للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ» ) .

الصَّلَاةُ الْوُسْطَى (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ قَالَ أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا ثُمَّ قَالَتْ إذَا بَلَغْتُ هَذِهِ الْآيَةَ فَآذَنِّي {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا فَأَمْلَتْ عَلَيَّ «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ» ثُمَّ قَالَتْ سَمِعْتهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَوْلُهَا كَانَ يُصَلِّي فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ بَيَانٌ أَنَّ آخِرَ جُلُوسِهِ كَانَ حِينَ الْقِرَاءَةِ وَقَوْلُهَا فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً يَقْتَضِي أَنَّ مَا يَقْرَؤُهُ قَبْلَ الْقِيَامِ أَكْثَرَ لِأَنَّ الْبَقِيَّةَ لَا تَنْطَلِقُ فِي الْأَغْلَبِ إلَّا عَلَى الْأَقَلِّ وَقَوْلُهَا قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ قِرَاءَتِهِ فِي الرَّكْعَةِ مُقَدَّرًا عِنْدَ عَائِشَةَ لِتَكَرُّرِ صَلَاتِهِ بِحَضْرَتِهَا وَمَعْرِفَتِهَا بِمِقْدَارِهَا وَمِقْدَارِ تَرْتِيلِهِ لَهَا وَهَذَا هُوَ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِهِ وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ حَالُهُ تَخْتَلِفُ فِي طُولِ الْقِيَامِ وَقِصَرِهِ وَلَكِنَّهُ كَانَ لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْهَا مِقْدَارُ قِرَاءَتِهِ قَائِمًا وَإِنْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ قَاعِدًا تَخْتَلِفُ عَلَيْهَا لِطُولِهَا وَقِصَرِهَا فَتَقَدَّرَ لِعَائِشَةَ مِقْدَارُ قِرَاءَتِهِ حَالَ الْقِيَامِ خَاصَّةً.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهَا ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْجُلُوسِ فِي النَّافِلَةِ بَعْدَ الْقِيَامِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَائِشَةَ إنَّمَا وَصَفَتْ الْمُتَكَرِّرَ مِنْ فِعْلِهِ وَأَخْبَرَتْ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَفْتِحُ الْقِرَاءَةَ جَالِسًا ثُمَّ يَقُومُ لِبَقِيَّةِ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ الْمُتَكَرِّرَ مِنْ فِعْلِهِ وَلَا يَصِحُّ بِجَرْيِ الْعَادَةِ أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهَا الْمَانِعُ فِي أَوَّلِ كُلِّ رَكْعَةٍ وَيَزُولُ فِي أَثْنَائِهَا وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الِاسْتِدَامَةِ لِلصَّلَاةِ وَإِبْقَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنْوِي ذَلِكَ عِنْدَ افْتِتَاحِ نَافِلَتِهِ وَلَعَلَّ أَشْهَبَ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا افْتَتَحَهُ بِنِيَّةِ الْقِيَامِ أَوْ بِإِطْلَاقِ النِّيَّةِ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ فِيمَا نَوَى فِيهِ الْجُلُوسَ بَعْدَ الْقِيَامِ.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَا يُصَلِّيَانِ النَّافِلَةَ وَهُمَا مُحْتَبِيَانِ) .

(ش) : قَوْلُهُ كَانَا يُصَلِّيَانِ النَّافِلَةَ وَهُمَا مُحْتَبِيَانِ يُرِيدُ أَنَّهُمَا كَانَا يَجْلِسَانِ مَوْضِعَ الْقِيَامِ عَلَى صِفَةِ الِاحْتِبَاءِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْجُلُوسَ فِي الصَّلَاةِ مَوْضِعَ الْقِيَامِ لَيْسَتْ لَهُ صِفَةٌ مَخْصُوصَةٌ لَا يُجْزِئُ إلَّا عَلَيْهِ بَلْ يُجْزِئُ عَلَى كُلِّ صِفَاتِ الْجُلُوسِ مِنْ الِاحْتِبَاءِ وَالتَّرَبُّعِ وَالتَّوَرُّكِ وَغَيْرِهَا مِنْ صِفَاتِ الْجُلُوسِ غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا مُحَمَّدٍ رَأَى أَنَّ أَفْضَلَهَا التَّرَبُّعُ لِأَنَّهُ أَوْفَرُ هَيْئَاتِ الْجُلُوسِ إلَّا أَنَّ الِاحْتِبَاءَ مَعَ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَيْسَ فِي احْتِبَاءِ سَعِيدٍ وَعُرْوَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ هَيْئَاتِ الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِهِمَا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّمَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَتَكَرَّرُ مِنْهُمَا وَلَعَلَّهُ كَانَ يَتَكَرَّرُ عِنْدَ السَّآمَةِ لِلتَّرَبُّعِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الصَّلَاةُ الْوُسْطَى]

(ش) : قَوْلُهُ أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَبْلَ جَمْعِ الْقُرْآنِ فِي مُصْحَفٍ وَقَبْلَ أَنْ يُجْمَعَ النَّاسُ عَلَى الْمَصَاحِفِ الَّتِي كَتَبَ بِهَا عُثْمَانُ إلَى الْأَمْصَارِ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْتَبْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَاحِفِ إلَّا مَا وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ وَثَبَتَ بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّهُ قُرْآنٌ فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ يُكْتَبُ مِنْ مَعْنَى التَّفْسِيرِ فَأَجْمَعُوا عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَلَمَّا بَلَغْتهَا آذَنْتهَا إنَّمَا أَمَرَتْ أَنْ يَسْتَأْذِنَهَا لَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تُمْلِيَ عَلَيْهِ زِيَادَةً لَمْ تَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>