للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمَرْأَةِ وَقَدْ حُمَّتْ تَدْعُو لَهَا أَخَذَتْ الْمَاءَ فَصَبَّتْهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا وَقَالَتْ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُبَرِّدَهَا بِالْمَاءِ» مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ» ) .

عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَالطِّيَرَةِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا عَادَ الرَّجُلُ الْمَرِيضَ خَاضَ الرَّحْمَةَ حَتَّى إذَا قَعَدَ عِنْدَهُ قَرَّتْ فِيهِ، أَوْ نَحْوَ هَذَا» ) .

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ ابْنِ عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا عَدْوَى وَلَا هَامَ وَلَا صَفَرَ وَلَا يَحُلُّ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ وَلْيَحْلُلْ الْمُصِحُّ حَيْثُ شَاءَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا ذَاكَ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّهُ أَذًى» )

ــ

[المنتقى]

[الْغُسْلُ بِالْمَاءِ مِنْ الْحُمَّى]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ إذَا أُتِيَتْ بِالْمَرْأَةِ وَقَدْ حُمَّتْ تَدْعُو لَهَا دَلِيلٌ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَتَكَرَّرُ مِنْهَا تَبَرُّكًا مِنْ النَّاسِ بِهَا وَرَغْبَةً فِي دُعَائِهَا فَكَانَتْ تُضِيفُ إلَى ذَلِكَ أَنْ تَصُبَّ الْمَاءَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ الْمَحْمُومَةِ وَجَيْبِهَا تَبْرِيدًا لَهَا.

وَقَالَ: عِيسَى بْنُ دِينَارٍ تَأْخُذُ الْمَاءَ فَتَصُبُّهُ فِيمَا بَيْنَ طَوْقِهَا وَجَسَدِهَا حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى جَسَدِهَا تَرْجُو بِذَلِكَ بَرَكَةَ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ وَيَحْتَمِلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ حُمَّى كَانَتْ مُتَكَرِّرَةً بِالْمَدِينَةِ ذَلِكَ الْوَقْتِ شَدِيدَةَ الْحَرِّ فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ أَنْ يُسْتَشْفَى مِنْهَا بِالْإِبْرَادِ وَلِذَلِكَ قَالَ: إنَّ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَالْفَيْحُ سُطُوعُ الْحَرِّ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ الَّذِي أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ أَنْ يَشْفِيَ بَرْدُهُ مِنْ آذَاهُ الْحَرُّ مَرَّةً بِالتَّبْرِيدِ بِهِ وَمَرَّةً بِشُرْبِهِ وَهَذَا كُلُّهُ بِجَرْيِ الْعَادَةِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَدْوِيَةِ إنَّمَا هِيَ أَدْوِيَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ أَجْرَى الْعَادَةَ بِأَنْ يَشْفِيَ هُوَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْ تَنَاوَلَهَا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَكَذَلِكَ الْأَغْذِيَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَالطِّيَرَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا عَادَ الرَّجُلُ الْمَرِيضَ خَاضَ الرَّحْمَةَ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عِظَمَ أَجْرِ الْعِيَادَةِ لِلْمَرِيضِ وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إذَا قَعَدَ عِنْدَهُ يُرِيدُ عِنْدَ الْمَرِيضِ قَرَّتْ فِيهِ فَمَعْنَى ذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهِيَ ثَوَابُهُ الْجَزِيلُ وَتَجَاوُزُهُ عَنْ الذُّنُوبِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْهَا مَا ثَبَتَ لِلْخَائِضِ فِي الْمَاءِ فَإِذَا قَعَدَ عِنْدَهُ تَعَلَّقَ بِهِ مِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقَرِّ الثَّابِتِ وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْخَائِضِ فِي الْمَاءِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَّتْ فِيهِ أَوْ نَحْوُ هَذَا إنْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ قَرَّتْ لَهُ كَمَا يَقُولُ فِيهِ رِفْقٌ بِكَذَا وَفِيهِ طَلَاقُهُ أَيْ لَهُ طَلَاقُهُ وَلَهُ رِفْقٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَقْلُوبِ فَيَكُونَ مَعْنَاهُ قَرَّ فِيهَا أَيْ ثَبَتَ فِيمَا غَمَرَهُ مِنْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا عَدْوَى قَالَ: عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ لَا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا أَيْ لَا يَتَحَوَّلُ شَيْءٌ مِنْ الْمَرَضِ إلَى غَيْرِ الَّذِي هُوَ بِهِ قَالَ: وَسَمِعْتُهُ مِنْ ابْنِ وَهْبٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّ الصَّحِيحَ إذَا جَاوَرَ الْمَرِيضَ أَعْدَاهُ مَرَضُهُ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ، أَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ قَالَ: الشَّاعِرُ

تُعْدِي الصِّحَاحَ مَبَارِكُ الْجُرْبِ

فَكَذَّبَ ذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ الْإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ لَكَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيُخَالِطُهَا الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَيُجَرِّبُهَا فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ» وَهَذَا مِنْ أَبْيَنِ طُرُقِ الْحِجَاجِ وَالْإِرْشَادِ إلَى الصَّوَابِ وَإِيضَاحِ وَجْهِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ الشُّبْهَةُ بِأَنَّ الْإِبِلَ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ وَهُوَ مَوْضِعٌ صَالِحٌ لَيْسَ فِيهِ مَا يُمْرِضُهَا فَتَكُونُ فِيهِ كَالظِّبَاءِ حُسْنًا وَسَلَامَةً مِنْ الْجَرَبِ وَغَيْرِهِ فَيَأْتِي بَعِيرٌ أَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيَشْمَلُهَا الْجَرَبُ فَاعْتَقَدَ الْأَعْرَابِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>