للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّخْصَةُ فِي صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ تُصَلِّي فِي الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ)

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُنْقِذٍ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ

ــ

[المنتقى]

[الرُّخْصَةُ فِي صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ]

(ش) : قَوْلُهُ كَانَتْ تُصَلِّي فِي الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ يَقْتَضِي أَنَّهَا كَانَتْ تَقْتَصِرُ عَلَيْهِمَا وَالنِّسَاءُ عَلَى ضَرْبَيْنِ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ فَأَمَّا الْحُرَّةُ فَجَسَدُهَا كُلُّهُ عَوْرَةٌ غَيْرَ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَسْتُرَ جَمِيعَ جَسَدِهَا وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] قَالُوا إنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهَا الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا عُضْوٌ يَجِبُ كَشْفُهُ بِالْإِحْرَامِ فَلَمْ يَكُنْ عَوْرَةً كَوَجْهِ الرَّجُلِ وَسَائِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ جَسَدِ الْحُرَّةِ يَجْرِي مَجْرَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ فِي وُجُوبِ سَتْرِهِ فِي الصَّلَاةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا يُجْزِئُ الْمَرْأَةَ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ فَالدِّرْعُ الَّذِي يَسْتُرُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا وَالْخِمَارُ الَّذِي تَتَقَنَّعُ بِهِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ الثَّوْبِ مِئْزَرٌ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ أَجْزَأَهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ صَلَّتْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُلْتَحِفَةً بِهِ وَسَتَرَ مِنْهَا مَا يَجِبُ سَتْرُهُ وَلَمْ تَشْتَغِلْ بِإِمْسَاكِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ اشْتَغَلَتْ بِذَلِكَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا الْأَمَةُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ يَسْتُرُ الْأَمَةَ فِي الصَّلَاةِ مَا يَسْتُرُ الرَّجُلَ وَعَوْرَتُهَا مِنْ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَسْتُرُ الْمَرْأَةُ فِي الصَّلَاةِ جَمِيعَ جَسَدِهَا.

وَجْهُ قَوْلِ أَصَبْغَ أَنَّ مَا لَا يَكُونُ مِنْهَا عَوْرَةً خَارِجَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْهَا عَوْرَةً فِي الصَّلَاةِ كَالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا امْرَأَةٌ فَكَانَتْ مَأْمُورَةً بِتَغْطِيَةِ جَمِيعِ جَسَدِهَا فِي الصَّلَاةِ كَالْحُرَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّجُلِ أَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِتَغْطِيَةِ جَسَدِهَا إذَا بَرَزَتْ لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ يَفْتِنُ بِخِلَافِ الرَّجُلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ تَخْتَمِرُ فِي بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ وَتُجْزِئُهَا.

وَقَالَ سَحْنُونَ تَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ الْعُرْيَانُ يَجِدُ الثَّوْبَ فِي الصَّلَاةِ.

وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَإِذَا عُدِمَ حِينَ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُهَا وُجُودُهُ كَالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ.

وَوَجْهُ مَا قَالَهُ سَحْنُونَ أَنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ مُسْقِطَةٍ فَإِذَا لَزِمَ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي بَعْضِهَا لَزِمَ فِي جَمِيعِهَا وَلَمَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهَا تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ وَإِنَّ تَرْكَ ذَلِكَ يُبْطِلُ صَلَاتَهَا فَكَذَلِكَ يُبْطِلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَتَمَادِيهَا عَلَى صَلَاتِهَا فَلَمْ تَفْعَلْ جَهْلًا أَوْ لَمْ يُمْكِنْهَا مَنْ يُنَاوِلُهَا خِمَارَهَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُعِيدُ مَا دَامَتْ فِي الْوَقْتِ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يُنَاوِلُهَا الْخِمَارَ وَلَا وَصَلَتْ إلَيْهِ لَمْ تُعِدْ وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى أَخْذِهِ فَلَمْ تَأْخُذْهُ أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ الْعُرْيَانُ.

وَقَالَ أَصَبْغُ لَا تُعِيدُ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ تَرَكَتْ ذَلِكَ عَمْدًا.

وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمَّا اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهَا اُسْتُحِبَّ لَهَا الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الْوَقْتِ عَلَى وَجْهٍ مُجْمَعٍ عَلَى صِحَّتِهَا.

وَوَجْهُ مَا قَالَهُ أَصَبْغُ أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي الصَّلَاةِ بِمَا يَجُوزُ لَهَا فَلَا يُخْرِجُهَا عَنْهَا وُجُودُ مَا عَدِمَتْهُ قَبْلَهَا كَالْمُتَيَمِّمِ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يَجِدُ الْمَاءَ.

(فَصْلٌ) :

فَأَمَّا الدِّرْعُ فَهُوَ الْقَمِيصُ وَالْخِمَارُ مَا تَخْتَمِرُ بِهِ الْمَرْأَةُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَا خَصِيفَيْنِ يَسْتُرَانِ مَا تَحْتَهُمَا فَإِنْ كَانَا خَفِيفَيْنِ يَصِفَانِ مَا تَحْتَهُمَا لَمْ يُجْزِئْ لِأَنَّ السَّتْرَ لَمْ يَقَعْ بِهِمَا وَيُكْرَهُ الرَّقِيقُ الصَّفِيقُ مِنْ الثِّيَابِ لِأَنَّهُ يَلْصَقُ بِالْجَسَدِ فَيَبْدُو حَجْمُ مَا تَحْتَهُ وَفِيهِ بَعْضُ الْوَصْفِ لِمَا تَحْتَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَمِنْ صِفَةِ الْقَمِيصِ أَنْ يَكُونَ سَابِغًا يَسْتُرُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا وَيَسْتُرُ الْخِمَارُ عُنُقَهَا وَقُصَّتَهَا وَدَلَّالَيْهَا وَلَا يُظْهِرُ مِنْهَا غَيْرَ دُورِ وَجْهِهَا وَذَلِكَ أَقَلُّ الْمُجْزِئِ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الْقِيَاسِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ مِئْزَرٌ لِأَنَّهُ أَبْلُغُ فِي السَّتْرِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُنْقِذٍ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاذَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنْ الثِّيَابِ فَقَالَتْ تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابِغِ إذَا غَيَّبَ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>