للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَامِعُ مَا جَاءَ فِي أَمْرِ الْمَدِينَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ زَارَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشٍ الْمَخْزُومِيَّ فَرَأَى عِنْدَهُ نَبِيذًا، وَهُوَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَقَالَ لَهُ أَسْلَمُ إنَّ هَذَا لَشَرَابٌ يُحِبُّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَحَمَّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ قَدَحًا عَظِيمًا فَجَاءَ بِهِ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَضَعَهُ فِي يَدَيْهِ فَقَرَّبَهُ عُمَرُ إلَى فِيهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ عُمَرُ: إنَّ هَذَا لَشَرَابٌ طَيِّبٌ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ رَجُلًا عَنْ يَمِينِهِ فَلَمَّا أَدْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ نَادَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ أَنْتَ الْقَائِلُ لَمَكَّةُ خَيْرٌ مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَقُلْت: هِيَ حَرَمُ اللَّهِ وَأَمْنُهُ وَفِيهَا بَيْتُهُ فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَقُولُ فِي بَيْتِ اللَّهِ وَلَا فِي حَرَمِهِ شَيْئًا، فَقَالَ عُمَرُ أَنْتَ الْقَائِلُ لَمَكَّةُ خَيْرٌ مِنْ الْمَدِينَةِ قَالَ فَقُلْت هِيَ حَرَمُ اللَّهِ وَأَمْنُهُ وَفِيهَا بَيْتُهُ فَقَالَ عُمَرُ لَا أَقُولُ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَلَا فِي بَيْتِهِ شَيْئًا، ثُمَّ انْصَرَفَ) .

ــ

[المنتقى]

فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ، قَالَ مَالِكٌ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس إذَا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ أَيُضْرَبُ لَهُمْ أَجَلٌ؟ قَالَ: نَعَمْ يُضْرَبُ لَهُمْ أَجَلٌ ثَلَاثَ لَيَالٍ يَسْتَقُونَ وَيَنْظُرُونَ فِي حَوَائِجِهِمْ، وَقَدْ ضَرَبَ لَهُمْ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ فَفَحَّصَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ مَعْنَاهُ كَشَفَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ هَلْ يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ جَاءَهُ الثَّلْجُ قَالَ مَعْنَاهُ الْيَقِينُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، يُرِيدُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ فَأَجْلَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَهُودَ خَيْبَرَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا الْإِجْلَاءُ إنَّمَا هُوَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ سَوَاءٌ وُجِدَ مِنْهُمْ غَدْرٌ أَوْ لَمْ يُوجَدْ، وَأَمَّا إنْ وُجِدَ مِنْهُمْ غَدْرٌ بِغَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ سُئِلَ عَنْ أَهْلِ فَارِسَ وَظَهَرَتْ لَهُمْ عُهُودٌ كَثِيرَةٌ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَسُلَيْمَانَ أَتَرَى أَنْ يُجْلَوْا مِنْهَا إنْ عُرِفَ مِنْهُمْ غَدْرٌ؟ قَالَ نَعَمْ إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ الْإِجْلَاءُ فِي غَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ إلَّا لِلْغَدْرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَعِنْدِي أَنَّهُمْ يُجْلَوْنَ إذَا خِيفَ مِنْهُمْ الْمَيْلُ إلَى أَهْلِ مِلَّتِهِمْ لِمُجَاوَرَتِهِمْ أَهْلَ الْحَرْبِ فَيُنْقَلُونَ إلَى حَيْثُ يُؤْمَنُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَأَجْلَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَهُودَ نَجْرَانَ وَفَدَكَ، قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ فَأَمَّا يَهُودُ نَجْرَانَ فَخَرَجُوا مِنْهَا لَيْسَ لَهُمْ مِنْ الثَّمَرِ وَلَا مِنْ الْأَرْضِ شَيْءٌ، وَأَمَّا يَهُودُ فَدَكَ فَكَانَ لَهُمْ نِصْفُ الْأَرْضِ وَنِصْفُ الثَّمَرِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ صَالَحَهُمْ عَلَى نِصْفِ النَّخْلِ وَنِصْفِ الْأَرْضِ فَأَقَامَ لَهُمْ عُمَرُ نِصْفَ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالْإِبِلِ وَالْحِبَالِ وَالْأَقْتَابِ فَأَعْطَاهُمْ ذَلِكَ وَأَجْلَاهُمْ مِنْهَا.

[جَامِعُ مَا جَاءَ فِي أَمْرِ الْمَدِينَةِ]

(ش) : قَوْلُ أَسْلَمَ فِي النَّبِيذِ أَنَّ هَذَا لَشَرَابٌ يُحِبُّهُ عُمَرُ حَثٌّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ إلَيْهِ مِنْهُ، وَتَنْبِيهُهُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْقَرَابَةِ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشٍ مِنْ أَخْوَالِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَكَانَ مِمَّنْ يَقْبَلُ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَبَعْدَهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَجَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ «مَا أَتَاكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَخُذْهُ» مَعَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَا كَانَ يُهْدَى إلَيْهِ فَإِنَّمَا كَانَ كَشَيْءٍ يُهْدَى إلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَنَاوَلُ مِنْهُ الْيَسِيرَ وَيُنَاوِلُ الْبَاقِيَ جُلَسَاءَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَضَعَهُ فِي يَدِ عُمَرَ وَقَرَّبَهُ إلَى فِيهِ، لَعَلَّهُ يُرِيدُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِبَارِ لَهُ وَمَعْرِفَةِ حَالِهِ بِرَائِحَتِهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: إنَّ هَذَا لَشَرَابٌ طَيِّبٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ حَلَالًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ لَذِيذًا مَعَ كَوْنِهِ حَلَالًا فَشَرِبَهُ يُرِيدُ شَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ رَجُلًا عَنْ يَمِينِهِ، وَهُوَ الْمَشْرُوعُ بِأَنْ يُنَاوِلَ الْإِمَامُ بَعْدَهُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>