للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فِي الدِّيَةِ الْإِبِلُ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْعَمُودِ الذَّهَبُ وَلَا الْوَرِقُ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ الْوَرِقُ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ الذَّهَبُ) .

مَا جَاءَ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ وَجِنَايَةِ الْمَجْنُونِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَانَ يَقُولُ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً)

ــ

[المنتقى]

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَالٌ قُطِعَ فِي سَنَتَيْنِ، وَاسْتُحْسِنَ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي آخِرِ السَّنَتَيْنِ قَالَ وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثًا وَزِيَادَةً يَسِيرَةً فَهِيَ فِي سَنَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ لَهَا بَالٌ فَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ، وَإِذَا لَزِمَتْ الدِّيَةُ عَوَاقِلَ عَشَرَةٍ قَالَ لَزِمَ كُلُّ قَبِيلٍ عُشْرُهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا تَحَمَّلَتْ قَبِيلَةُ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عُشْرَ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَقَالَ أَشْهَبُ سَوَاءٌ كَانَتْ الدِّيَةُ إبِلًا أَوْ غَيْرَهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا تَحَمَّلَتْ الدِّيَةَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَلَا يُتَعَجَّلُ مِنْهُمْ شَيْءٌ فَإِذَا تَمَّتْ سَنَةٌ أُخِذَ ثُلُثُهَا قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فِي الدِّيَةِ الْإِبِلُ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْعَمُودِ الذَّهَبُ وَلَا الْوَرِقُ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ الْوَرِقُ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ الذَّهَبُ) .

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ فِي الدِّيَةِ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِمْ، وَاخْتَصَّ بِهِمْ مِنْ أَفْضَلِ الْأَمْوَالِ، وَمَا يَكُونُ تَعَامُلُهُمْ بِهِ، وَيَكْثُرُ وُجُودُهُمْ لَهُ، فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الْإِبِلُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُعْظَمَ أَمْوَالِهِمْ، وَلَا مَا يَتَصَرَّفُونَ بِهِ بَيْنَهُمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ عِنْدَهُ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ، وَلِذَلِكَ قَالَ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْعَمُودِ الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَقَصَرَ الْإِبِلَ عَلَيْهِمْ كَمَا قَصَرَ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى، وَمَنَعَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى التَّخْيِيرِ لِجَانٍ أَوْ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ لَازِمٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنْ يَقَعَ الِاتِّفَاقُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى شَيْءٍ فَيَكُونَ تَعَاوُضًا مُسْتَقْبَلًا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا يُؤْخَذُ الذَّهَبُ مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ، وَلَا الْوَرِقُ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ يُرِيدُ أَنَّ لُزُومَ التَّعْيِينِ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَإِنْ كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا فِي الزَّكَاةِ وَفِي الدَّيْنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ كُلُّ نَوْعٍ مِنْ ذَلِكَ لِقَوْمٍ عَلَى حَسَبِ مَا تَعَيَّنَتْ الْإِبِلُ لِأَهْلِ الْعَمُودِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا جَاءَ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ وَجِنَايَةِ الْمَجْنُونِ]

(ش) : قَوْلُهُ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، يُرِيدُ أَنَّهَا أَرْبَاعٌ فَتَعَلَّقَ التَّغْلِيظُ لِلْعَمْدِ بِالزِّيَادَةِ فِي السِّنِّ دُونَ الْعَدَدِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَعْشَى فِي الْمُزَنِيَّةِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَهِيَ الَّتِي تَتْبَعُ أُمَّهَا، وَقَدْ حَمَلَتْ أُمُّهَا، وَبِنْتُ اللَّبُونِ، وَهِيَ الَّتِي تَتْبَعُ أُمَّهَا أَيْضًا وَهِيَ تَرْضِعُ، وَالْحِقَّةُ هِيَ الَّتِي تَسْتَحِقُّ الْجَمَلَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ الَّتِي بَلَغَتْ أَنْ تُضْرَبَ، وَأَمَّا الْجَذَعَةُ مِنْ الْإِبِلِ فَهِيَ مَا كَانَ مِنْ فَوْقِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ أَرْبَاعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ دِيَةُ الْعَمْدِ أَثْلَاثًا كَدِيَةِ التَّغْلِيظِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ الْقَتْلِ مُعْتَبَرٌ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِبْ فِي دِيَةِ الْحَوَامِلِ كَالْخَطَإِ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَا قُلْنَاهُ هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ.

وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا قُبِلَتْ فِي الْعَمْدِ دِيَةٌ مُبْهَمَةٌ، وَأَمَّا إنْ اصْطَلَحُوا عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ مَاضٍ، وَمِنْ الْمَوَّازِيَّةِ إنْ اصْطَلَحُوا عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ ذَلِكَ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى دِيَةٍ مُبْهَمَةٍ أَوْ عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ فَرَجَعَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ فَهِيَ مِثْلُ دِيَةِ الْخَطَإِ، وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِع أَنَّ الْعَمْدَ يَقْتَضِي التَّغْلِيظَ بِمُجَرَّدِهِ فَإِذَا أُبْهِمَتْ الدِّيَةُ حُمِلَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ إنَّمَا هِيَ دِيَةُ الْخَطَإِ فَإِذَا أُطْلِقَ لَفْظُ الدِّيَةِ اقْتَضَاهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَهِيَ فِي مَالِ الْجَانِي، وَهَلْ تَكُونُ حَالَّةً أَوْ مُنَجَّمَةً فَفِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ هِيَ حَالَّةٌ غَيْرُ مُنَجَّمَةٍ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهَا مُنَجَّمَةٌ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا دِيَةٌ لَا تَحْمِلُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>