للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي مِيرَاثِ الْعَقْلِ وَالتَّغْلِيظِ فِيهِ (ص) : (حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ نَشَدَ النَّاسَ بِمِنًى مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الدِّيَةِ أَنْ يُخْبِرَنِي فَقَامَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ فَقَالَ «كَتَبَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اُدْخُلْ الْخِبَاءَ حَتَّى آتِيَك فَلَمَّا نَزَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ فَقَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، وَكَانَ قَتْلُ أَشْيَمَ خَطَأً) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ يُقَالُ لَهُ قَتَادَةُ حَذَفَ ابْنَهُ بِسَيْفٍ فَأَصَابَ سَاقَهُ

ــ

[المنتقى]

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا عَلَى الْعَاقِلَةِ شَيْءٌ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الَّذِي أَصَابَهُ، وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ إنَّ كُلَّ مَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي تَحَمُّلِ قِيمَتِهِ كَالثِّيَابِ وَالْعُرُوضِ.

[مَا جَاءَ فِي مِيرَاثِ الْعَقْلِ وَالتَّغْلِيظِ فِيهِ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ نَشَدَ النَّاسَ بِمِنًى مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الدِّيَةِ أَنْ يُخْبِرَهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَلِيقُ بِفَضْلِهِ مِنْ التَّوَقُّفِ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي عِنْدَهُ فِيهَا نَصَّ وَمُشَاوَرَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ وَاسْتِدْعَاءِ عِلْمِهِ مِنْ كُلِّ مَنْ يَرْجُو ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَالْإِعْلَامُ بِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَا كَانَ يَرْجُو وُجُودُ النَّصِّ فَإِنْ وَجَدَهُ عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ عَدِمَهُ اجْتَهَدَ رَأْيَهُ حِينَئِذٍ، وَلَعَلَّهُ قَدْ بَانَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الِاجْتِهَادِ حُكْمُ الْفَضِيلَةِ، وَلَكِنَّهُ طَلَبَ النَّصَّ لِيَكُونَ أَبَيْنَ وَأَوْضَحَ وَأَطْيَبَ فِي النَّفْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ الضَّحَّاكِ «كَتَبَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا» دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْعَمَلِ بِمَا كَتَبَ الْعَالِمُ إلَى مَنْ يَسْتَفْتِيهِ، وَذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ إلَيْهِ بِذَلِكَ لِيَمْتَثِلَهُ، وَيَعْمَلَ بِهِ، وَهَذَا حُجَّةٌ وَاضِحَةٌ فِي ذَلِكَ، وَنَقَلَهُ الضَّحَّاكُ إلَى عُمَرَ لِيَعْمَلَ بِهِ، وَتَلَقَّاهُ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إنَّمَا كَتَبَ بِهِ الْعَالِمُ إلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ بِاللِّسَانِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَخْبِرُ إنَّمَا يَسْتَخْبِرُ لِيَعْمَلَ بِمَا كُتِبَ إلَيْهِ بِهِ وَمُجَازٌ لَهُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَخْذُ بِذَلِكَ فَرُبَّمَا كَانَ فِي مَسْأَلَةِ فَصْلٍ أَوْ وَجْهٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُجِيزُ، وَلَوْ عَلِمَهُ لَمْ يَكُنْ جَوَابُهُ مَا أَجَابَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَدْعِي لِلْإِجَازَةِ اسْتِدْعَاءً لِلرِّوَايَةِ خَاصَّةً فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ لِلنَّقْلِ وَالْوُقُوفِ عَلَى أَلْفَاظِ مَا أُجِيزَ لَهُ لِيَسْلَمَ مِنْ التَّصْحِيفِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِالْإِجَازَةِ عُلُوَّ الدَّرَجَةِ وَثِقَةَ الْمُجِيزِ لَهُ وَعِلْمَهُ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَصِحُّ الرِّوَايَةُ بِالْإِجَازَةِ، وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ لَوْ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ بَطَلَتْ الرِّحْلَةُ يُرِيدُ أَنَّهَا لَا تَقُومُ مَقَامَ السَّمَاعِ وَالْمُشَافَهَةِ بِالنَّقْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْعَدُ مِنْ التَّصْحِيفِ وَالتَّحْرِيفِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَقِفَ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَلْفَاظِ وَمَعْرِفَتِهَا مِنْ جِهَةِ مَا أُجِيزَ لَهُ فَفِي نَقْلِهِ بِالْإِجَازَةِ ضَعْفٌ لَا سِيَّمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى مَنْ يَنْتَقِلُ عَنْهُ أَوْ يَقْرَأُ ذَلِكَ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَقَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُرِيدُ قَضَى بِأَنْ تُوَرَّثَ الزَّوْجَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، وَكَانَ قَتْلُ أَشْيَمَ خَطَأً فَاقْتَضَى ذَلِكَ تَعَلُّقَ هَذَا الْحُكْمِ بِقَتْلِ الْخَطَإِ إلَّا أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ مَحْمُولَةٌ عِنْدَ جَمِيعِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلِمْنَاهُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ دِيَةِ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ أَنَّهَا كَسَائِرِ مَالِ الْمَيِّتِ يَرِثُ مِنْهَا الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ وَغَيْرُهُمْ، وَهَذَا الْمَرْوِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لَا يَرِثُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ مِنْ الدِّيَةِ شَيْئًا، وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ اللَّبَّانِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلًا كَانَ يَقُولُهُ فَرُبَّمَا رَجَعَ عَنْهُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ يُقَالُ لَهُ قَتَادَةُ حَذَفَ ابْنَهُ بِسَيْفٍ فَأَصَابَ سَاقَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>