للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (كِتَابُ الْحُدُودِ) مَا جَاءَ فِي الرَّجْمِ (ص) : (حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ «جَاءَتْ الْيَهُودُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إنَّ فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، ثُمَّ قَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَك فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُجِمَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ» مَالِكٌ يَعْنِي يَحْنِي يَكُبُّ عَلَيْهَا حَتَّى تَقَعَ الْحِجَارَةُ عَلَيْهِ)

ــ

[المنتقى]

لَا عَاقِلَةَ لَهُ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مَنْ لَا قَوْمَ لَهُ يَعْقِلُ عَنْهُ الْمُسْلِمُونَ وَيَرِثُونَ عَقْلَهُ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَغَيْرُهُ عَنْهُ، وَهَذَا إذَا قُلْنَا أَنَّ وَلَاءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ وَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَقْلُ مَنْ أُعْتِقَ مِنْ الْبَرْبَرِ عَلَى مَوَالِيهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُعْتَقُ سَائِبَةً غَيْرَ مُسْلِمٍ، وَقَدْ الْتَزَمَ الْمَقَامَ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَعْقِلُ مَعَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَقَدْ قَالَ الْمُغِيرَةُ إنَّ أَهْلَ الْجِزْيَةِ إنْ وُجِدَتْ لَهُمْ مَعَاقِلُ يَتَعَاقَلُونَ عَلَيْهَا حُمِلُوا عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَذَلِكَ فِي مَالِ الْجَانِي وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ لَا دِيَةَ لَهُ يُرِيدُ لَيْسَ لَهُ الْآنَ دِيَةٌ لِعَدَمِ عَاقِلَةِ الْجَانِي وَفَقْرِهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ يَعْقِلُ مَعَهُ أَهْلُ جِزْيَتِهِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّأْوِيلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ سَائِبَةً إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْلِمٍ أَنْ يَدْخُلَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ ثُمَّ يَدْخُلَ مُسْتَأْمَنًا فَيَقْتُلَ مُسْلِمًا خَطَأً فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُحْبَسُ وَيُرْسَلُ إلَى أَهْلِ مَوْضِعِهِ وَكُورَتِهِ الَّتِي هُوَ مِنْهَا فَيُجِيزُونَ مَا صَنَعَ، وَمَا يَلْزَمُهُمْ فِي حُكْمِنَا فَإِنْ أَدَّوْا عَنْهُ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا كَانَ يُؤَدَّى مَعَهُمْ وَرَوَى عَنْهُ سَحْنُونٌ أَنَّ الدِّيَةَ فِي مَالِ الْجَانِي دُونَ غَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ عُمَرُ لَا دِيَةَ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي مَالٌ، وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ وَالْحَرْبِيِّينَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ الْعَائِذِيِّ أَرَأَيْتَ لَوْ قَتَلَهُ ابْنِي عَلَى مَعْنَى اسْتِعْلَامِ حُكْمِهِ وَلَعَلَّهُ جُوِّزَ؛ لِأَنَّهُ لَا دِيَةَ لَهُ كَمَا لَا دِيَةَ عَلَيْهِ فَأَعْلَمَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ عَاقِلَتَهُ خَطَأً الدِّيَةُ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَهُ عَاقِلَةٌ فَقَالَ الْعَائِذِيُّ: إنَّ هَذَا كَالْأَرْقَمِ يُرِيدُ كَالْحَيَّةِ إنْ يُتْرَكْ يَلْقَمْ يُرِيدُ يَعَضُّ وَيَنْهَشُ، وَإِنْ يَقْتُلْ يَنْقِمْ يُرِيدُ يَنْتَقِمُ مِنْ قَاتِلِهِ ضَرَبَهُ مَثَلًا لِقَاتِلِ ابْنِهِ أَنَّهُ يَنْتَصِفُ مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَصِفُ مِنْ جِنَايَةٍ يَجْنِيهَا.

[كِتَابُ الْحُدُودِ]

[مَا جَاءَ فِي الرَّجْمِ]

(ش) : قَوْلُهُ «جَاءَتْ الْيَهُودُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا» يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَحْبَارَ الْيَهُودِ وَرُهْبَانَهُمْ، وَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُزَنِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَتَى أَسَاقِفَةُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إلَى حَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ بِمَنْ زَنَى مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِمْ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَرْضَى الزَّانِيَانِ بِذَلِكَ، فَإِنْ رَضِيَا بِذَلِكَ فَالْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ حَكَمَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَنْظُرَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا فَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الزَّانِيَانِ قَدْ رَضِيَا بِذَلِكَ مَعَ رِضَا الْأَسَاقِفَةِ، وَإِنَّمَا أَخْتَارُ لِلْحَاكِمِ أَنْ لَا يَنْظُرَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ نَظَرَ بَيْنَهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَنْفَذَ عَلَيْهِمَا حُكْمَ دِينِهِمَا، وَلَمْ يَكُنْ نَزَلَ بَعْدُ حَدُّ الزَّانِي عَلَيْهِ وَفِي النَّوَادِرِ وَنَحْوِهِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْيَهُودِ فِيمَا أُظْهِرَ عَلَيْهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>