للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى هَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .

ــ

[المنتقى]

[مَا لَا حَدَّ فِيهِ]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ مَنْ وَطِئَ أَمَةً لَهُ فِيهَا شِرْكٌ يُرِيدُ حِصَّةً مِنْ رَقَبَتِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْحِصَّةُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً أَوْ كَانَ الْبَاقِي مِنْهَا لِوَاحِدٍ أَوْ لِجَمَاعَةٍ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ حِصَّتَهُ الَّتِي يَمْلِكُ مِنْهَا شُبْهَةٌ تُسْقِطُ الْحَدَّ عَنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا لَهُ وَبَعْضُهَا حُرٌّ فَوَطِئَهَا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ فِي رَجُلٍ وَطِئَ أَمَةً نِصْفُهَا لَهُ وَنِصْفُهَا حُرٌّ لَمْ يُحَدَّ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ فِيهَا شِرْكًا يُوجِبُ لَهَا أَحْكَامَ الرِّقِّ كَالَّتِي نِصْفُهَا رَقِيقٌ لِغَيْرِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ فَوَطِئَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِزَوْجَتِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَصْدَقَهَا دَرَاهِمَ فَتَجَهَّزَتْ بِخَادِمٍ فَزَنَى بِالْخَادِمِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهُوَ سَوَاءٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَشْهَبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ إنَّمَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ نِصْفَ الْأَمَةِ، وَإِنَّمَا تَمْلِكُ النِّصْفَ الْآخَرَ بِالْبِنَاءِ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ أَنْ بَنَى فَهُوَ زَانٍ يُرْجَمُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ تَمْلِكُ جَمِيعَهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَلِذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَتَهُ الَّتِي أَصْدَقَ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِامْرَأَتِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْأَصْلِ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي النِّكَاحِ وَأَمَّا قَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي تَجَهَّزَتْ بِهَا إلَيْهِ وَاشْتَرَتْهَا بِالصَّدَاقِ فَمَبْنِيٌّ أَيْضًا عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَى أَصْلٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ مَا اشْتَرَتْهُ الزَّوْجَةُ فَمَا أَصَدَقَتْ مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ أَمَةٍ أَوْ شُورَةٍ مِمَّا يَتَجَهَّزُ بِهِ النِّسَاءُ لِلْأَزْوَاجِ لَازِمٌ لِلزَّوْجِ، وَكَذَلِكَ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ كَانَ لَهُ نِصْفُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِالدَّرَاهِمِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَالَ أَصْبَغُ إنَّ الزَّوْجَ لَهَا كَالشَّرِيكِ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ وَقَدْ مَاتَتْ الْأَمَةُ كَانَتْ بَيْنَهُمَا وَلَهُمَا نَمَاؤُهَا، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِدُونِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ.

(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا أَنَّهُ لَا يُحَدُّ فِي وَطْءِ جَارِيَةٍ لَهُ فِيهَا شِرْكٌ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُعَاقَبُ إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ، وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ يُعَاقَبُ وَلَا يُحَدُّ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ يُعَاقَبُ بِمِائَةِ جَلْدَةٍ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ يُعَاقَبُ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْإِمَامُ، وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ لِمَا ارْتَكَبَ مِنْ الْمَحْظُورِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ يُرِيدُ أَنَّهَا إنْ حَمَلَتْ فَإِنَّ الْوَلَدَ لَاحِقٌ بِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ فِي النَّسَبِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِنَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ فَلِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ فِي مِلْكِهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِنَا يَوْمَ الْحُكْمِ فَلِأَنَّ حِصَّتَهُ مِنْهُ تُعْتَقُ عَلَيْهِ فَيُعْتَقُ الْبَاقِي بِالسَّرَايَةِ وَالِاسْتِيلَادِ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَيُتْبَعُ الْوَاطِئُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ حِينَ حَمَلَتْ عَلَى مَا قَالَ وَلَا تَخْلُو الْجَارِيَةُ إذَا وَطِئَهَا مِنْ أَنْ لَا تَحْمِلَ أَوْ تَحْمِلَ، فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الشَّرِيكَ مُخَيَّرٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، يُرِيدُ بَيْنَ تَقْوِيمِ حِصَّتِهِ عَلَى الْوَاطِئِ وَبَيْنَ اسْتِمْسَاكِهِ بِهَا وَبَقَائِهَا عَلَى حُكْمِ الشَّرِكَةِ، قَالَ مَالِكٌ: إنْ لَمْ تَحْمِلْ بَقِيَتْ بَيْنَهُمَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ تَصَرُّفَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ تَصَرُّفٌ لَا يُنْقِصُ قِيمَتَهَا فَلَا يُوجِبُ تَقْوِيمَهَا عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ اسْتَخْدَمَهَا.

(فَرْعٌ) فَإِنْ لَمْ يَشَأْ الشَّرِيكُ أَنْ يُقَوِّمَهَا فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي نَقْصِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَإِنْ قَبَضَهَا لِأَنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهَا فَإِذَا تَرَكَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا نَقَصَهَا، هَذَا أَصْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ كَانَ الْوَاطِئُ مَلِيًّا أَوْ مُعْدَمًا؛ لِأَنَّهُ تُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ فِي عَدَمِهِ ثُمَّ تُبَاعُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْحِصَّةُ فِي الْقِيمَةِ فَإِنْ وَفَتْ بِالْقِيمَةِ وَإِلَّا اتَّبَعَهُ بِمَا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ: وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ حِينَ حَمَلَتْ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْوِيمِ قَالَ مُحَمَّدٌ شَاءَ الشَّرِيكُ أَوْ أَبَى فِي مِلَائِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَعَلَّقَ الْعِتْقُ بِحِصَّتِهِ لِتَعَدِّيهِ فَلَزِمَ أَنْ تُقَوَّمَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُتَعَدِّي مُعْدَمًا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ تَكُونُ حِصَّةُ الْوَاطِئِ مِنْهَا بِحُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْبَاقِي رَقِيقٌ لِشَرِيكِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>