للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَمَةً كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَقَدْ تَهَيَّأَتْ بِهَيْئَةِ الْحَرَائِرِ فَدَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ حَفْصَةَ فَقَالَ أَلَمْ أَرَ جَارِيَةَ أَخِيك تَجُوسُ النَّاسَ، وَقَدْ تَهَيَّأَتْ بِهَيْئَةِ الْحَرَائِرِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ) .

مَا جَاءَ فِي الْبَيْعَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: «كُنَّا إذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ»

ــ

[المنتقى]

وَأَحْسَنَ مَعَ ذَلِكَ عِبَادَةَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَهُ أَجْرُ عَامِلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَعَامِلٌ بِطَاعَةِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ.

وَقَدْ رَوَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «وَالْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «ثَلَاثَةٌ لَهُمْ أَجْرُهُمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ ثُمَّ آمَنَ بِي وَالْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَدَّى حَقَّ مَوَالِيهِ وَرَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ أَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا» .

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَمَةً كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَقَدْ تَهَيَّأَتْ بِهَيْئَةِ الْحَرَائِرِ فَدَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ حَفْصَةَ فَقَالَ أَلَمْ أَرَ جَارِيَةَ أَخِيك تَجُوسُ النَّاسَ، وَقَدْ تَهَيَّأَتْ بِهَيْئَةِ الْحَرَائِرِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ) .

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَجُوسُ النَّاسَ مَعْنَاهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - تَتَخَطَّى النَّاسَ وَتَخْتَلِفُ عَلَيْهِمْ مُخْتَمِرَةً بِشَكْلِ الْحَرَائِرِ فَكَرِهَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَلَمْ يَكْرَهْ أَنْ تُرَى وَكَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ الْإِمَاءَ إذَا رَأَى عَلَيْهِنَّ الْجَلَابِيبَ قَالَهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَقِيلَ: إنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُنَّ لَيْسَ فِيهِنَّ خَفَرُ الْحَرَائِرِ وَلَا سِتْرُهُنَّ وَلَا يَلْزَمُهُنَّ ذَلِكَ فَإِذَا لَبِسْنَ ثِيَابَ الْحَرَائِرِ اعْتَقَدَ فِيهِنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُهُنَّ أَنَّهُنَّ مِنْ مُتَبَرِّجَاتِ الْحَرَائِرِ فَمَنَعَ لِهَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا جَاءَ فِي الْبَيْعَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كُنَّا إذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُبَايَعَةُ تَخْتَصُّ بِمُعَاقَدَةِ الْإِمَامِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ} [الممتحنة: ١٢] إلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَبَايِعْهُنَّ} [الممتحنة: ١٢] وَمُبَايَعَةُ الْإِمَامِ إنَّمَا هِيَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ امْتِثَالُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَقُولُ لَهُمْ: فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ» يُرِيدُ مِنْ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن: ١٦] وَأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ مِنْ الْمُكَلَّفِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَرُّزِ مِنْهُ مِنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ «عَنْ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيَّة أَنَّهَا قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نِسْوَةٍ بَايَعْنَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُبَايِعُك عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاَللَّهِ شَيْئًا وَلَا نَسْرِقَ وَلَا نَزْنِيَ وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلَا نَعْصِيَك فِي مَعْرُوفٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ قَالَتْ: فَقُلْنَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا هَلُمَّ نُبَايِعُك يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ إنَّمَا قَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مِثْلِ قَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ» .

(ش) : هَذِهِ الْبَيْعَةُ الَّتِي ذَكَرَتْهَا أُمَيْمَةُ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْمُمْتَحَنَةِ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ} [الممتحنة: ١٢] الْآيَةَ، وَمَا كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِمَكَّةَ مِنْ مُبَايَعَةٍ فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَهُنَّ «فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ» وَقَوْلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَرْحَمُ بِنَا مَعْنَاهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ يُرْفِقُنَا وَيَرْضَى مِنَّا بِمَا بَذَلْنَا مِنْ أَنْفُسِنَا إكْرَامًا مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>