للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يَفْطَنُ النَّاسُ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلَ النَّاسَ» ) .

مَا جَاءَ فِي مِعَى الْكَافِرِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَأْكُلُ الْمُسْلِمُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَافَهُ ضَيْفٌ كَافِرٌ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ فَشَرِبَ حِلَابَهَا، ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَهُ، ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَهُ حَتَّى شَرِبَ حِلَابَ سَبْعِ شِيَاهٍ ثُمَّ إنَّهُ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ فَشَرِبَ حِلَابَهَا، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُؤْمِنُ يَشْرَبُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَشْرَبُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» ) .

ــ

[المنتقى]

[مَا جَاءَ فِي الْمَسَاكِينِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ لَمْ يُرِدْ نَفْيَ هَذَا عَنْهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ غَيْرَهُ أَشَدُّ حَالًا مِنْهُ وَاَلَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ فَيُقِيمُ بِهَذَا رَمَقَهُ وَاَلَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَالِهِ لَا حَيَاةَ لَهُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فَمَا الْمِسْكِينُ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ غَيْرُهُمْ فَمَا الْمِسْكِينُ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي بُجَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ الْحَارِثِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رُدُّوا الْمِسْكِينَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ» ) .

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُدُّوا الْمَسَاكِينَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ الظِّلْفُ بِالْكَسْرِ هُوَ ظُفْرُ كُلِّ مَا اجْتَرَّ فَحَضَّ بِذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمِسْكِينَ شَيْئًا وَلَا يَرُدَّهُ خَائِبًا وَإِنْ كَانَ مَا يُعْطَاهُ ظِلْفًا مُحْرَقًا وَهُوَ أَقَلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْطَى وَلَا يَكَادُ أَنْ يَقْبَلَهُ الْمِسْكِينُ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا فِي وَقْتِ الْمَجَاعَةِ وَالشِّدَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا جَاءَ فِي مِعَى الْكَافِرِ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَافَهُ ضَيْفٌ كَافِرٌ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ كَانَ ثُمَامَةَ بْنَ أَثَالٍ الْحَنَفِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ كَانَ جَحَّادًا الْغِفَارِيَّ وَهَذَا يَقْتَضِي جَوَازَ تَضْيِيفِ الْكَافِرِ وَهَلْ يُؤَاكَلُ أَمْ لَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ تَرْكُ مُؤَاكَلَةِ النَّصْرَانِيِّ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ أَحَبُّ إلَيَّ وَلَا أُرَاهُ حَرَامًا وَلَا نُصَادِقُ نَصْرَانِيًّا فَنَهَى عَنْ مُؤَاكَلَتِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الْمُصَادَقَةِ وَأَمَّا تَضْيِيفُهُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَعْنَى الِاسْتِئْلَافِ لَهُ وَرَجَاءِ إسْلَامِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَا يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْ الضَّيَاعِ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ، عَهْدٌ أَوْ غَيْرُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ شَرِبَ لَبَنَ سَبْعِ شِيَاهٍ، ثُمَّ إنَّهُ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ فَشَرِبَ حِلَابَ شَاةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّ حِلَابَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذَلِكَ «الْمُؤْمِنُ يَشْرَبُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَشْرَبُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» قِيلَ إنَّ الْمُؤْمِنَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْبُلْغَةِ مِنْ الْقُوتِ وَيَقْنَعُ بِالْيَسِيرِ مِنْهُ وَيُؤْثِرُ بِبَعْضِ قُوتِهِ وَالْكَافِرُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ أَكْلَ النَّهِمِ الْحَرِيصِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْ الْأَكْلِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ يُوصَفُ بِذَلِكَ فِي الْحَالَيْنِ فَإِنْ كَانَ كَثِيرَ الْأَكْلِ كَانَ أَكْلُهُ حَالَ الْكُفْرِ أَكْثَرَ مِنْ أَكْلِهِ حِينَ إيمَانِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلَ الْأَكْلِ فَعَلَى ذَلِكَ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْكُفَّارَ بِأَكْلِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد: ١٢] يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُمْ لَا يُمْسِكُونَ عَنْ الْأَكْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَضَيَّفُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ حَالَ كُفْرِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ النَّهْمَةِ وَالْحِرْصِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ فَبَلَغَ سَبْعَ شِيَاهٍ، ثُمَّ لَمَّا أَسْلَمَ وَتَأَدَّبَ بِأَدَبِ الْإِسْلَامِ وَمَا رَأَى مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَصَرَ عَلَى مَا يُقِيمُ أَوَدَهُ فَلَمْ يَسْتَتِمَّ إلَّا حِلَابَ شَاةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَسْتَتِمَّ لِذَلِكَ الثَّانِيَةَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ لِأَنَّهُ يَذْكُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>