للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا وَقَدْ رَعَى غَنَمًا قِيلَ لَهُ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا» ) .

مَا جَاءَ فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ وَالْبَدْءِ بِالْأَكْلِ قَبْلَ الصَّلَاةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُقَرَّبُ إلَيْهِ عَشَاؤُهُ فَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَلَا يَعْجَلُ عَنْ طَعَامِهِ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ) .

ــ

[المنتقى]

نَفْسِهِ عَلَيْهِ وَثِقَتِهِ بِمُرُوءَتِهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ خَرَجْنَا إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة مُرَابِطِينَ فَمَرَرْنَا بِجِنَانِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فَدَخَلْنَاهُ فَأَكَلْنَا مِنْ التَّمْرِ فَلَمَّا رَجَعْت دَعَتْنِي نَفْسِي إلَى أَنْ أَسْتَحِلَّهُ فَقَالَ لِي ابْنُ أَخِي لَقَدْ نَسَكْتَ نُسْكًا أَعْجَمِيًّا أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور: ٦١] فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مِنْ مَالِ أَخِيهِ الشَّيْءَ التَّافِهَ يَسُرُّهُ بِذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا قَدَّمْنَاهُ مِمَّا يُعْتَقَدُ مِنْ طِيبِ نَفْسِ الصَّدِيقِ وَالثَّانِي: لِضَرُورَةٍ مَعَهُ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ مَنْ وَجَدَ مَيْتَةً وَمَالًا لِغَيْرِهِ أَكَلَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ وَضَمِنَهُ وَقِيلَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْقَطْعَ فَيَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي أَلْبَانِ الْمَوَاشِي السَّارِحَةِ فَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي بُرْدَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي سَفَرٍ فَكَانُوا يُصِيبُونَ مِنْ الثِّمَارِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ يَأْكُلُ وَلَا يُفْسِدُ وَلَا يَحْمِلُ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَعْنَى أَكْلِ الصَّدِيقِ أَوْ أَكْلِ الْمُضْطَرِّ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَائِطَ لِذِمِّيٍّ لِمَا فِي مَالِهِ مِنْ حَقِّ الضِّيَافَةِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُسَافِرِ يَنْزِلُ بِالذِّمِّيِّ لَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا إلَّا بِإِذْنِهِ قِيلَ لِمَالِكٍ أَفَرَأَيْت الضِّيَافَةَ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَالَ كَانَ يَوْمَئِذٍ خُفِّفَ عَنْهُمْ ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْمُسَافِرِ مِمَّا يَمُرُّ بِهِ مِنْ الثِّمَارِ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَغَيْرِهِمْ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ» قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ الْمَشْرُبَةُ الْغُرْفَةُ الَّتِي يُخَزِّنُ فِيهَا الرَّجُلُ طَعَامَهُ وَقُوتَهُ قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: الْمَشْرُبَةُ هُوَ الْعَسْكَرُ وَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ جَمِيعِ مَا يَطُلُّ مِنْ الْحِيطَانِ مِثْلَ الْخَشَبَةِ فَيَأْتِي أَحَدٌ إلَى تِلْكَ الْمَشْرُبَةِ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا فَيَصْعَدُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَأْتِي خِزَانَتَهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ فَيَكْسِرُهَا وَيَذْهَبُ بِمَا فِيهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَتُكْسَرُ خِزَانَتَهُ فَيُنْتَقَلُ طَعَامُهُ» مَحْضُ الْقِيَاسِ وَتَمْثِيلُ مَا فِي ضَرْعِ الْمَاشِيَةِ مِنْ اللَّبَنِ بِمَا فِي الْخِزَانَةِ مِنْ الطَّعَامِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ قِيَاسَ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ إنَّمَا يَكُونُ لِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الِاخْتِزَانُ.

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا وَقَدْ رَعَى غَنَمًا قِيلَ لَهُ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا» جَاءَ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ عَامًّا لِمَا يَحْتَمِلُ مِنْ التَّخْصِيصِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْعُمُومَ فَبَيَّنَ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصْدَ الْعُمُومِ وَمُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنَّ رِعَايَةَ الْأَنْبِيَاءِ الْغَنَمَ إنَّمَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيمِ وَالتَّدْرِيبِ فِي رِعَايَةِ أُمَمِهِمْ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِيَأْخُذُوا بِحَظٍّ مِنْ التَّوَاضُعِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَلَعَلَّ هَذَا مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي جَعَلَتْ لِأَهْلِ الْغَنَمِ السَّكِينَةَ وَلِذَلِكَ خُصَّ الْأَنْبِيَاءُ بِرَعْيِهَا دُونَ رَعْيِ سَائِرِ الْمَوَاشِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَا جَاءَ فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ وَالْبَدْءِ بِالْأَكْلِ قَبْلَ الصَّلَاةِ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ لَا يَعْجَلُ عَنْ عَشَائِهِ مَعَ سَمَاعِهِ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» وَذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَخْلُوَ بَالُهُ لِصَلَاتِهِ فَلَا يُعْجِلُهُ عَنْهَا وَلَا يَشْغَلُهُ فِيهَا حَاجَتُهُ إلَى الطَّعَامِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْحَابٌ قَدْ وَضَعُوا عَشَاءَهُمْ فَيَشْتَغِلُ عَنْهُمْ بِصَلَاتِهِ فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِهِمْ وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي يَذْهَبُ طِيبُهُ وَيَتَغَيَّرُ إذَا بَرَدَ كَالثَّرِيدِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ.

وَرُوِيَ عَنْ «النَّبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>