للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي الِانْتِعَالِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ وَلْتَكُنْ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ» ) .

ــ

[المنتقى]

زِيِّهِنَّ خُفٌّ وَلَا جَوْرَبٌ كُنَّ يَلْبَسْنَ النِّعَالَ أَوْ يَمْشِينَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَيَقْتَصِرْنَ مِنْ سَتْرِ أَرْجُلِهِنَّ عَلَى إرْخَاءِ الذَّيْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي إرْخَاءِ الذَّيْلِ شِبْرًا إذَا يَنْكَشِفُ عَنْهَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهَا فِيمَا تَسْتَتِرُ بِهِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيكَ رِجْلَيْهَا لَهُ فِي سُرْعَةِ مَشْيِهَا وَقِصَرِ الذَّيْلِ يَكْشِفُهُ عَنْهَا فَلَمَّا تَبَيَّنَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «فَذِرَاعًا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ» ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَبَاحَ مِنْهُ مَا أَبَاحَ لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ افْعَلْ وَأَرَادَ بَعْدَ الْحَظْرِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ؛ لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ إرْخَاءِ الذَّيْلِ ثُمَّ أَمَرَ الْمَرْأَةَ بِإِسْبَالِ مَا يَسْتُرُهَا مِنْهُ، وَذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتْرُكَ مَا تَسْتَتِرُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا جَاءَ فِي الِانْتِعَالِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ نَصٌّ فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُثْلَةِ وَالْمُفَارَقَةِ لِلْوَقَارِ وَمُشَابَهَةِ زِيِّ الشَّيْطَانِ كَالْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَهَذَا مَعَ الِاخْتِيَارِ فَأَمَّا مَعَ الضَّرُورَةِ فَذَلِكَ مُبَاحٌ وَمَنْ انْقَطَعَ شِسْعُ إحْدَى نَعْلَيْهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَمْشِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى يُصْلِحَهَا لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيَقِفْ وَبَيَّنَ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا نَعْلَمُهُ أَنَّهُ مَشَى فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَصْلَحَ الْأُخْرَى وَلَا يَثْبُتُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا كَانَتْ تَمْشِي فِي خُفٍّ وَاحِدَةٍ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا لَحُمِلَ عَلَى ضَرُورَةٍ دَعَتْهَا إلَى ذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَمْشِيَ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ الْمَشْيَ الْخَفِيفَ إذَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ وَهُوَ أَنْ يَمْشِيَ فِي إحْدَاهُمَا مُتَشَاغِلًا بِالْإِصْلَاحِ لِلْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ أَنْ يَقِفَ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ حِينَئِذٍ إلَى شَيْءٍ مِمَّا يُنْكَرُ وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ لَهُ الْعَجَلَةَ وَالْإِسْرَاعَ إلَى مَا يُؤْمَنُ فَوْتُهُ فَيَكُونُ عُذْرًا لَهُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْحَدِيثُ إنَّمَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمَشْيِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقِفَ حَتَّى يُصْلِحَ الْأُخْرَى وَقَالَ أَصْبَغُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُطِلْ فَإِنْ طَالَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْيِ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ وَإِذَا انْتَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ مَعْنَاهُ أَنَّ التَّيَامُنَ مَشْرُوعٌ فِي ابْتِدَاءِ الْأَعْمَالِ وَاللِّبَاسِ وَأَنَّ التَّيَاسُرَ مَشْرُوعٌ فِي خَلْعِ الْمَلْبُوسِ وَتَرْكِ الْعَمَلِ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي طَهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَحُّلِهِ وَشَأْنِهِ كُلِّهِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَلْتَكُنْ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ عَلَى مَعْنَى إيثَارِ الْيُمْنَى بِاللُّبْسِ فَتَكُونُ أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّ رَجُلًا نَزَعَ نَعْلَيْهِ فَقَالَ: لِمَ خَلَعْت نَعْلَيْك لَعَلَّك تَأَوَّلْت هَذِهِ الْآيَةَ {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: ١٢] قَالَ: ثُمَّ قَالَ كَعْبٌ لِلرَّجُلِ: أَتَدْرِي مَا كَانَتْ نَعْلَا مُوسَى قَالَ مَالِكٌ لَا أَدْرِي مَا أَجَابَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ كَعْبٌ كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ) .

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ رَجُلًا نَزَعَ نَعْلَيْهِ فَقَالَ لَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: لِمَ خَلَعْت نَعْلَيْك عَلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ لِفِعْلِهِ، أَوْ تَوَقُّعِ أَنْ يَفْعَلَهُ عَلَى وَجْهٍ مَمْنُوعٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ خَلْعَ نَعْلَيْهِ لِصَلَاةٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَهَا مِنْ دُخُولِ مَسْجِدٍ، أَوْ دُخُولِ حَرَمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>