للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قَالَ لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يُخْسَفَ بِهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ) .

الرُّخْصَةُ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَقْبَلْت رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْت الِاحْتِلَامَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي لِلنَّاسِ بِمِنًى فَمَرَرْت بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْت فَأَرْسَلْت الْأَتَانَ تَرْتَعُ وَدَخَلْت فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ» )

ــ

[المنتقى]

بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ خَيْرًا لَهُ وَعِظَمُ الْإِثْمِ فِي مُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي أَنْ لَا يَقِفَ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَارِّ بِقَدْرِهِ وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ لَكَانَ وُقُوفُهُ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ عِنْدَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يُؤْثِرُهُ عَلَى الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ أَبِي النَّضْرِ لَا أَدْرِي أَقَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ نَصَّ لَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَشَكَّ أَبُو النَّضْرِ فِيمَا ذَكَرَ بُسْرٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْغَرَضُ بِهِ مَعْلُومٌ وَهُوَ التَّغْلِيظُ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَإِشَارَةٌ إلَى عَظِيمِ مَا يَرْتَكِبُهُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قَالَ لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يُخْسَفَ بِهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ) .

(ش) : قَوْلُهُ لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ لَكَانَ أَنْ يُخْسَفَ بِهِ خَيْرًا لَهُ وَمَعْنَى الْخَسْفِ بِهِ أَنْ يُخْسَفَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا وَهُوَ تَهَوُّرُهَا فَيَصِيرُ هُوَ مَعَهَا فِي أَطْبَاقِ الْأَرْضِ فَلَوْ عَلِمَ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي بِمَا عَلَيْهِ لَاخْتَارَ ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ عَلَى إثْمِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ النِّسَاءِ وَهُنَّ يُصَلِّينَ) .

ش كَرَاهِيَتُهُ لِلْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ النِّسَاءِ وَهُنَّ يُصَلِّينَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ يَكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا يَكْرَهُ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّينَ مِنْ الرِّجَالِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ خَصَّ النِّسَاءَ بِذَلِكَ لِدُخُولِهِ إلَى الْمَسْجِدِ وَخُرُوجِهِ مِنْهُ وَهُوَ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ فَكَرِهَ الْمُرُورَ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ إذَا صَلَّيْنَ وَإِنْ كُنَّ فِي طَرِيقِهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدٍ وَلَا يَدَعُ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي) .

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ لَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدٍ لِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنْ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَقَوْلُهُ وَلَا يَدْعُ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ «أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ مَنْ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ» فَيَتَعَلَّقُ الْمَنْعُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي بِالْمَارِّ لِحَدِيثِ أَبِي جُهَيْمٍ وَبِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْأَمْرِ لَهُ بِمَنْعِهِ.

(فَرْعٌ) وَمِنْ بَابِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مُنَاوَلَةُ الشَّيْءِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ وَيَقْطَعُ عَلَيْهِ الْإِقْبَالَ عَلَى صَلَاتِهِ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِهَذَا الْمَعْنَى.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَتَكَلَّمَ مَنْ عَنْ يَمْنَةِ الْمُصَلِّي وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ قَالَ وَحَسَنٌ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُمَا وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ مِمَّا يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ بِمَا يَجْرِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُمَا فَقَدْ صَارَ مُصَلِّيًا خَلْفَهُمَا.

[الرُّخْصَةُ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي]

(ش) : قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي التَّرْجَمَةِ الرُّخْصَةُ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي الرُّخْصَةُ فِي الشَّرْعِ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ لِلضَّرُورَةِ أَوْ لِلْحَاجَةِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي إبَاحَةِ نَوْعٍ مِنْ جِنْسٍ مَمْنُوعٍ وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِاسْتِغْرَاقِ جِنْسِ الْمُصَلِّي وَتَكُونُ الرُّخْصَةُ تَنَاوَلَتْ بَعْضَ أَحْوَالِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ فَتَكُونَ الْإِبَاحَةُ تَنَاوَلَتْ مُصَلِّيًا مَعْهُودًا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهُوَ الْمَأْمُومُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَقْبَلْت رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْت الِاحْتِلَامَ أَيْ قَارَبْته

<<  <  ج: ص:  >  >>