للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وُجْهَتِهِ فَلْيُعَجِّلْ إلَى أَهْلِهِ» .

الْأَمْرُ بِالرِّفْقِ بِالْمَمْلُوكِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا يُطِيقُ» مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَذْهَبُ إلَى الْعَوَالِي كُلَّ يَوْمِ سَبْتٍ فَإِذَا وَجَدَ عَبْدًا فِي عَمَلٍ لَا يُطِيقُهُ وَضَعَ عَنْهُ مِنْهُ)

ــ

[المنتقى]

الْفَسَادَ، وَإِذَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ خَرَقَهَا.

وَقَدْ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَنْخُسَهَا حَتَّى يُدْمِيَهَا وَقَوْلُهُ «فَإِنْ رَكِبْتُمْ هَذِهِ الدَّوَابَّ الْعُجْمَ» قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي بِالدَّوَابِّ الَّتِي تُرْكَبُ مِثْلَ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ الْعَجْمَاءُ الْبَهِيمَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّمُ وَكُلُّ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ فَهُوَ أَعْجَمُ مُسْتَعْجَمٌ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «فَإِذَا رَكِبْتُمْ هَذِهِ الدَّوَابَّ الْعُجْمَ فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا» يُرِيدُ اجْرُوهَا عَلَى مَا فِيهِ صَلَاحُهَا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ عَلَيْهَا وَلَا تَقْصِيرٍ عَنْ حَاجَتِكُمْ يُقَالُ: أَنْزَلْت فُلَانًا مَنْزِلَتَهُ أَيْ عَامَلْته بِمَا يَجِبُ فِي أَمْرِهِ وَيَلِيقُ بِحَالِهِ غَيْرَ مُقَصِّرٍ بِهِ وَلَا مُبْلِغٍ لَهُ مَا لَا يَسْتَأْهِلُهُ وَقَوْلُهُ «فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ جَدْبَةً» يُرِيدُ لَا خِصْبَ فِيهَا فَانْجُوَا عَلَيْهَا بِنِقْيِهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَانْجُوَا عَلَيْهَا بِنِقْيِهَا أَيْ أَسْرِعُوا السَّيْرَ وَيُقَالُ: نَجَوْت أَنْجُو نَجَاءً إذَا أَسْرَعْت، وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَى فَانْجُوَا عَلَيْهَا أَيْ اسْلَمُوا عَلَيْهَا مَا دَامَتْ بِنِقْيِهَا، قَالَ مَالِكٌ هُوَ شَحْمُهَا وَقُوتُهَا يُقَالُ نَجَا فُلَانٌ يَنْجُو إذَا سَلِمَ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - اُنْجُوا عَلَيْهَا مِنْ أَرْضِ الْجَدْبِ فَإِنَّكُمْ إنْ أَبْطَأْتُمْ بِهَا فِي أَرْضِ الْجَدْبِ ضَعُفَتْ وَهَزَلَتْ فَلَمْ تَنْجُوَا عَنْ أَرْضِ الْجَدْبِ فَجُعِلَ ذَلِكَ مَعْنًى يُبِيحُ الْإِسْرَاعَ وَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى الْمَخَافَةِ وَإِنَّمَا شُرِعَ الرِّفْقُ مَعَ الْخِصْبِ وَالْأَمَانِ وَعَدَمِ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّعْجِيلِ وَالْإِسْرَاعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وُجْهَتِهِ فَلْيُعَجِّلْ إلَى أَهْلِهِ» .

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - تَعَبَهُ وَمَشَقَّتَهُ وَالتَّأَلُّمَ فِيهِ لِشِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَطَرِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ} [النساء: ١٠٢] وَمَنَعَ مَا يُمْنَعُ مِنْ النَّوْمِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِجَادَتَهُ وَإِصْلَاحَهُ لَيْسَ بِمَحْظُورٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْهُ السَّفَرُ وَأَمَّا وُجُودُهُ فَلَا يَمْنَعُهُ السَّفَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنْ قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وُجْهَتِهِ» يُرِيدُ بَلَغَ مِنْهَا مُرَادَهُ وَمَا يَكْفِيهِ وَمَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فَلْيُعَجِّلْ إلَى أَهْلِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّعْجِيلَ عِنْدَ السَّيْرِ مِنْ تَرْكِ التَّلَوُّمِ وَذَلِكَ نَصٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّعْجِيلَ فِي السَّيْرِ إلَى الْأَهْلِ لِحَاجَتِهِمْ إلَى تَقْوِيَتِهِ وَقِيَامِهِ بِأَمْرِهِمْ وَجُعِلَ ذَلِكَ مِمَّا يُبِيحُ التَّعْجِيلَ فِي السَّيْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[الْأَمْرُ بِالرِّفْقِ بِالْمَمْلُوكِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى مَالِكِهِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَعْرُوفِ يُرِيدُ بِمَا يَلِيقُ بِمِثْلِهِ فِي حَالِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَنَفَاذِهِ فِي التِّجَارَةِ وَالْعَمَلِ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ» وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مِنْ مَالِهِ الَّذِي مِنْهُ يَأْكُلُ وَمِنْهُ يَلْبَسُ وَهُوَ يُعْطِي مِنْهُ عَبْدَهُ كِسْوَتَهُ وَطَعَامَهُ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ لِمِثْلِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ جِنْسَ مَا يُلْبَسُ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ نَصًّا.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا جَاءَ خَادِمُ أَحَدِكُمْ بِطَعَامِهِ فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ لِيَأْكُلَ؛ لِأَنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقْعِدْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>