للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ فَمَاتَ السَّيِّدُ وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ غَائِبٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ مَا يَخْرُجُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ قَالَ يُوقَفُ الْمُدَبَّرُ بِمَالِهِ وَيُجْمَعُ خَرَاجُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُ الْمَالِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ فِيمَا تَرَكَ سَيِّدُهُ مِمَّا يَحْمِلُهُ الثُّلُثَ عَتَقَ بِمَالِهِ وَبِمَا جَمَعَ مِنْ خَرَاجِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا تَرَكَ سَيِّدُهُ مَا يَحْمِلُهُ عَتَقَ مِنْهُ قَدْرَ الثُّلُثِ وَتَرَكَ مَالَهُ فِي يَدَيْهِ) .

الْوَصِيَّةُ فِي التَّدْبِيرِ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ عَتَاقَةٍ أَعْتَقَهَا رَجُلٌ فِي وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ أَنَّهُ يَرُدُّهَا مَتَى شَاءَ وَيُغَيِّرُهَا مَتَى شَاءَ مَا لَمْ يَكُنْ تَدْبِيرًا فَإِذَا دَبَّرَ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى رَدِّ مَا دَبَّرَ) .

ــ

[المنتقى]

لَهُ الْعِتْقُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ أَخْذِ الْمَالِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّهُ دِينٌ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ بِالْعِتْقِ الْمُنَجَّزِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ ثُلُثُ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ قَدْ سَبَقَتْ لَهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَنَجَزَتْ بِالْعِوَضِ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْمُدَبَّرَ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَالِ الْحَاضِرِ وَقَفَ وَانْتَظَرَ الْمَالَ الْغَائِبَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُعَجَّلُ اسْتِرْقَاقُ بَعْضِهِ مَعَ مَا يُرْجَى مِنْ اسْتِكْمَالِ حُرِّيَّتِهِ بِالْمَالِ الْغَائِبِ لِأَنَّ حُرِّيَّةَ الْمُدَبَّرِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَالَيْنِ فَلَا تَسْقُطُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِتَغَيُّبِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ إلَى عَشْرِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُبَاعُ الدَّيْنُ بِمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ حَتَّى يُعَجَّلَ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ مِنْ ثُلُثِهِ أَوْ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِنْهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ بِهَذَا يُتَوَصَّلُ إلَى تَعْجِيلِ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمَالِ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَطَاعُ ذَلِكَ فِيهِ وَفِيهِ أَيْضًا الْمُدَبَّرُ إلَى أَنْ يُحَلَّ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إلَى عَشْرِ سِنِينَ اسْتِدَامَةَ اسْتِرْقَاقِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ الَّتِي رُبَّمَا أَدَّتْ إلَى تَفْوِيتِ عِتْقِهِ بِمَوْتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ يَئِسَ مِنْ الدَّيْنِ لِعَدَمِ الْغَرِيمِ أَوْ بَعْدَ غِيبَتِهِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَعْتِقُ مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الْمَالُ الْحَاضِرُ؛ لِأَنَّ انْتِظَارَ ذَلِكَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ مَعَ مَا يُخَافُ مِنْ مَوْتِهِ وَفَوْتِ عِتْقِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ يُوقَفُ الْمُدَبَّرُ بِمَالِهِ وَجَمِيعِ خَرَاجِهِ يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ تَابِعٌ لَهُ يَتْبَعُهُ فِي عِتْقِهِ فَلِذَلِكَ قُوِّمَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا عَجَّلَ عِتْقَهُ لِعَدَمِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِسَيِّدِهِ، أَوْ بَعْدَ غَيْبَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الْمَالُ الْحَاضِرُ وَيَعْمَلُ فِي مَالِ الْمُدَبَّرِ عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ، ثُمَّ قَدِمَ الْمَالُ الْغَائِبُ، أَوْ أَثْرَى الْمُعْدِمُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ عَتَقَ فِي ثُلُثِ مَا أَخَذَ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَيْدِيهِمْ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا شَيْءَ فِيمَا قَبَضَ لِلْمُدَبَّرِ وَذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ.

وَقَالَ عِيسَى يَعْتِقُ فِي الثُّلُثِ حَيْثُ كَانَ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ لِلْمُشْتَرِي رَدَّهُ، وَاَلَّذِي قَالَهُ عِيسَى قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَيْبَ قَدْ ظَهَرَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْمُدَبَّرِ الْعِتْقَ مِمَّا كَانَ لِلسَّيِّدِ مِنْ الْمَالِ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ.

[الْوَصِيَّةُ فِي التَّدْبِيرِ]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ يَرُدُّهَا الْمُوصِي مَتَى شَاءَ مِنْ صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَصِيَّةِ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِمَوْتِ الْمُوصِي وَقَوْلُهُ فَإِذَا دَبَّرَ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى مَا دَبَّرَ يُرِيدُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْعِتْقِ بِمَعْنَى التَّدْبِيرِ فَلَا سَبِيلَ لِلْمُعْتَقِ إلَى رَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ غَيْرُ حُكْمِ التَّدْبِيرِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّ حُكْمَ التَّدْبِيرِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ اخْتِلَافَ الْأَلْفَاظِ ظَاهِرُهُ اخْتِلَافُ الْمَعَانِي وَإِذَا كَانَ التَّدْبِيرُ مُخَالِفًا لِلْوَصِيَّةِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَفْظٌ يَخْتَصُّ بِهِ فَأَمَّا لَفْظُ الْوَصِيَّةِ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ إذَا مِتُّ فَأَعْتِقُوا عَبْدِي فُلَانًا فَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ عَنْهُ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إذَا قَالَ فِي صِحَّتِهِ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْوَصِيَّةَ فَهُوَ تَدْبِيرٌ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ كُلُّ مَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>