للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَامِعُ عَقْلِ الْأَسْنَانِ (ص) : (وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الضِّرْسِ بِجَمَلٍ، وَفِي التَّرْقُوَةِ بِجَمَلٍ، وَفِي الضِّلْعِ بِجَمَلٍ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرٍ، وَقَضَى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فِي الْأَضْرَاسِ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ قَالَ سَعِيدُ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَالدِّيَةُ تَنْقُصُ فِي قَضَاءِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَتَزِيدُ فِي قَضَاءِ مُعَاوِيَةَ فَلَوْ كُنْت أَنَا لَجَعَلْت فِي الْأَضْرَاسِ بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ فَتِلْكَ الدِّيَةُ سَوَاءٌ) .

(ص) : (وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إذَا أُصِيبَتْ السِّنُّ فَاسْوَدَّتْ فَفِيهَا عَقْلُهَا تَامًّا قَالَ طُرِحَتْ بَعْدَ أَنْ اسْوَدَّتْ فَفِيهَا عَقْلُهَا أَيْضًا تَامًّا) .

ــ

[المنتقى]

[جَامِعُ عَقْلِ الْأَسْنَانِ]

(ش) : قَوْلُهُ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرٍ بَعِيرٍ، وَقَضَى مُعَاوِيَةُ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ، وَرَأَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ فِي كُلِّ ضِرْسٍ، وَاسْتَحْسَنَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَوْلَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةِ عَقْلِ جَمِيعِهَا الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ؛ لِأَنَّهَا تَزِيدُ عَلَى قَضَاءِ مُعَاوِيَةَ، وَتَنْقُصُ فِي قَضَاءِ عُمَرَ قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ، وَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَجْعَلُ فِي الْأَضْرَاسِ بَعِيرًا بَعِيرًا، وَالْأَضْرَاسُ عِشْرُونَ كَانَ يَجْعَلُ فِي الْأَسْنَانِ خَمْسَةً، وَالْأَسْنَانُ اثْنَا عَشَرَ أَرْبَعُ ثَنَايَا وَأَرْبَعُ رَبَاعِيَاتٍ، وَأَرْبَعُ أَنْيَابٍ فَدِيَةُ جَمِيعِ ذَلِكَ ثَمَانُونَ بَعِيرًا فَنَقَصَتْ عَنْ دِيَةِ النَّفْسِ عِشْرُونَ بَعِيرًا قَالَ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ يَجْعَلُ فِي الْأَضْرَاسِ خَمْسَةً خَمْسَةً فَجَمِيعُ ذَلِكَ سِتُّونَ وَمِائَةٌ فَقَدْ زَادَ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ سِتِّينَ.

وَقَالَ سَعِيدٌ لَوْ كُنْت أَنَا لَجَعَلْت فِي الْأَضْرَاسِ بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ فَذَلِكَ أَرْبَعُونَ بَعِيرًا، وَفِي الْأَسْنَانِ خَمْسَةً خَمْسَةً فَذَلِكَ سِتُّونَ تَمَامُ الْمِائَةِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَاَلَّذِي قَالَهُ مُعَاوِيَةُ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْأَصْلِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «فِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» ، وَعِنْدَ ابْنِ مُزَيْنٍ يَقُولُ الْأَضْرَاسُ سِتَّةَ عَشَرَ، وَيَزِيدُ فِي الْأَسْنَانِ أَرْبَعُ ضَوَاحِكَ، وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْأَنْيَابَ، وَتَتَّصِلُ بِالْأَضْرَاسِ.

(ش) : قَوْلُهُ إنْ اسْوَدَّتْ السِّنُّ فَفِيهَا الْعَقْلُ تَامًّا، ثُمَّ إنْ طُرِحَتْ فَفِيهَا الْعَقْلُ أَيْضًا تَامًّا، يُرِيدُ: اسْوِدَادُهَا يُوجِبُ فِيهَا الْعَقْلَ التَّامَّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إذَا ضُرِبْت فَاسْوَدَّتْ فَفِيهَا حُكُومَةٌ قَالَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ إذَا اسْوَدَّتْ فَقَدْ ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهَا فَوَجَبَ بِذَلِكَ الدِّيَةُ قَالَ ثُمَّ إذَا طُرِحْت بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ دِيَةٌ أُخْرَى لِذَهَابِ الْجَمَالِ بِهَا كَالْأَنْفِ يُضْرَبُ فَيَذْهَبُ الشَّمُّ فَفِيهِ الدِّيَةُ، ثُمَّ إذَا قُطِعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهِ دِيَةٌ أُخْرَى، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَدَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّهَا إذَا اسْوَدَّتْ وَجَبَ عَقْلُهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ خِلَافُهُ، وَأَمَّا إذَا طُرِحَتْ بَعْدَ اسْوِدَادِهَا فَفِيهَا بَعْضُ الْخِلَافِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَبُو الزِّنَادِ فِيهَا حُكُومَةٌ كَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْعَيْنُ الْقَائِمَةُ لَمْ تَبْقَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ؛ لِأَنَّ السِّنَّ السَّوْدَاءَ بَقِيَتْ فِيهَا قُوَّتُهَا وَأَكْثَرُ مَنَافِعِهَا فَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ فَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّ السِّنَّ إذَا اسْوَدَّتْ فَقَدْ ذَهَبَ جَمَالُهَا، وَبَقِيَتْ مَنْفَعَتُهَا فَإِنَّمَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ الْأُولَى بِاسْوِدَادِهَا لِذَهَابِ جَمَالِهَا، وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ الثَّانِيَةُ لِذَهَابِ مَنْفَعَتِهَا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ السِّنَّ إذَا اضْطَرَبَتْ اضْطِرَابًا شَدِيدًا وَجَبَتْ فِيهَا الدِّيَةُ لِذَهَابِ مَنْفَعَتِهَا، ثُمَّ إنْ طُرِحَتْ فَقَدْ وَجَبَتْ فِيهَا حُكُومَةٌ لِذَهَابِ مَا فِيهَا مِنْ جَمَالٍ وَمَنْفَعَةٍ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ فَلَوْ كَانَتْ السِّنُّ السَّوْدَاءُ ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهَا لَمْ يَجِبْ عَلَى مَنْ طَرَحَهَا إلَّا حُكُومَةٌ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>