للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَهُوَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: لَا تُكَلِّفُوا الْمَرْأَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ الْكَسْبَ فَإِنَّكُمْ مَتَى مَا كَلَّفْتُمُوهَا ذَلِكَ كَسَبَتْ بِفَرْجِهَا وَلَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ سَرَقَ وَعِفُّوا إذَا أَعَفَّكُمْ اللَّهُ وَعَلَيْكُمْ مِنْ الْمَطَاعِمِ بِمَا طَابَ مِنْهَا) .

مَا جَاءَ فِي الْمَمْلُوكِ وَهَيْئَتِهِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْعَبْدُ إذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ»

ــ

[المنتقى]

فَلْيُطْعِمْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ» وَهَذَا يَتَنَاوَلُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ» ؛ لِأَنَّ مِنْ قَدْ تَكُونُ لِلْجِنْسِ وَتَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ وَسُئِلَ مَالِكٌ هَلْ يَأْكُلُ السَّيِّدُ مِنْ طَعَامٍ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ الْعَبْدُ وَيَلْبَسُ ثِيَابًا لَا يَلْبَسُهَا الْعَبْدُ؟ قَالَ هُوَ مِنْ ذَلِكَ فِي سَعَةٍ قِيلَ لَهُ فَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ قَالَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ هَذَا الْقُوتُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا يُطِيقُ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فَلَا يُطِيقُونَ الدَّوَامَ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَذْهَبُ إلَى الْعَوَالِي يُرِيدُ عَوَالِيَ الْمَدِينَةِ وَحَيْثُ يَعْمَلُ الرَّقِيقُ فِي النَّخِيلِ كُلَّ سَبْتٍ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَقْصِدُ بِذَلِكَ مُرَاعَاةَ الرَّقِيقِ أَنْ يَأْتِيَ قُبَاءَ يَوْمَ السَّبْتِ فَإِنَّهُ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا وَجَدَ عَبْدًا فِي عَمَلٍ لَا يُطِيقُهُ يُرِيدُ يَشُقُّ عَلَيْهِ وَيَضْعُفُ عَنْهُ خَفَّفَ عَنْهُ يُرِيدُ وَأَبْقَى عَلَيْهِ مِنْهُ مَا لَا يَفْدَحُهُ وَلَا يَكُونُ فِيهِ تَقْصِيرٌ عَنْ حَقِّ سَيِّدِهِ، قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ يَزِيدُ فِي رِزْقِ مَنْ قَلَّ رِزْقُهُ، قَالَ مَالِكٌ: وَأَكْرَهُ مَا أَحْدَثُوا مِنْ إجْهَادِ الْعَبِيدِ فِي عَمَلِ الزَّرَانِيقِ قَالَ وَمَنْ لَهُ عَبِيدٌ يَحْصُدُونَ نَهَارًا لَا يَسْتَطْحِنُونَ لَيْلًا وَأَمَّا الْعَمَلُ الَّذِي لَا يُتْعِبُهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ بِالنَّهَارِ فِي عَمَلٍ مُتْعِبٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ بَيْعُ عَبْدِهِ إذَا اشْتَكَى الْعُزْبَةَ، وَقَالَ قَدْ وَجَدْت مَوْضِعًا أَرْضَاهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ بَيْعُ عَبْدِهِ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ شِرَاءَ عَبْدٍ فَسَأَلَهُ بِاَللَّهِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ قَالَ مَالِكٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتْرُكَهُ وَإِمَّا أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ فَلَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ يَا سَيِّدِي قَالَ مَالِكٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: ٢٥] قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: ٣٩] وَقِيلَ لَهُ يَقُولُونَ السَّيِّدُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ مَالِكٌ أَيْنَ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ إنَّمَا فِي الْقُرْآنِ رَبُّنَا رَبُّنَا.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَهُوَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: لَا تُكَلِّفُوا الْمَرْأَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ الْكَسْبَ فَإِنَّكُمْ مَتَى مَا كَلَّفْتُمُوهَا ذَلِكَ كَسَبَتْ بِفَرْجِهَا وَلَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ سَرَقَ وَعِفُّوا إذَا أَعَفَّكُمْ اللَّهُ وَعَلَيْكُمْ مِنْ الْمَطَاعِمِ بِمَا طَابَ مِنْهَا) .

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُكَلِّفُوا الْأَمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ الْكَسْبَ فَتَكْسِبُ بِفَرْجِهَا يُرِيدُ أَنَّهَا إنْ أُلْزِمَتْ خَرَاجًا وَهِيَ لَيْسَتْ بِذَاتِ صَنْعَةٍ تَصْنَعُهَا بِخَرَاجٍ اضْطَرَّاهَا ذَلِكَ إلَى الْكَسْبِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهَا وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا إلَى أَنْ تَكْسِبَ بِفَرْجِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النور: ٣٣] وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ إذَا كُلِّفَ الْكَسْبَ وَأَنْ يَأْتِيَ بِالْخَرَاجِ وَهُوَ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ رُبَّمَا اضْطَرَّهُ إلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مِمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْخَرَاجِ بِأَنْ يَسْرِقَ، وَقَوْلُهُ عِفُّوا يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عِفُّوا عَنْ الْكَسْبِ الْخَبِيثِ أَيْ اُتْرُكُوهُ وَاصْبِرُوا عَنْهُ إذَا أَعَفَّكُمْ اللَّهُ أَيْ إذَا أَوْجَدَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى السَّبِيلَ إلَى التَّعَفُّفِ بِالْغِنَى.

(فَصْلٌ) :

وَعَلَيْكُمْ مِنْ الْمَطَاعِمِ بِمَا طَابَ مِنْهَا أَيْ بِمَا حَلَّ وَسَلِمَ مِنْ التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهِيَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: ٥١] وَكَانَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُول ذَلِكَ فِي خُطْبَتِهِ لِتَعُمَّ مَوْعِظَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا جَاءَ فِي الْمَمْلُوكِ وَهَيْئَتِهِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْعَبْدَ إذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ» يُرِيدُ حَفِظَهُ وَأَنْمَاهُ وَامْتَثَلَ أَمْرَهُ فِي الطَّاعَةِ وَالْمُبَاحِ وَلَمْ يَخُنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>