للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْت عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْهَاجِرَةِ فَوَجَدْتُهُ يُسَبِّحُ فَقُمْتُ وَرَاءَهُ فَقَرَّبَنِي حَتَّى جَعَلَنِي حِذَاءَهُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَمَّا جَاءَ يَرْفَأُ تَأَخَّرْت فَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ) .

التَّشْدِيدُ فِي أَنْ يَمُرَّ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» )

ــ

[المنتقى]

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَصَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ يَقْتَضِي فِي الْأَغْلَبِ أَنَّهَا نَافِلَةٌ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ إنَّمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي مَسْجِدِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةَ الضُّحَى وَقَدْ أَدْخَلَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ سُبْحَةِ الضُّحَى وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى إلَّا مَرَّةً فِي دَارِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ لِيَتَّخِذَ مَكَانَهُ مُصَلًّى وَلَكِنَّهُ يَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّ صَلَاتَهُ فِي دَارِ مُلَيْكَةَ كَانَتْ ضُحًى وَأَنَّهُ لَمَّا اعْتَقَدَ فِيهَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا التَّعْلِيمُ دُونَ الْوَقْتِ لَمْ يَعْتَقِدْهَا صَلَاةَ الضُّحَى.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ لَمْ يَبْلُغْهُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الضُّحَى عِنْدَهُ نَافِلَةً مَحْضَةً نَابَ ذِكْرُ هَذِهِ النَّافِلَةِ عَنْ ذِكْرِهَا وَقَامَ مَقَامَهَا.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْت عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْهَاجِرَةِ فَوَجَدْتُهُ يُسَبِّحُ فَقُمْتُ وَرَاءَهُ فَقَرَّبَنِي حَتَّى جَعَلَنِي حِذَاءَهُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَمَّا جَاءَ يَرْفَأُ تَأَخَّرْت فَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ) .

(ش) : قَوْلُهُ دَخَلْت عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْهَاجِرَةِ فَوَجَدَتْهُ يُسَبِّحُ إدْخَالُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ سُبْحَةِ الضُّحَى يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إمَّا أَنَّهُ أَدْخَلَ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ حُكْمُ هَذِهِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ حُكْمَ صَلَاةِ الضُّحَى فِي أَنَّهَا نَافِلَةٌ مَحْضَةٌ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ هَذَا وَقْتَ صَلَاةِ الضُّحَى عِنْدَهُ وَالْهَاجِرَةُ هُوَ وَقْتُ قُوَّةِ الْحَرِّ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرَقْمَ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنْ الضُّحَى فَقَالَ أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ أَفْضَلُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» .

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَقُمْت وَرَاءَهُ فَقَرَّبَنِي حَتَّى جَعَلَنِي حِذَاءَهُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْإِمَامَةِ فِي النَّافِلَةِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا لَا بَأْسَ أَنْ يَفْعَلَهُ النَّاسُ الْيَوْمَ فِي الْخَاصَّةِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ الْعَامَّةُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بِالنَّفَرِ فِي سُبْحَةِ الضُّحَى وَغَيْرِهَا مِنْ النَّافِلَةِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي غَيْرِ نَافِلَةِ رَمَضَانَ إلَّا إذَا كَانَ النَّفَرُ قَلِيلًا الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَنَحْوَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَثِيرًا مَشْهُورًا وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَقَرَّبَنِي حَتَّى جَعَلَنِي حِذَاءَهُ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَنَّ مَوْقِفَ الْمُصَلِّي بِصَلَاةِ الْإِمَامِ عَنْ يَمِينِهِ فَإِذَا خَالَفَ ذَلِكَ فَمِنْ سُنَّةِ الْإِمَامِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِالْإِشَارَةِ وَأَنْ يُقِيمَهُ عَنْ يَمِينِهِ «وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ قَامَ عَنْ يَسَارِهِ فَأَدَارَهُ عَنْ يَمِينِهِ» .

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَلَمَّا جَاءَ يَرْفَأُ تَأَخَّرْت فَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُؤْتَمَّيْنِ بِالْإِمَامِ يَقِفَانِ خَلْفَهُ وَفِيهِ انْتِقَالُ الْمَأْمُومِ عَنْ مَحَلِّهِ إذَا دَخَلَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ مَنْ يَنْتَفِلُ مِنْ أَجْلِهِ عَنْ ذَلِكَ الْمَقَامِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا يُقِيمُ عَلَى الْوُقُوفِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي لَزِمَهُ الْوُقُوفُ فِيهِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ.

[التَّشْدِيدُ فِي أَنْ يَمُرَّ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي]

(ش) : قَوْلُهُ إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ هَذَا يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ الْمُصَلِّي بِهِ عَاصِيًا.

وَالثَّانِي: لَا يَكُونُ الْمُصَلِّي عَاصِيًا.

فَأَمَّا الَّذِي يَكُونُ الْمُصَلِّي بِهِ عَاصِيًا بِأَنْ يُصَلِّي إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فِي مَوْضِعٍ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَهَذَا قَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَتَى مَرَّ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَقَدْ أَثِمَ الْمَارُّ وَالْمُصَلِّي أَمَّا إثْمُ الْمَارِّ فَلِأَنَّهُ ارْتَكَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>