للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ص) : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (كِتَابُ الْجَامِعِ) الدُّعَاءُ لِلْمَدِينَةِ وَأَهْلِهَا (مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ يَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ» ) (ص) : (مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ «كَانَ النَّاسُ إذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ جَاءُوا بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي

ــ

[المنتقى]

يُقْطَعَانِ جَمِيعًا وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْقَطْعُ عَلَى الْمُخْرِجِ وَحْدَهُ، وَدَلِيلُنَا عَلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَيْهِمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَارِقٌ قَدْ هَتَكَ الْحِرْزَ بِإِخْرَاجِ الْمَتَاعِ مِنْهُ فَاَلَّذِي رَبَطَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ جَعَلَهُ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ فَخَرَجَتْ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ رَمَى أَحَدُهُمَا بِالْمَتَاعِ مِنْ الْحِرْزِ إلَى خَارِجِهِ ثُمَّ يُؤْخَذُ هُوَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الْحِرْزِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ فِي خُرُوجِ الْمَتَاعِ لَا فِي خُرُوجِ السَّارِقِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ أَحَدُ السَّارِقَيْنِ عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ وَالْآخَرُ أَسْفَلَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَدْلَى لَهُ حَبْلًا فَرَبَطَ بِهِ الْأَسْفَلُ الْمَتَاعَ وَرَمَى بِهِ إلَيْهِ.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَرَفَعَهُ الْأَعْلَى فَإِنَّهُمَا يُقْطَعَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ لِتَعَاوُنِهِمَا عَلَى إخْرَاجِهِ مَعَ حَاجَتِهِمَا إلَى التَّعَاوُنِ وَكَاَلَّذِي يَحْمِلُ عَلَى الْآخَرِ مَا يَخْرُجُ بِهِ، وَبِهَذَا أَخَذَ أَشْهَبُ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ، وَلَوْ نَاوَلَ الَّذِي أَسْفَلَ الْبَيْتِ وَاَلَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ دُونَ الَّذِي فِي الطَّرِيقِ، وَقَالَهُ رَبِيعَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ إلَى الطَّرِيقِ، أَوْ أَخْرَجَهُ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي أَسْفَلَهُ دُونَ الَّذِي يُنَاوِلُهُ مِنْ أَسْفَلَ الدَّارِ، قَالَ وَأَحْسَبُ أَنَّ فِي الْأَسْفَلِ رِوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي أَسْفَلَهُ، وَإِنَّمَا الْإِخْرَاجُ مِنْ الْحِرْزِ بِطَرْحِهِ فِي الطَّرِيقِ وَمَا دَامَ عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ فَلَمْ يَخْرُجْ بَعْدُ عَنْ الْحِرْزِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَفْيِ الْقَطْعِ عَنْ الْمُنَاوِلِ مِنْ أَسْفَلِ الدَّارِ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا مِنْ الْحِرْزِ، وَإِنَّمَا نَاوَلَهُ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْحِرْزِ فَالْقَطْعُ عَلَى مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَوْ أَخْرَجَ الَّذِي دَاخِلَ الْحِرْزِ يَدَهُ بِالسَّرِقَةِ فَيَتَنَاوَلُهَا مِنْهُ أَحَدٌ خَارِجَ الْحِرْزِ فَالْقَطْعُ عَلَى الدَّاخِلِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخْرِجُ لَهَا مِنْ الْحِرْزِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[كِتَابُ الْجَامِعِ]

[الدُّعَاءُ لِلْمَدِينَةِ وَأَهْلِهَا]

(ش) : دُعَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَارِكَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مِكْيَالِهِمْ وَصَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ يَقْتَضِي تَفْضِيلَهُ لَهَا وَحِرْصًا عَلَى الرِّفْقِ بِمَنْ يَسْكُنُهَا لِمَا اُفْتُرِضَ عَلَى النَّاسِ فِي زَمَنِ الْهِجْرَةِ مِنْ سُكْنَاهَا، ثُمَّ زَالَ حُكْمُ الْفَرْضِ وَبَقِيَ النَّدْبُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْمِكْيَالِ الصَّاعَ وَالْمُدَّ فَذَكَرَهُمَا أَوَّلًا بِاللَّفْظِ الْعَامِّ، ثُمَّ أَكَّدَ بِاللَّفْظِ الْخَاصِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمَكَايِيلِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ الْأَوْسُقِ وَغَيْرِهَا، وَمَا هُوَ أَصْغَرُ مِنْهَا كَنِصْفِ الْمُدِّ وَغَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْبَرَكَةِ أَنْ يُبَارِكَ بَرَكَةَ دُنْيَا وَآخِرَةٍ فَفِي الدُّنْيَا أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ الَّذِي يُكْتَالُ بِهَذَا الْكَيْلِ لِاخْتِصَاصِهِ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ تَكْثُرُ بَرَكَتُهُ بِأَنْ يُجْزِئَ مِنْهُ الْعَدَدُ مَا لَا يُجْزِئُ مَا كِيلَ بِغَيْرِهِ، أَوْ يُبَارِكَ فِي التَّصَرُّفِ بِهِ عَلَى وَجْهِ التِّجَارَةِ بِمَعْنَى الْأَرْبَاحِ، أَوْ يُرِيدُ بِهِ الْمَكِيلَ فَيَكُونُ ذَلِكَ دُعَاءً فِي كَثْرَةِ ثِمَارِهِمْ وَغَلَّاتِهِمْ وَتِجَارَاتِهِمْ، وَأَمَّا الْبَرَكَةُ الدِّينِيَّةُ فَإِنَّهَا بِهَذَا الْكَيْلِ يَتَعَلَّقُ بِكَثِيرٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ مِنْ أَدَاءِ زَكَاةِ الْحُبُوبِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَاتِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ «كَانَ النَّاسُ إذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ جَاءُوا بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>