للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوُضُوءُ مِنْ الْعَيْنِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ «اغْتَسَلَ أَبِي سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ بِالْخَرَّارِ فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْظُرُ إلَيْهِ قَالَ: كَانَ سَهْلٌ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِلْدِ قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ قَالَ: فَوُعِكَ سَهْلٌ مَكَانَهُ وَاشْتَدَّ وَعْكُهُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُخْبِرَ أَنَّ سَهْلًا وُعِكَ وَأَنَّهُ غَيْرُ رَائِحٍ مَعَك يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ سَهْلٌ بِاَلَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِ عَامِرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَلَّا بَرَّكْتَ إنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ تَوَضَّأْ لَهُ فَتَوَضَّأَ لَهُ عَامِرٌ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ قَالَ: «رَأَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَغْتَسِلُ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخْتَبِئَةٍ فَلُبِطَ سَهْلٌ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَك فِي سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَاَللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَقَالَ: هَلْ تَتَّهِمُونَ لَهُ أَحَدًا قَالُوا نَتَّهِمُ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ: عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَلَّا بَرَّكْتَ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ عَامِرٌ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» ) .

ــ

[المنتقى]

[الْوُضُوءُ مِنْ الْعَيْنِ]

(ش) : قَوْلُهُ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ بِالْخَرَّارِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ هُوَ مَاءٌ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ وَادٍ مِنْ أَوْدِيَتِهَا فَقَالَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ الْمُغَيَّبَةُ الْمُخَدَّرَةُ الَّتِي لَا تَظْهَرُ قَالَ: فَلُبِطَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ قَالَ حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ مَعْنَاهُ وُعِكَ.

وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَابْنُ نَافِعٍ مَعْنَاهُ حُمَّ فَوَقَعَ صَرِيعًا كَالْمَرِيضِ الْمُثْبَتِ الْمُثْقَلِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وُعِكَ سَهْلٌ يُرِيدُ حُمَّ غَيْرَ أَنَّ لَفْظَ لُبِطَ عِنْدَ الْعَرَبِ بِمَعْنَى صُرِعَ وَسَقَطَ بِالْأَرْضِ مِنْ خَبَلٍ، أَوْ سُكْرٍ، أَوْ إعْيَاءٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي حُمَّاهُ أَنَّهَا بَلَغَتْ بِهِ هَذَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ تَتَّهِمُونَ لَهُ أَحَدًا يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَصَابَهُ بِالْعَيْنِ وَلَعَلَّهُ كَانَ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَحَقَّقَهُ وَلَمَّا أُخْبِرَ بِمَا كَانَ مِنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَأَقَرَّ الْمُتَّهَمُ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى تَصْحِيحِهِ لَهُ وَتَعَيُّنِهِ إيَّاهُ وَذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: الْعَيْنُ حَقٌّ وَقَدْ ذَكَرَ النَّاسُ فِي أَمْرِ الْعَيْنِ وُجُوهًا أَصَحُّهَا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ أَجْرَى الْعَادَةَ عِنْدَ تَعَجُّبِ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَنُطْقِهِ بِهِ دُونَ أَنْ يُبَرِّكَ أَنْ يَمْرَضَ الْمُتَعَجَّبُ مِنْهُ، أَوْ يَتْلَفَ، أَوْ يَفْسُدَ، أَوْ يَتَغَيَّرَ، أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ مَعْنًى فِي نَفْسِ الْعَائِنِ لَا يُوجَدُ فِي نَفْسِ غَيْرِهِ مِنْ حَسَدٍ مَخْصُوصٍ، أَوْ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي إلَّا أَنَّ الْعَائِنَ إذَا بَرَّكَ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ بَطَلَ الْمَعْنَى الَّذِي يُخَافُ مِنْ الْعَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْثِيرٌ فَإِنْ لَمْ يُبَرِّكْ وَقَعَ مَا أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْعَادَةَ عِنْدَ ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ وُقُوعِهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْوُضُوءِ عَلَى مَا قَالَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ وَفِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ: اغْتَسِلْ لَهُ إلَّا أَنَّهُ فُسِّرَ الْغُسْلُ بِفِعْلِ الْوُضُوءِ وَالْوُضُوءُ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ الْمَخْصُوصَةِ بِهِ.

وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ فِي مَعْنَى الْوُضُوءِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَغْسِلُ الَّذِي يُتَّهَمُ لِلرَّجُلِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إزَارِهِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ إنَّمَا يَغْسِلُ يَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَلَا يَغْسِلُ مَا بَيْنَ الْيَدِ وَالْمِرْفَقِ.

وَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْغُسْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>