للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّشْمِيتُ فِي الْعُطَاسِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إنْ عَطَسَ فَقُلْ: إنَّك مَضْنُوكٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: لَا أَدْرِي أَبَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ»

ــ

[المنتقى]

عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقُلْت أَنَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا أَنَا» عَلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ لِذَلِكَ، وَإِنْ سَمَّى نَفْسَهُ أَوَّلًا فِي الِاسْتِئْذَانِ فَحَسَنٌ.

وَقَدْ رَوَى طَلْحَةُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ جَاءَ أَبُو مُوسَى إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ هَذَا الْأَشْعَرِيُّ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ رُدُّوهُ عَلَيَّ فَرَدُّوهُ فَقَالَ لَهُ مَا رَدَّك كُنَّا فِي شُغْلٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَمَنْ يَعْرِفُ هَذَا لَئِنْ لَمْ تَأْتِنِي بِمَنْ يَعْرِفُ هَذَا لَأَفْعَلَنَّ بِك كَذَا وَكَذَا عَلَى مَعْنَى الزَّجْرِ وَالْوَعِيدِ عَنْ التَّسَامُحِ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ أَقِلُّوا الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا شَرِيكُكُمْ قِيلَ مَعْنَاهُ وَأَنَا شَرِيكُكُمْ فِي الْأَجْرِ قَالَ مَالِكٌ مَعْنَاهُ وَأَنَا شَرِيكُكُمْ فِي التَّقْلِيلِ، وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا أَنِّي لَمْ أَتَّهِمْك وَلَكِنِّي خَشِيت أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوَعِيدُ وَالزَّجْرُ لِغَيْرِهِ إذَا كَانَ هُوَ عِنْدَهُ غَيْرَ مُتَّهَمٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوَعِيدُ لَهُ حِينَ أَظْهَرَ إلَى الْإِمَامِ أَمْرًا يُتَّهَمُ فِيهِ غَيْرُهُ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُفْصَلَ فِيهِ بَيْنَ الْمُتَّهَمِ وَغَيْرِهِ فَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَنْعَ الْجَمِيعِ كَالْمَنْعِ مِنْ الذَّرَائِعِ.

وَقَدْ رَوَى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْر بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَهُ لَأُوجِعَنَّ ظَهْرَك وَبَطْنَك أَوْ لَتَأْتِينِي بِمَنْ يَشْهَدُ لَك عَلَى هَذَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَقَامَ مَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَأَخْبَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَرَوَى طَلْحَةُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ.

وَقَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ: لَا تَكُونَنَّ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: سُبْحَانَ اللَّهِ إنَّمَا سَمِعْت شَيْئًا فَأَحْبَبْت أَنْ أَتَثَبَّتَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُبَيٌّ أَرْسَلَ مَعَهُ أَبَا سَعِيدٍ ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدَ وَقْتٍ فَأَخْبَرَهُ أَيْضًا بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ لَمْ يَتَوَعَّدْ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ بَلْ كَانَ يَرُدُّ قَوْلَهُ خَاصَّةً كَالشَّاهِدِ الْوَاحِد؛ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمْ يُعَلِّلْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مُفْرَدٌ وَإِنَّمَا عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَخَافُ التَّقَوُّلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا يَقْتَضِي قَبُولَ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَإِلَّا فَلَمْ يَكُنْ يَخَافُ ذَلِكَ مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ مَرْدُودٌ.

[التَّشْمِيتُ فِي الْعُطَاسِ]

(ش) : هَكَذَا الرِّوَايَةُ وَقَالَ الْخَلِيلُ شَمِّتْهُ وَسَمِّتْهُ وَقَالَ ثَعْلَبٌ التَّشْمِيتُ إبْعَادُ الشَّمَاتَةِ عَنْهُ وَالتَّسْمِيتُ إثْبَاتُ السَّمْتِ الْحَسَنِ لَهُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ هَذَا الْحَقَّ إنَّمَا يَثْبُتُ لِمَنْ حَمِدَ اللَّهَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الْعَاطِسِ إذَا لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ فَلَا يُشَمِّتُهُ حَتَّى يَسْمَعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَلْقَةٍ كَبِيرَةٍ فَإِذَا رَأَيْت الَّذِينَ يَلُونَهُ يُشَمِّتُونَهُ فَشَمِّتْهُ، وَرَوَى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتْ الْآخَرَ فَقِيلَ لَهُ قَالَ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ وَهَذَا لَمْ يَحْمَدْ» قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ: يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ يَلِيهِ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ حَتَّى يَسْمَعَهُ يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى، وَإِنْ بَعُدَ مِنْك وَسَمِعْت مَنْ يَلِيهِ يُشَمِّتُهُ فَشَمِّتْهُ يُرِيدُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ لَا يُشَمِّتُهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ عَطَسَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَحْمَدُ اللَّهَ إلَّا فِي نَفْسِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا فِي نَفْسِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُشَمَّتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>