْهُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ لَهَا حُكْمُ الْمَالِ فَإِنْ أَمْكَنَ الْأَدَاءُ عَنْهُمْ بِسَعْيِهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ غَلَّةِ مَالِ الْمُكَاتَبِ يَتَأَدَّى مِنْهَا نُجُومُهُمْ، وَإِذَا لَمْ يُخْلِفْ الْمُكَاتَبُ وَلَدًا فَلَا سَبِيلَ لَهَا إلَى السَّعْيِ وَلَا إلَى الْعِتْقِ، وَلَوْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ مَالًا كَثِيرًا أَوْ لَمْ يَتْرُكْ مَنْ يَقُومُ بِالْكِتَابَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا فَجَمِيعُ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ مِنْ مَالِهِ فَتَعُودُ إلَى رِقِّ سَيِّدِهِ مَعَ سَائِرِ مَالِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَوِيَّةً عَلَى السَّعْيِ وَلَا مَأْمُونَةً عَلَى الْمَالِ لَمْ تُعْطَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَرَجَعَتْ هِيَ وَوَلَدُهَا الْمُكَاتَبُ رَقِيقًا، يُرِيدُ أَنَّهَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي سَعْيِهَا مَا يَتَأَدَّى مِنْهُ النُّجُومُ، أَوْ كَانَتْ قَوِيَّةً عَلَى السَّعْيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>