للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذَلِكَ ضِيقٌ قَالَ: وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَصْبُغْ وَلَوْ صَبَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَأَرْسَلَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ) .

مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ التَّعَوُّذِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: بَلَغَنِي «أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي أُرَوَّعُ فِي مَنَامِي فَقَالَ: لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ

ــ

[المنتقى]

[مَا جَاءَ فِي صَبْغِ الشَّعْرِ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ كَانَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ يُرِيدُ مِنْ الشَّيْبِ وَقَوْلُهُ فَغَدَا عَلَيْهِمْ وَقَدْ حَمَّرَهُمَا يُرِيدُ خَضَّبَهُمَا بِالْحُمْرَةِ فَاسْتَحْسَنَ الْقَوْمُ ذَلِكَ مِنْهُ وَفَضَّلُوهُ عَلَى الْبَيَاضِ فَأَعْلَمَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْسَمَتْ عَلَيْهِ لَيَصْبِغَنَّ وَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ يَصْبُغُ وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ خَضَّبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَخْضِبْ وَلَوْ خَضَبَ كَانَ تَعَلُّقُهَا بِفِعْلِهِ أَبْيَنَ وَأَوْضَحَ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِفِعْلِ أَبِيهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَإِنَّمَا ذَكَرَتْ لَهُ عَائِشَةُ فِي ذَلِكَ أَفْضَلَ مَا عَلِمَتْهُ وَنَدَبَتْهُ إلَى اتِّبَاعِهِ.

وَقَدْ قَالَ: مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ لَمْ يَصْبُغْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَلَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَلَا أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَلَا السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ وَلَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَلَا ابْنُ شِهَابٍ.

وَقَالَ: عُثْمَانُ بْنُ مُوهَبٍ «رَأَيْت شَعْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْرَجَتْهُ إلَيَّ أُمُّ سَلَمَةَ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ» وَقِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ «أَكَانَ عَلِيٌّ يَخْضِبُ قَالَ: قَدْ خَضَبَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَيَحْتَمِلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَزِيدَ بِهَذِهِ الْآثَارِ أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ مِنْ ذَلِكَ فِي شَعْرِهِ بِمَا يُحَسِّنُهُ وَيُلَيِّنُهُ دُونَ أَنْ يَكُونَ شَعْرُهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِبَيَاضٍ وَمَعْنَى الْآثَارِ الَّتِي نَفَتْ الْخِضَابَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَعْرُهُ أَبْيَضَ يُغَيِّرُهُ الْخِضَابُ فَلَمْ يَكُنْ يَجْعَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجْعَلُهُ عَلَى وَجْهِ الْخِضَابِ الَّذِي يُغَيِّرُ الْبَيَاضَ، وَقَدْ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمَّامٍ قُلْت لِأَبِي الدَّرْدَاءِ «أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْضِبُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي مَا بَلَغَ مِنْهُ الشَّيْبُ بِالْخَضْبِ وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنْهُ هَاهُنَا شَعَرَاتٌ بِيضٌ وَكَانَ يَغْسِلُهَا بِالْحِنَّاءِ وَالسِّدْرِ» .

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَبْغِ الشَّعْرِ بِالسَّوَادِ لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا مَعْلُومًا وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ مَا عَلِمْت أَنَّ فِيهِ النَّهْيَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الصَّبْغِ أَحَبُّ إلَيَّ يُرِيدُ أَنَّهُ صَبْغٌ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَعْرِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «فِي أَبِي قُحَافَةَ غَيِّرُوهُ وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ» ، وَالْحَدِيثُ لَيْسَ بِثَابِتٍ رَوَاهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَقَدْ خَضَبَ بِالسَّوَادِ مِنْ الصَّحَابَةِ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَخَضَبَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ وَتَرْكُ الصَّبْغِ كُلِّهِ وَاسِعٌ يُرِيدُ أَنَّ الصَّبْغَ لَيْسَ بِأَمْرٍ لَازِمٍ وَقَدْ تَرَكَ الصَّبْغَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَذَلِكَ عِنْدِي يَنْصَرِفُ إلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ أَمْرًا مُعْتَادًا بِبَلَدِ الْإِنْسَانِ فَيَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْخُرُوجَ عَنْ الْأَمْرِ الْمُعْتَادِ يُشْهَرُ وَيُسْتَقْبَحُ وَالثَّانِي أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَمِّلُ شَيْبَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَلْيَقَ بِهِ مِنْ الصَّبْغِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يُجَمِّلُ شَيْبَهُ وَيُسْتَشْنَعُ مَنْظَرُهُ فَكَانَ الصَّبْغُ أَجْمَلَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ فَقَالَ: مَا عَلِمْتُهُ حَرَامًا وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَالَ: ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أُحِبُّ نَتْفَهُ وَأَكْرَهُ أَنْ يُقْرَضَ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ يُشْبِهُ عِنْدِي النَّتْفَ.

[مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ التَّعَوُّذِ]

ِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: بَلَغَنِي «أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي أُرَوَّعُ فِي مَنَامِي فَقَالَ: لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>